23 ديسمبر، 2024 4:13 م

السيد رئيس الوزراء ….. لماذا ؟

السيد رئيس الوزراء ….. لماذا ؟

شكرا ًدولة الرئيس إن تكن قد بدأت بقراءة هذه السطور ، وإن كان أحد مستشاريك فأرجوه  أن يضعها بين يديك عاجلا ً ، فإن لدي أسئلة عديدة  تمور في صدري كما تمور في صدور الكثير ممن يعنيهم أمر ما أعنيه في رسالتي هذه … فإن لم تجب عليها الآن وتمعن النظر  فيها جيدا ً فأرجو أن تتذكرها دائما ً في أوقات مناسبة أخرى وتستعيد علامات الإستفهام المذيلة بها وهذا أضعف الحال والإحتمال وأنت ولي الأمر فينا بعد الله ..
نحن منتسبو جيش العراق السابق لا ندرك سببا ً لتمييزنا وفصلنا عن رفاقنا في السلاح ممن هم في الخدمة حاليا ً ، حيث ينظر إلينا بعض الساسة في بلدي نظرة سطحية قاصرة ، أغلبهم  يحاول أن يرى فينا جيشا ً لرئيس ٍأو قائد ٍ ما ، وكثيرا ًما كررت هذا في أكثر من مرة …    فلماذا ؟؟؟ هل كان جيش العراق يوما ًجيشا ً لملوك العراق في مرحلة التأسيس وما بعدها  ؟؟ هل كان جيشا ً لعبد الكريم قاسم أو للأخوين عارف  حتى يكون لرئيس ٍ آخر … فلماذا إذن ؟؟ لماذا لا يتم التعامل معنا كأبناء جيش ٍواحد وكأقراننا حاليا ً … ألم يكن جيش العراق هو جيش المآثر والبطولة ؟ ألم يكن الشهيد الفريق الركن محمد الكروي وضباطه الأبطال إمتدادا ً        لنا نحن الأقدمين ممن سبقه ؟؟؟ ماذا جرى ياسيدي كي نُركَن جانبا ً ويُلغى وجودنا ؟؟  هل تعلم دولة الرئيس إننا لا نعرف أين نحن ومن نكون في ظل النهج الذي أحرق تأريخنا وأجهز على ماضينا ؟؟؟ إن كان ذلك بسبب الحروب التي كنا نحن وقودا ً لها فذلك لا يبرر  أي موقف منا ، لأننا جنود نحترم جنديتنا وإنتماءنا بعيدا ًعن الإلتفات إلى الأسباب والدوافع السياسية لهذه الحرب أو تلك وقد تعاملنا بمهنية مجردة ، ومن الغباء أن ننعَت بأي وصف ٍ سوى إننا كنا جنوداً في جيش ضم مئات الآلاف من المقاتلين الأشداء وبمختلف إتجاهاتهم وميولهم ومذاهبهم بعيدا ًعن الولاءات لهذا أو لذاك عدا إخلاصهم الثابت لعراقهم العريق وهذا                     هو الجيش في كل حين .. ولكل ما أوردته ، أتساءل … لماذا يا دولة الرئيس وموقف حكومتكم  غير المتوقع من التعديل الأخير على قانون الخدمة والتقاعد العسكري الذي جاء لينصفنا بعد سنوات من الضيم … لقد إستبشرنا خيرا  بإقراره و ظل الجميع  يتابع مراحل مناقشته كمن ينتظر مولودا ً بكرا ًً،  وبعد مصادقة رئاسة الجمهورية عليه ونشره في الجريدة الرسمية أيقنا إننا كأبناء الجيش الحالي في الحقوق المثبتة لهم ولنا قانونا ً ، لا أعرف كيف أصف فرحة أولئك الرجال وعوائلهم بمنجز ومكتسب  يسجل لكم ولحكومتكم ، و لكن وعندما   كنا ننتظر تنفيذه بصبر فوجئنا بإيقافه بإعتراض من رئاسة مجلس الوزراء بسبب الخلاف    على آلية تشريعه …  لماذا خذلتم أخوانكم وأبناء جيشكم وأنتم القائد العام للقوات المسلحة ، أما كان الأولى بالإعتراض عليه منذ بداية مناقشته في مجلس النواب وقبل أن يحلم الكل بتطوير حاله وتحقيق ما كان يعجز عن تحقيقه … لماذا يا دولة الرئيس … لماذا تخطفون الفرحة من صدور إخوانكم  بعد زرعها  في قلوبهم و تقتلون البسمة على شفاههم  بعد رسمها على محياهم ؟ لماذا يا دولة الرئيس .. تخيبون آمالهم وأحلامهم ؟؟ أما كان بإمكان مجلس الوزراء أن يجد بديلا ًلهذا الإجراء كي لا يحرم الرجال وعوائلهم من رزق كان  قاب قوسين أو أدنى  من أن يحقق حياة أفضل لشريحة واسعة من أبناء العراق … وأردد هنا كما يرددهُ               كل  من  وقع عليه الظلم في رزقه …… (( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ))  …
 لماذا يا دولة الرئيس ؟؟ أستحلفك بالله أن تدلنا وتأخذ بيدنا إلى درب ٍنعرف فيه من نكون …
وأي قانون يرعى واقعنا ومصائرنا بعد تعب السنين وبعد إحساسنا بالضياع …
عند دعوتكم ضباط الجيش السابق لمراجعة دوائر التسجيل في كل الأنحاء ، راح الجميع شيبا ً وشبانا ً في مواقف وصور لا ينبغي أن يعيشها من أفنى عمره لخدمة بلده وهو يشعر بالإذلال ولا يعرف ماذا وراء هذا اللهاث ، أشيع في حينه إن الحكومة تريد من وراء ذلك إصدار أمر بإعادة كل الضباط الذين أحيلوا إلى التقاعد بعد 9 / 4 / 2003 إلى الخدمة  ثم إحالتهم ثانية إلى التقاعد بقصد شمولهم بما يحصل عليه إخوانهم المستمرون بالخدمة من حقوق تقاعدية مناسبة وفق القانون النافذ .. وراح الجميع بإنتظار ما هرولوا من أجله  وتجشموا عناء بقائهم لساعات ٍ طويلة في طوابير مهينة تحت سياط حرارة الشمس التي ألهبت وجوههم المتعبة .. لماذا يا دولة الرئيس ؟؟؟ أما كان ذلك ما يضع حلا ً لمعاناتهم في حينه ؟؟

وماذا عنا نحن معوقي الحرب وخاصة شديدي العوق … ألم يخبركم أحد عن معاناتنا وعجزنا وحاجتنا إلى المزيد من الإهتمام والرعاية  ، ألم يخبركم أحد عن مدى فرحتنا ونحن نجد  فقرات ٍ في التعديل المذكور ما بعثت فينا القوة من جديد وأحسسنا حينها إننا سنلوي ذراع  الدنيا بعد أن لوت رقابنا لسنين وقد أذلت الحاجة والعوز الكثير منا ، ربما يستطيع بعض الإخوة الأصحاء من المتقاعدين عافاهم الله من العمل لتطوير وضعهم المعاشي وبإيرادات مضافة لرواتبهم ومهما كان نوعها … فأين نحن من هذا وكل منا بحاجة إلى كل يد تمتد للمساعدة والعون  في إنتقاله من وإلى السرير وحتى في إرتدائه ملابسه  وقد شاء القدر أن نكون   أسرى لكراسينا المتحركة ونعاني و بألم من توقف أغلب وظائف الجسم الأساسية فينا …
 ألم يخبرك أحد – دولة الرئيس – عن الشلل وكيف يحيا المشلولون منا في الدرك الأسفل من الإحباط ونحن لم نجد الإهتمام المطلوب  تقديرا ً لما قدمناه بغض النظر عن … متى وأين ، وتقديرا ً لوضعنا الصحي الصعب الذي لا نحسد عليه … هل تعلم سيدي الرئيس كم ينفق المشلول منا على الأدوية المضادة للتقرحات القاتلة والمستلزمات الطبية والمعينات اليومية والمواد المانعة للبلل طوال يومه وكثير من تفاصيل أخرى لا أود الخوض فيها … هذا الإنفاق        لا تكفيه فلسان قليلة يتسلمها المشلول شهريا ً لقاء إنتمائه لجيش ذي تأريخ وفي بلد غني …. وهل تعلم دولة الرئيس إن أغلبنا يتمنى أن يغادر حياة ليست بحياة لولا الأيمان بإرادة الله وخشية غضبه … ذلك لأن المشلول ضيف ثقيل  في عالمه فكيف به وهو مستهلك عاجز   غير منتج … أرجو أن تبعث من يطلع على أحوال المشلولين حصرا ً في مدينتي الذرى والشموخ لمعوقي الحرب وليعرف مدى معاناتهم وعوزهم وكيف يصارعون شللهم الرهيب      وما من أحد يلتفت إلى حقوقهم المنصوص عليها لهم  في أي قانون عسكري …  هل يكون المشلولون من المحاربين القدماء في بلدان أخرى  كما نحن الآن في بلدنا …    لماذا يا دولة الرئيس ؟؟ أي قانون سيلبي تطلعاتنا ويمنحنا حقوقنا  لما تبقى لنا من عمر وبعضنا يصارع  أيامه الأخيرة ؟؟ هل هو القانون  رقم 1 لسنة 75 الملغي ، أم هو القانون     رقم 3 لسنة 2010 وكلاهما نص على إحالة معوقي الحرب على التقاعد برتبتين أعلى  مع إضافة ما يعادل درجة العجز فينا لراتب الرتبة التي يحسب بموجبها الراتب التقاعدي وهو مانص عليه التعديل المنصف الذي إعترضتم على آلية تشريعه  … أم أننا سنكون تحت رحمة القانون الموحد الذي يجهل تماما ً ما نحن فيه وكيف يتعامل بمواده وفقراته معنا نحن معوقي الحروب ، وما هي الإمتيازات التي يجب أن ينص عليها لتتناسب ووضعنا الإنساني والإعتباري وهو حق لنا كما منصوص عليه قانونا ً كرجال أصيبوا خلال المعارك الحربية …   وفي الموحد الجديد – يا سيدي – ليس هناك ما يميزنا عن الموظف المدني الذي يصاب أثناء خدمته بأي حادث … هل أن الموحد الجديد سينصفنا كما ينصف قانون التقاعد العسكري   أقراننا في الخدمة حاليا ً .. القانون الذي يدرك معاناتنا كرجال سقطوا من على صهوات جيادهم قبل الأوان ؟ فلماذا هذا الغبن لحقوق معوقي الحرب الثابتة في كل التشريعات … هل إنتهت حاجة البلد منا بعد أن أعطيناه ما إستطعنا … هكذا وبكل بساطة يطمس تأريخنا وجهدنا وإنضباطنا وتضحياتنا وإخلاصنا للجندية السامية . .. ولماذا تستكثرون علينا ما يحصل عليه إخواننا في الجيش الحالي ؟؟؟ هل يرى المسؤولون منكم أن هناك فرق بيننا ياسيدي ؟؟؟ 
 أليس هناك من حل يا دولة الرئيس ؟؟؟ وهل ستظل ريح التأرجح بين هذا القانون    وذاك  تتعبنا ونحن والله لا نستحق أن يتعبنا أحد لأن ما نعاني منه يكفينا …
سجلها لنفسك دولة الرئيس وبدون تردد لأنك وبجرة قلم يمكنك إصلاح ما أفسده الزمن ،     أعد البسمة إلى الشفاه الذاوية  والفرحة إلى الصدور المرهقة وذاك ضمن صلاحياتكم بلا شك كرئيس لمجلس الوزراء وكقائد عام للقوات المسلحة … سجلها سيدي وإكسب رضا ودعاء الآلاف منا رصيدا ًمضافا ًلك – وأنت تدرك ما أشير إليه- فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
 
بعد أيام قليلة سيحل علينا ضيفٌ عزيز … يوم الجيش الأغر في السادس من كانون الثاني ، فهل ستلهمك نظرتك الأبوية والإنسانية بقرار للفصل في ما نرجوه هدية مناسبة لنا   في  عيدنا ونحن ننتظر منك أمرا ًما سيعيد الحق إلى نصابه حتما ً… فلا تبخل علينا بحق لنا  ..

أخيرا ًسيدي الرئيس سأروي لك مفارقة لأحد الإخوان المعوقين تلفت الإنتباه والرثاء …   لقد إستدان صاحبنا مبلغ خمسة ملايين دينار من أحد أصدقائة بُعيْدَ نشر التعديل ( رحمه الله ) في الجريدة الرسمية يوم 21 تشرين أول الماضي .. نعم يا سيدي خمسة ملايين فقط  وهي ما تعادل الفائض من رواتب بعضهم  … إستدانها على أمل تسديدها عند إستلامه مبلغ  مكافأة نهاية الخدمة التي ظل لليال ٍطويلة وهو يحسب مبلغها بدقة وكما ( بشرنا ) به مسبقا ً أعضاءٌ  في لجنتي الأمن والدفاع والمالية البرلمانيتين  وفق التعديل آنف الذكر …
 لقد قلت له يا دولة الرئيس ناصحا ً … يمعود ( لا تكول سمسم إلا تلهم )  ولكنه لم يسمع النصح … فأخذ يردد  سم …   سم …. حتى تجرع السم  دون أن يلهم السمسم .. 
شكرا ً سيدي لأنكم أكملتم رسالتي … ولا تنس فالجميع ينتظر ما يقرر عليه دولتكم …
وفقكم الله  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ….