طلع علينا احدهم يدعى (ابو احمد الكعبي) بمقال نشره بهذا الاسم الذي يختفي به خوف المؤاخذة او التحقير , طلع بمقاله المنشور في موقع كتابات في الميزان بعنوان ” وقفه مع السيد محمد حسين فضل الله ( 2 )” , وكنت اظنه مقالا علميا رصينا يناقش السيد فضل في نظرية فقهية او كلامية او فلسفية او تفسيرية او على الاقل في ارائه السياسية , لم يكن مقاله حتى قريبا من هذا كله ويبدوا ذلك لقلة بضاعته .
بدأ صاحب الكنية (ابو احمد) مقاله بان الجدل مازال يدور حول شخصية فضل الله , وكأن من يشغل الباحثين بافكاره نقضا وابراما يجب علينا شتمه وطمس معالمه , قال المكنى ابو احمد : ” منذ سنوات والجدال يحتدم هنا وهناك حول شخصية فضل الله بين الشيعة انفسهم قبل غيرهم ! رغم صدور (الحوزة العلمية تدين الانحراف) منذ تسعينات القرن المنصرم ورغم اراء العلماء والفقهاء ” .
ويضيف ” ولم يكن فضل الله الشخصية الوحيدة التي اثير حولها الجدل لكن خصوصية فضل الله هو انه متهم بالانحراف عقائديا اما غيره من الاسماء محل الجدل فان مصدر الاتهامات ضدها كانت سياسية وتتعلق بفساد مالي وماشابه ! ولعل اكثر من اثير حوله اللغط والجدل في العراق السياسي كان سماحة السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله .. ومن كان متابعا ومطلعا او قريبا على المرجعية يعلم حقيقة الامر ومصدر تلك التهم والجهات التي تقف خلفها وانتهى المطاف برحيله رضوان الله عليه وبيان سماحة المرجع الاعلى وماورد فيه ….” .
السيد فضل الله منحرف عقائديا عن ابي احمد الكعبي لكنه لم يوضح لنا انحرافه عن الاسلام برمته ام عن عقيدة التشيع , ولم يطرح لنا المعيار الذي يحكم في ضوئه على شخص بالانحراف . هكذا يلقى الكلام لان في النفس شيء من الرجل . هل نحن بحاجة الى تشخيص التوجه السياسي للمدعو ابي احمد بعد دفاعه عن شخصية دينية تتعاطى السياسة بتفاصيلها وضيق دهاليزها , ويلصق دفاعه بالمرجعية ؟ . نحن بدورنا لانتهم من ذكره ونجلّه , ولكن اما شفع للسيد فضل الله موته وذهابه الى ربه من السنة السوء واقلام السوء فتنتهي عن اكل لحمه ميتا كما انتهت عن السيد عبد العزيز برحيله رحمه الله ؟ .
وليؤكد نقمة المرجعية في النجف الاشرف على السيد فضل قال ان المرجعية لم تعزي احدا بوفاته بينما عزت ” الزعماء الكرد لمناسبة تفجير في مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني …” ويضيف ” بل ارسل سماحة المرجع الاعلى برقية تعزية للامين العام للامم المتحدة لمناسبة اغتيال سيرجيو ديميلو مبعوث الامم المتحدة في العراق ! ” . لقد تناسى ابو احمد وهو في غمرة النشوة بموت السيد فضل الله ان بعض من في الحوزة سبق ان فرح باعدام السيد محمد باقر الصدر , وفيها من كان يحرض على اعدامه ويصور لنظام صدام بان الصدر خميني العراق , وفي الحوزة من كان يسخر من الفكر العميق في كتابي الصدر ” فلسفتنا ” و ” اقتصادنا ” فكان يطلق عبارة ” عبائتنا وعصاتنا ” , فكون النجف لم تعز برحيل السيد فضل الله لا يضير الراحل شيئا , وهذا كان متوقعا لان السيد ليس من خط ” كل راية قبل ظهور القائم راية ضلالة ” وانما كان من خط يعمل على بث الوعي السياسي والاجتماعي في الاوساط الشابة , وهو الخط الذي اخرج شيعة لبنان من دائرة الخدم في قصور السياسيين اللبنانيين الى رقم يحسب له الف حساب في معادلة الحكم في لبنان , وشتان بين الخطين .
ويضيف المكنى ابو احمد بان السيد فضل الله ” لم يهتم لامره سوى الاحزاب السياسية والشخصيات المرتبطة بالسياسة او من تحوم حولهم ذات الشبهات التي تسببت بادانة فضل الله وحكمت بانحرافه من قبل ! ” . ابو احمد منزعج جدا من السياسة واحزابها وبالتالي لاقيمة لها بينما حكمتنا الاحزاب السنية منذ مطلع القرن العشرين حتى عام ( 2003 ) لانها تنظيم مقابل فوضى , ومراحل عمل مقابل لاهدفية ولا تخطيط , وهكذا اعتبر ابو احمد كل من يلهج بذكر فضل الله مشبوها منحرفا عن الدين والمذهب , ويمضي في تقيء سوئه فيعتبر حزب الدعوة الاسلامية بقيادته وجماهيره ومؤسسه وشهدائه وسجنائه كلهم معاديا للحوزة ولخطها العقائدي لا لشيء سوى ان الحزب يستأنس ببعض اراء السيد فضل الله وبعض الدعاة يقرأون بعض كتبه لما تحمله من فكر تنويري يلامس مشاكل الامة وقضاياها كما يقراون للشيخ شمس الدين والامام الخميني ومطهري مع ان الدعاة كانوا يصنفون في ايران على السيد الخوئي لانهم لا يقولون بولاية الفقيه وقد لاقوا ما لاقوا جراء ذلك .
يبدوا ان الرجل ومن يقف خلفه يستعدون لتحطيم وتسقيط شخصية جديدة لم اتبين من هي هذه الشخصية ولكن ابا احمد يقول صريحا : ” اعتقد ان الامور باتت اكثر وضوحا بموت فضل الله ويبدو انهم قد أستعانوا بمدعي جديد يحل محل السيد فضل الله !! ” .
ملاحظة :
وجه جمع من فضلاء الحوزة في قم رسالة الى اية الله العظمى الشيخ حسين نوري الهمداني حول ما اشيع عن فضل الله , وبدوره ارسل الشيخ الهمداني رسالة الى السيد فضل الله مستفسرا عن جملة من الاشكالات المثارة وبعد تلقيه جواب رسالته اعلن الشيخ الهمداني ما نصه : ان شخصية ووجود اية الله السيد محمد حسين فضل الله من الاهمية بمكان , وانني اعلن عن كمال اسفي لما نسب اليه من اشكالات ” واضاف في رسالته ” ونظرا لكونه عالما عاملا وفقيها داعيا ومجتهدا بصيرا , ونظرا لتاكيده على كل عقائد الشيعة الامامية فانني ارى من اللازم احترام سماحته واكرامه ” . ( جعفر البحراني , مرجعية المرحلة ص358-359 ) .