تناقلت وسائل الإعلام دعوة رئيس مجلس النوّاب العراقي الدكتور سليم الجبوري , الكتل السياسية لترشيح ممثلين عنها لتشكيل لجنة لتعديل الدستور خلال مدة أقصاها سبعة أيام , وقد حاولت جاهدا أن اصل إلى حقيقة ومغزى هذه الدعوة والغاية منها , فلم أصل سوى إلى نتيجة واحدة ,هي الاستمرار في مسلسل استغفال الشعب والضحك عليه بمزيد من الأكاذيب , فسليم الجبوري الذي يحمل شهادة الدكتوراه بالقانون ليس مغفلا ويعلم جيدا أنّ تعديل الدستور الحالي هو أمر مستحيل ولا يمكن تحقيقه , فالفقرة رابعا من المادة 142 من الدستور قد حكمت على هذا الدستور بعدم إمكانية تغيير أو تعديل أي مادة من مواده , ويعلم أنّ شرط عدم اعتراض ثلثي ثلاثة محافظات لا يمكن تحقيقه في ظل هذا الظرف السياسي وفي ظل هذا الانقسام المجتمعي الذي يمرّ به البلد .
فإذا كان الجبوري يعلم علم اليقين أنّ تعديل الدستور مستحيل وغير ممكن , فما الذي دفعه للدعوة لتشكيل لجنة لتعديل الدستور وهو يعلم أنّ هذه اللجنة كان المفترض ان تتشّكل وتنجز هذه المهمة بعد أربعة أشهر من التصويت على الدستور وفق ما جاء بالفقرة أولا من المادة 142 ؟ , ولماذا لا يدعو الشعب للاستفتاء على إلغاء هذا الدستور بالكامل والدعوة لكتابة دستور جديد للبلاد بأياد غير الأيادي كتبت هذا الدستور المسخ ؟ , وبتصورات بعيدة عن تأثير المرجعيات الدينية التي تتحمّل بالكامل مسؤولية هذا الدستور الحالي وما جلبه للبلاد من تفكك وانقسام للمجتمع العراقي ؟ ويفترض برئيس مجلس النوّاب بعد أزمة المجلس الأخيرة أن يكون أكثر صدقا وأقل خداعا لأبناء شعبه وليس العكس , فدعوته هذه لتشكيل لجنة لتعديل الدستور لا تعدو أكثر من كونها جرعة مخدر يراد منها تخدير الناس مؤقتا وإبعادهم عن المطالبة بإقالة الرئاسات الثلاث .
فيا سيد سليم .. إذا كنت تتصوّر إنك شاطر فالشعب أشطر منك , وإن كنت تتصوّر نفسك ذكي وتستطيع أن تستغفل الشعب , فالشعب أذكى وأكثر وعيا منك ومن حزبك الإسلامي , وإن كنت شجاعا وشريفا ومخلصا وأمينا على مصالح الشعب , فقل لهم الحقيقة كاملة حتى وإن كانت هذه الحقيقة مرّة , وصارحهم أنّ دستوركم هذا كتب بأياد ونوايا شيطانية , ووافقت عليه مرجعيات دينية لا علم ولا دراية لها بهذا الاختصاص , فتوّرطت وورّطت الشعب معها في هذا الدستور , واعلم يا سليم إنّ إصلاح النظام السياسي القائم يبدأ أولا من إلغاء هذا الدستور المسخ وإعادة كتابته من جديد , فكفى كذبا وخداعا لشعبك .