شَكَّلَ السيد محمد باقر الحكيم نموذجا فريدا في العمل الجهادي والسياسي, فلم يشهد المجتمع الشيعي تنظيما سياسي بالمعنى الحديث ويقوده العلماء الا في نهاية الخمسينات عند تأسيس حزب الدعوة وكان السيد باقر الحكيم احد مؤسسيه والذي خرج منه هو وبعض العلماء بعد سنوات قلائل من التاسيس.
مع صعود حزب البعث المجرم, وزيادة التضيق على العلماء عموما, وعلى العاملين في الخط السياسي منهم, انتقل السيد محمد باقر الحكيم الى الجمهورية الاسلامية في ايران, والتي تشكلت حديثا بعد انتصار الثورة الكبرى فيها بقيادة السيد الخميني قدس سره.
بدأ السيد الحكيم قدس سره بتشكيل حركة اسلامية جهادية عقائدية, تأخذ على عاتقها مجابهة عصابة البعث التي حكمت العراق بالحديد والنار, تكللت هذه الحركة بتشكيل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق.
اخذ هذا التشكيل على عاتقة مقارعة الطاغية, وقد ابدى شراسة في مواجهة البعث وعصابة صدام, وتشكل وقتها فيلق بدر بمثابة الجناح العسكري للمجلس الاعلى, وسطر هذا التشكيل اروع الملاحم في التصدي للديكتاتورية.
من أبرز السمات التي تمتع بها السيد محمد باقر الحكيم هو انه كان قائدا سياسيا عالما, فسار بسيرة العلماء من حلم وورع وتقوى والتثبت في الامور, فلم يك دمويا او ظالما او ديكتاتوريا كما يحدث عند القادة السياسيين عادة, بل بالعكس كان مثالا للبساطة والتواضع والرأفة بالمقاتلين وبأبناء التنظيم, وكان يتورع عن البطش, فلم ينفذ المجلس الاعلى اي عملية اذت المدنيين, ولا اذت حتى الجنود المغلوب على امرهم وكان عمل المجلس دفاعيا فقط.
بعد تغيير النظام البائد عام 2003, عاد السيد الحكيم ليمارس دوره الطبيعي في العراق بصفته احد المعارضين للنظام الزائل, وقد ابدى خلال عودته حسا وطنيا عاليا, وحرصا كبيرا على البلد, فلم ينادي بشعارات طائفية, ولا بحسات شخصية, ولا منافع فئوية, وكان همه ان يبني العراق وفق رؤية المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بالسيد السيستاني دام ظله, وقد عمل على ان ينأى بالعراق عن الدخول في صراعات, او فتح جبهات مواجهة تضر بالعراقيين الذي تنفسوا الصعداء لتوهم, واستنشقوا ريح الحرية بعد عقود من الظلم والاضطهاد.
سيرة السيد الحكيم قدس سره وسلوكه الوحدوي لم ترق لاولي النفس الطائفي, واصحاب الاجندات المشبوه, والخطط التقسيمية, لذلك عملوا على ازاحته من المشهد, وحرمان الوطن من هذه الشخصية الفذة التي قَلَّ نظيرها, والتي مارست السياسة الملتزمة, لا سياسة انتهاز الفرص, فاعدوا له سيارة مفخخة, انفجرت بعد خروجه من الصحن العلوي المطهر عقب اداءه صلاة الجمعة, جعلته اشلاء تناثرت تشكو الى الله ما حل بها هو وثلة مؤمنة من محبي اهل البيت عليهم السلام في الاول من رجب 1424 المواق 29 اب 2003.