لأسرة آل الحكيم الطباطبائية، أثر بالغ في المرجعية الشيعية، أسسه آية الله محسن الحكيم. كانت البداية برفقة الحكيم للمجتهد والشاعر محمد سعيد الحبوبي (قتل 1915) في الجهاد ضد الإنجليز، ثم برز بعد وفاة أستاذه محمد حسين النائيني (1936)، وسلسلة من المراجع الكبار بداية من أبي الحسن الأصفهاني (1946)، ومحمد رضا آل ياسين (1950)، ومحمد حسين كاشف الغطاء (1954). وبعد وفاة حسين الحمامي (1959)، وعبد الهادي الشيرازي (1962) «ثنيت له وسادة» المرجعية العليا بالنجف، رغم وجود الموازي في المكانة الفقهية مثل أبي القاسم الخوئي. وحسب مذكرات الشيخ هاشمي رفسنجاني (حياتي، ص 148)، إثر وفاة حسين البروجردي (1961)، أبرق شاه إيران إلى الحكيم معزياً، اعترافاً له بالمرجعية العليا، على الرغم من وجود المراجع الموازين بقم والنجف. قيل إن الشاه أراد بهذه الحركة إبعاد مركز المرجعية إلى العراق، وإبعادها في الوقت نفسه عن عبد الهادي الشيرازي غير المريح له.
وبعد وفاة الحكيم (1970)، لم يتقدم نجله الأكبر آية الله يوسف إلى تولي مهام المرجعية. ذلك لوجود الأعلم والأقدم وهو الخوئي. وكان رده البليغ أن أغلق باب داره بوجه الداعين لمرجعيته. وبعد نقل السلطة الدينية عن آل الحكيم، ظلت الأسرة في مقدمة الأحداث، لما لها من علاقة بتأسيس العمل الحزبي الشيعي، ووجود السيد مهدي الحكيم محرضاً من خارج العراق ضد نظام البعث، بعد اتهامه بالتجسس والحكم عليه بالإعدام. وجاء في «أساطين المرجعية العليا»، أنه عند مشاركة أحمد حسن البكر في تشييع جثمان الحكيم الأب، هتف المشيعون: «سيد مهدي مو جاسوس اسمع يالريس».
قُتل من آل الحكيم العشرات، وآخر قتلاهم كان آية الله محمد باقر، ولم يبق من تلك الوجوه، التي زانت الحوزة الدينية بعلمها، وملأت العمل السياسي المعارض بتحركها غير السيد عبد العزيز الحكيم، الذي تولى مهام رئاسة المجلس الأعلى، بعد إعلان أخيه محمد باقر، حال عودته التفرغ للمرجعية بالنجف. وكان محمد باقر يفكر في استعادة منزلة الأسرة الحوزوية، مع الحرص على وجودها في الهم السياسي ومن مركز السلطة، فعبد العزيز أصبح عضواً في مجلس الحكم، ورئيساً في دورة من دوراته. وأول إجراء له هو تحقيق رغبة الوالد القديمة بإلغاء قانون الأحوال الشخصية، وإعادة سطوة الفقيه، التي خفف منها هذا القانون إلى حد ما، بينما ضمن القانون وحدة قانونية تساعد على تأكيد وحدة العراق. عموماً ان التفكير في الجمع بين السلطتين، الدينية والدنيوية، بهذه الطريقة هو تحقيق شكل من أشكال ولاية الفقيه.
وبعد خسارة أسرة آل الحكيم عميدها، لحظة تركه محراب الصلاة في الروضة الحيدرية، أُعلن عن تأسيس منظمة «شهيد المحراب». وأخذ يبرز عن طريقها نجم رئيسها الشاب صاحب العمامة السوداء عمار عبد العزيز الحكيم، ومن يومها أصبح لا يغيب عن محفل سياسي أوديني، يصرّح ويخطب، ويحضر مؤتمرات الخارج، ليس نيابة عن والده أو عن جهة معينة، بل يفهمك من خطابه أنه يمثل نفسه، ويُعد لدور قيادي موعود. وعرف الحكيم الحفيد بنفسه ذاباً عن انحداره العراقي: «أنا عمار الحكيم، كنت من أولئك الأشخاص، أعيش في إيران. رجعت إلى وطني. كنت صغيراً حينما ذهبت، ولا أعرف أين هي جنسيتي؟ فراجعت الدائرة وطلبتها. وبعد أن راجعوا دفاتر النفوس، وتأكدوا من الاسم والخصوصيات، حصلت على الجنسية العراقية. أنا لست إيرانياً».
عاد عمار إلى العراق، الذي غادره طفلاً، محتفظاً بلسان عربي فصيح، لا تخالطه لكنة إيرانية أو ملائية، مثلما هي واضحة على العديد من الزعامات الدينية. وكان من القلائل بين آلاف الأطفال العراقيين من الذين نشأوا في المهجر الأوروبي أو الإيراني، احتفظوا بلسانه العربي. ونستغرب إذا قارنا خلو لغة ولكنة الحكيم من أي أثر إيراني بمَنْ لم يغادر العراق، ولم تحم حوله تهمة الأعجمية، ويتصدى للزعامة أيضاً. وربما سلامة الخطاب ودماء الشباب جعلا بعض الإسلاميين يتمنون أن يكون عماراً خلفاً لعمه في زعامة المجلس الأعلى.
مَنْ يراقب نشاط عمار الحكيم، عبر وسائل الإعلام، يجده إما يخطب في مؤتمر للتبليغ، أو يعظ أمام حشد نسوي ملحف بالسواد من أجل تطبيق الشريعة في الدستور، أو يترأس وفداً إلى خارج العراق. زار الفاتيكان مشاركاً في تنصيب البابا الجديد، سوية مع سفير العراق هناك البرت يلدا. ولنا أن نحسبها رداً على زيارة وفد الفاتيكان بالمواساة بوفاة الجد، يوم شق القساوسة بثيابهم الدينية الزاهية شوارع النجف. ولم ينس عمار، وهو يخطب في مؤتمر الوحدة الإسلامية إلى جانب رفسنجاني بطهران، أن يُشيد بالصحوة الإسلامية. قال: «وقد تفاجأ العالم وتفاجئنا نحن من مستوى الصحوة». وأن يصف هناك أميركا بالمحتلة، وأن يختم خطابه بالدعاء «لولي أمر المسلمين»، ويعني مرشد الثورة آية الله علي خأمنئي.
تورط عمار الحكيم في تصريحات كادت تعصف بالعلاقة بين الأكراد والشيعة، عندما اعتبر في إحدى خطبه «كركوك» عراقا مصغرا، وهي لكل العراقيين. زار إثرها رئيس الجمهورية جلال الطالباني معتذراً لتأويل كلامه، ولما قال: تكون تسمية البلاد «جمهورية العراق الإسلامية الفيدرالية»، جاء الرد سريعاً من الدكتور فؤاد معصوم، رئيس التحالف الكردستاني: «جمهورية العراق اتحادية، وليست عربية أو إسلامية».
عائلة السادة أل الحكيم من العوائل العلمية في النجف الأشرف ويعتبر عميدها سماحة السيد محسن الحكيم من أبرز الشخصيات الوطنية في العراق ولعب دورا وطنيا مشرفا خلال حياته الشريفة ومواقفه الوطنية جعلت له حضورا وتأثيرا في نفوس جميع العراقيين وبمختلف طوائفهم. فهو أول من أفتى بحرمة حرب الأكراد وحرمة الأنتماء للشوعية. هذه المواقف الوطنية وغيرها جعلت البعثيين يعتبرونه عدوهم الأول بعد استيلائهم على السلطة في بغداد عام 1968 وهناك شواهد كثيرة على ذلك واستمرت الحرب على هذه الأسرة الطاهرة بعد وفاة السيد الحكيم وبشكل فظيع حيث اغتال و أعدم نظام البعث 40 شخصا من أل الحكيم فيهم المجتهد والأكاديمي والطالب، ومنهم أربعة من أولاد السيد محسن الحكيم. ونحن هنا لا نريد أن نذكر فضل هذه الأسرة الكريمة فهذا أمر لايختلف عليه اثنان ولكن بمناسبة الحديث عن السيد عمار أود أن أذكر سماحة السيد عمار الحكيم أن هذا الأثر الطيب للسادة أل الحكيم بحاجة إلى تواصل وأنتم امتداد طيب لهذا النبع الطاهر فعليكم الاستماع والإصغاء والقبول بآراء عموم المجتمع الذي ينظر إليكم باعتباركم نخبا دينية وسياسية عريقة قدمت ما قدمت من تضحيات في سبيل الإسلام والحرية، فيعز علينا أن نرى منكم موقفا فيه خدش أو ثلم لا سمح الله لهذا الصرح الثمين. يجب أن تكون جميع أفعالكم بمستوى أبائكم ونحن نحاول أن نعيد بناء الإنسان العراقي الذي حاول نظام الفساد والظلم أن يحرف مساره المعروف. نحن نريد أن نأسس من جديد دولة القانون والنظام يكون الجميع فيها سواسية، لا دولة الامتيازات والتجاوز على القانون. أبناء العراق وأنتم في مقدمتهم عانوا كثيرا من الظلم والجور وكل ذلك مرده الى ركن القانون جانبا والتجاوز عليه. أنا هنا أحاول أن أنبهكم ومن قلب محب لكم أن ما يحصل من تجاوزات من قبلكم على أملاك الدولة ومرافقها في محافظة النجف وفي مقدمتها الاستيلاء على مديرية بلدية النجف وغيرها من أملاك الدولة فيه إساءة كبيرة لمقام السيد الحكيم وكذلك شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، فيا مولاي إن مكان السيد محمد باقر كبير في قلوب ابناء العراق ولا يكبر بالتجاوز على ما يحيط به من أملاك البلدية وهل تعلم كم ترك هذا من أثر سلبي في نفوس أبناء النجف وهم يرون أن التجاوز يعود مرة أخرى وممن من السيد عمار. أنتبهوا لما يصدر عنكم ولا تكرروا أخطاء من سبقكم فالخطأ واحد مهما كان مصدره ونحن نتابع أعمالكم ونأمل أن تطابق أقوالكم ودمتم سالمين.
العرب الشيعة عموما وعائلة الحكيم مواقفهم كانت ايجابية مع الكرد والقضية الكردية. والأكراد لا ينسون فتوى السيد محسن الحكيم بتحريم محاربة الأكراد في كردستان عندما طلبت منه الحكومة ذلك. وكذلك كانت للسيد باقر الحكيم علاقات طيبة مع الأكراد وزعمائهم…لكن في الآونة الأخيرة بدر من الزعماء الشيعة وخاصة الجعفري وجماعة الصدر وآخرهم عمار الحكيم بوادر ومواقف سلبية تجاه الكرد وهو ما غير نظرة الكرد عنهم. الأكراد والشيعة كانوا مضطهدين من قبل الأنظمة العراقية وخاصة حزب البعث الذي حاربهم بالحديد والنار. وكان صدام لا يفرق بينهم أي بين الكرد والشيعة من حيث ظلمه. لكن بعد الانتخابات وتسلم بعض القيادات الشيعية لمناصب الحكومة ورئاسة الوزراء بدأوا أسلوبا جديدا تجاه الكرد أقل ما يقال عنه إنه تنصل من كل ما وعدوا به أو ما كانوا يقولونه في المعارضة. إن ما يجمع الأكراد والشيعة في العراق هو الغبن التاريخي الذي لحق بهم، وكذلك مشاركتهم في الوطن الواحد والدين الواحد، لهذا نرجو من قياديي الشيعة وكذلك من اخواننا الشيعة ككل أن يبتعدوا عن كل ما يسيء الى العلاقات الطيبة التي كانت بينهم لكي لا تشرخ تلك العلاقة التاريخية ولكي لا يحصل مالا تحمد عقباه في العراق الجديد الديمقراطي الفدرالي، لأن الأكراد والشيعة الآن هما صماما الأمان للعراق بيدهم صيانة بنيان العراق أو هدمه…ونرجو أن لا يعكر صفو تلك العلاقات التاريخية بين أبناء الوطن أي شيء وذلك لمصلحة أجيالنا القادمة والتي تنتظر كل الخير والسعادة والمستقبل الزاهر في عراق المستقبل.
تضحيات أل الحكيم معروفة لاغبار عليها وعائلة الحكيم من العوائل النجفية التي لعبت دوراً كبيراً على الساحة الدينية والسياسية وهم تصدوا للكثير من المسؤوليات في أحرج الأوقات وأصعبها.وعمار الحكيم يمثل الأمل الكبير لهذه العائلة فاعتقادي الشخصي انه اكثر جدارة من والده عبد العزيز الحكيم وهو اقرب لنا نحن الشباب من غيره ، كذلك أعتقد انه يستطيع ان ينفتح على الآخرين بحرية أكبر وبدون معوقات أعلم أنه لازال شابا لكن نتمنى خلال فترة سيتصدى للعلم السياسي وسيكون الشخص الاول في آل الحكيم.
تظل أزمة نتائج الانتخابات العراقية قائمة، رغم إعلان المفوضية العليا للانتخابات الانتهاء من إجراءات النظر في الطعون وفرزها يدويا، ومطابقة تدقيق جميع أوراق الاقتراع في المحطات المطعون فيها، باستثناء الأوراق الباطلة التي رفعت إلى الهيئة القضائية للبت فيها، وهو الأمر الذي دفع بعض السياسيين لطرح مبادرات لإخراج العراق من مرحلة عنق الزجاجة.
وتعد مبادرة عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة (تحالف قوى الدولة) الخاسر للانتخابات، أولى المبادرات المقدمة بهدف توزيع المناصب في الحكومة والبرلمان بين كافة التيارات السياسية العراقية.
وطالب الحكيم من مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق، جميع القوى السياسية المتقبلة للنتائج والرافضة لها والتيارات السياسية الكبرى والناشئة والمستقلة، بوضع “صيغة تفاهم” لإعادة التوازن للعملية السياسية وفقا لاتفاق وطني جامع بآليات وتوقيتات محددة.
وقال الحكيم إن “المبادرة بحاجة لوعي وتضحية من جانب كافة الأطراف، من دون الإضرار بحق الفائزين أو القفز على مطالب الخاسرين، من أجل تجاوز حالة الاحتقان السياسي الراهن”، مشددا على “أهمية الالتزام بآليات الاعتراض السلمية والحوار الوطني المستقل دون التدخلات الخارجية بكافة أنواعها وأطرافها، مع وضع معايير واضحة لحل الخلافات المتوقعة أثناء وبعد تشكيل الحكومة“.
وتنص المبادرة على تقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان، بحيث يحظى المتصدرون في الانتخابات بالحكومة، والخاسرون بالبرلمان، مع التصويت على ورقة الاتفاق الوطني كأول قرار برلماني في جلسته الرسمية الأولى.
وأشارت مصادر عراقية إلى أن الورقة تتضمن إلغاء قانون الانتخابات الحالي وحل مفوضية الانتخابات، مع إجراء انتخابات مبكرة بعد عامين واختيار رئيس حكومة توافقي وعدم المساس بالحشد الشعبي، الذي خسر الانتخابات.
وشدد الرئيس العراقي برهم صالح على أن بلاده تشهد منعطفا حاسما للاعتراض على نتائج الانتخابات، معربا عن أمله في خروج النتائج مقبولة قانونيا ودستوريا لإعادة ترتيب وتشكيل حكومات فاعلة تلبي تطلعات العراقيين.
ويرى مراقبون أن بنود المبادرة تميل لصالح التيارات المعترضة على نتائج الانتخابات، خاصة أنها مقدمة من قبل الحكيم أحد ممثلي “الإطار التنسيقي” الذي يضم التيارات الشيعية الخاسرة في الانتخابات، مؤكدين على تعقد المشهد مع اقتراب حسم الاعتراضات على النتائج.
وتباينت ردود الفعل بشأن المبادرة، حيث طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الفائز بالانتخابات، القوى السياسية بالانتظار لقرار المحكمة الاتحادية المتعلق بالنتائج، والانطلاق من بعدها في أطر وحلول دستورية “من دون النظر لمبادرات فردية تعرقل مسيرة العملية السياسية وتشكيل حكومة أغلبية وطنية”، مؤكدا على أن “العراق أمام خيارين: حكومة وحدة وطنية أو معارضة وطنية، وعلى الراغبين في المشاركة محاسبة المنتمين لهم من الفاسدين“.
بينما أكد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن تشكيل الحكومة لا يمكن أن يتم من دون توافق وطني، وأعلنت قوى في الإطار التنسيقي ترحيبها بالمبادرة استنادا على أنها مخرج من الأزمة الراهنة.
وفي الوقت نفسه، لم تتبنّ القوى السنية والأحزاب الكردية أي موقف نحو مقترح الحكيم، انتظارا لقرار المحكمة والمفاوضات المستمرة لتشكيل الحكومة المقبلة بقيادة الصدر.
ويعتبر الباحث السياسي الاقتصادي العراقي نبيل جبار العلي، أن مبادرة الحكيم “إعادة لتوافقات سابقة بين القوى السياسية كمحاولة لإرضاء الجميع، بغض النظر عن نتائج الاستحقاق الانتخابي الأخير، مما يجعل الحكومة المقبلة نموذجا مقاربا للحكومات المشكلة بعد عام 2003، وهو الأمر الذي يرفضه الشارع العراقي والتيار الصدري المتصدر للانتخابات، ويتوافق مع الإطار التنسيقي الشيعي الذي ينظر للعملية الانتخابية على أنها مزورة“.
ويوضح العلي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الأزمة الحالية هي أكثر عمقا من قضية محاصصة المناصب الحكومية، وربما تتعلق بأزمة ثقة بين مكونات البيت السياسي الشيعي”، مشيرا إلى أن “تطورات الأحداث في السنة الأخيرة هو استهداف كل طرف للآخر، لذا يصعب تنازل أحد الأطراف عن دفة السلطة“.
ويرى أستاذ الإعلام الدولي في الجامعة العراقية فاضل البدراني، أن “المقترح جاء نتيجة قراءة دقيقة لزعيم تيار الحكمة للمشهد العراقي والمزاج السياسي لجميع التيارات السياسية، وطبيعة الإشكالية العراقية التي تشوب العملية السياسية وتشكيل الحكومات منذ 18 عاما“.
ويؤكد البدراني لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الحل الوحيد الذي تركن له كافة الكتل السياسية هو إشراك الرابح والخاسر في الحكومة المقبلة من دون إقصاء أحد، ومراعاة أن تكون نسبة تمثيل القوى الرابحة في الحكومة أكثر من باقي القوى السياسية“.
كما يرجح المحلل السياسي العراقي صالح لفتة، أن “مبادرة الحكيم ستصبح جزءا من الحل أو بداية لحلحلة المشهد الراهن المعقد، كونها المبادرة السياسية الأولى التي تطرح من قبل شخصية معتدلة تتمتع بقبول ولها صوت مسموع من كافة المكونات والكتل العراقية“.
ويؤكد لفتة في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “المبادرة هي الأنسب للوصول إلى توافق بين جميع التحالفات وتجنيب العراق سيناريوهات سيئة في حال انفراد أي كتلة بالحكومة”، مشددا على أن “الجميع لن يقبل بتمثيل المعارضة، مما يؤكد على أن الحكومة المقبلة لن تشكل إلا عبر تلك المبادرات التي تدعو جميع الأطراف للمشاركة في القرار السياسي والحكومي“.
وخلص اجتماع صالح مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الخميس، إلى “أهمية توحيد الصفوف والحوار وحماية المسار الديمقراطي، والتأكيد على حسم الشكاوى والطعون الانتخابية وفقا للقانون، بما يعزز الثقة في العملية الانتخابية، وأن تكون مخرجاتها قانونية ودستورية“.
كما تضمن الاجتماع طرح مبادرة تنص على مبادئ أساسية لحل الوضع الحالي، والانطلاق لتشكيل حكومة فاعلة تحمي المصالح العليا للبلاد وتستجيب للتحديات والاستحقاقات الوطنية.
أثارت المبادرة التي أطلقها رئيس تيار الحكمة في العراق، عمار الحكيم، جدلا واسعا في الأوساط الشعبية والسياسية، وذلك مع قرب إعلان مفوضية الانتخابات حسم الطعون في النتائج المقدمة ضدها.
وما زالت الخلافات ”مشتعلة“ حيال نتائج الانتخابات التي أجراها العراق، في العاشر من الشهر الماضي، خاصة من قبل الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة، حيث يعتصم أنصارها قرب المنطقة الخضراء، منذ أسابيع.
وأطلق الحكيم، مبادرة سياسية لجمع الفائزين والخاسرين، على طاولة واحدة.
ودعا عمار الحكيم في بيان إلى ”مبادرة وطنية سياسية موسعة، تجمع القوى الفائزة على مستوى المقاعد أو الأصوات، مع القوى المتقبلة للنتائج أو المعترضة عليها“.
وتنص المبادرة على ”اعتبار الدم العراقي خطًّا أحمر لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع، فضلا عن الالتزام بالحوار الوطني المستقل بعيدا عن التدخلات الخارجية بأنواعها وأطرافها كافة“.
وحث رئيس تيار الحكمة على ”إبداء أعلى درجات المرونة والاحتواء والتطمين للأطراف المشاركة في التفاوض، واحترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة أو المعارضة أو الممانعة حكوميا أو برلمانيا“.
وعبّرت أوساط عراقية، عن استغرابها من طرح مبادرة تجمع الفائزين والخاسرين، وإرضاء الأحزاب المعترضة على النتائج، فيما رفضت كتل سياسية فائزة هذا المسار، وأكدت أحقيتها بتشكيل الحكومة.
كما أكد ناشطون أن تلك المبادرة، ستساوي بين الأحزاب الخاسرة والفائزة، وتفضي في نهاية المطاف إلى ”حكومة توافقية“ يشترك فيها الجميع، ويحصل على المكاسب السياسية منها.
لكن قياديّا في تيار الحكمة الوطني، أكد أن ”إطلاق المبادرة، جاء لتطويق الأزمة، وهي ليس بالصورة التي فهمها الجميع، على أنها ستعطي الخاسرين الحق في تشكيل الحكومة، لكن روح هذه المبادرة هي: عدم تأجيج الوضع، وتطمين الجهات الخاسرة، وحتى تحييدها، إذ لا يمكن تجاهل نتائج الانتخابات، والجلوس إلى طاولة مستديرة يحضرها الجميع“.
وأضاف القيادي _الذي رفض الكشف عن اسمه_ في تصريح لـ“إرم نيوز“، أن ”تصاعد الخلافات تسبب بقلق شعبي وسياسي، خاصة أن الجهات الفائزة والخاسرة كلها تحمل السلاح، ولديها مجموعات مسلحة؛ ما يجعل الوضع العراقي، قابلا لأي صدام مستقبلي، وهو ما دعا إلى تبني مشروع سياسي يوازي المسار القانوني“.
ولفت إلى أن ”الحكيم بدأ بحوارات جدية مع الكتل السياسية، والتقى اليوم الأربعاء، برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، في أربيل، لإمضاء تلك المبادرة“.
وواجه الحكيم انتقادات واسعة، بسبب تبنيه تلك الخطوة، باعتبارها تمنح الجهات الخاسرة، حق المشاركة في الحكومة المقبلة.
وإن ”مبادرة السيد عمار الحكيم هي عبارة عن التفاف واضح على المخرجات الديمقراطية لصناديق الاقتراع، تؤدي بدورها إلى المزيد من ازدراء الدستور والقوانين النافذة، والتشبث بمبدأ التقاسم السلبي للخاسرين المستحوذين“.
إن ”المشكلة في ورقة عمار الحكيم والتي لا أدري لماذا أُطلق عليها مبادرة أنها لا تراعي بأي شكل حظوظ الفائزين، وتعتقد أن محاولة هؤلاء تشكيل حكومة دون مشاركة الإطار التنسيقي خطأ سيؤدي إلى خلل في التوازن السياسي، لو كان لكم ثقل سياسي ما خسرتم الانتخابات.. الصناديق قالت كلمتها“.
ونصت المبادرة ،أيضا، على ”رفع الفيتوهات المسبقة وعقلنة سقوف التفاوض من قبل جميع الأطراف، وتقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان المقبل من حيث تمكين الفائزين في الحكومة والمعارضين والممتنعين أيضا، في البرلمان لإيجاد حالة من التوازن السياسي“.
من جهته، قال القيادي في التيار الصدري، عصام حسين إنه ”يجب معرفة مكونات الطاولة المستديرة قبل عقدها، كما لا نعرف من سيتحمل مسؤولية الحكومة المقبلة عند الجلوس إلى هذه الطاولة، إضافة إلى أن مخرجاتها ستكون مشابهة للوضع السابق، إذ ستنتج حكومة توافقية وتبقى الأزمات ذاتها“.
وأن ”الانتخابات انتهت، ومن الطبيعي أن يكون هناك فائز وخاسر، لذا لا حاجة لإرضاء الآخرين خوفا من حدوث حرب أهلية“، مؤكدا ”ضرورة أن تكون الحكومة مبنية على الأغلبية الوطنية، حتى وإن كانت طاولة مستديرة أو غير ذلك، ومَن كان قادرا على تشكيل مثل هكذا حكومة فهو مرحب به، حتى وإن كان خارج التيار الصدري“، على حد قوله.
وأن ”المبادرات أثبتت جدواها في العملية السياسية العراقية، خلال السنوات السابقة، وحلّت الكثير من الأزمات؛ ما يعني أنها حالة صحية، ولا ينبغي القلق منها أو انتقادها“.
أن ”ما يجب فعله، هو منح الفائز حق تشكيل الحكومة، وتعزيز الاتفاقات بين الكتل السياسية، دون الإضرار بأي طرف سواء أكان الخسارين أم الفائزين“، لافتا إلى أن ”العملية السياسية في العراق قائمة على التوافقات والمبادرات، وليس على أسس القوانين ونتائج الانتخابات“.
تأتي هذه التطورات في وقت تقترب فيه مفوضية الانتخابات من إعلان نتائج الطعون المقدمة ضد بعض المحطات؛ ما يعني الانتقال إلى المرحلة الأخرى، ألا وهي تشكيل الحكومة.