22 ديسمبر، 2024 4:10 ص

السيد العبادي: خطوة ايجابية على طريق الاصلاح … ولكنها لاتكفي

السيد العبادي: خطوة ايجابية على طريق الاصلاح … ولكنها لاتكفي

طالعتنا بعض المواقع الاعلامية نقلا عن مصادر مسؤولة قولها بان قرارا قد صدر باعفاء مدير جهاز الاستخبارات الفريق زهير الغرباوي , ومدير المصرف العراقي للتجارة (التي بي اي) حمدية الجاف, ورئيس شبكة الاعلام العراقي محمد عبد الجبار الشبوط . ان هذه المصادر اذا ما صدقت فيما تقول فان هذا القرار يمكن اعتباره نقطة مضيئة وخطوة ايجابية ومشجعة على طريق الاصلاحات التي طال انتظارها, وهي بالتاكيد سوف تعزز موقع رئيس الوزراء حيدر العبادي لدى الشعب المتعطش لتغيير الوضع الفاسد في البلاد .
ان آفة الفساد قد نخرت في جسم الدولة العراقية وبكل مؤسساتها حتى اصبحت تهدد كيان الدولة واركانها بل وحتى وجودها وان هذا الفساد هو السبب الاول لما حل بالعراق من التدهور الخدمي والاقتصادي والاداري والسياسي والامني . وما وجود عصابات داعش الارهابي واحتلاله ثلث البلاد الا نتيجة طبيعية لوجود هذا الفساد ورجالاته . ان هذه المؤسسات الثلاثة ,الاستخبارية والمصرفية والاعلامية, تعتبر من اهم مؤسسات الدولة واكثرها خطورة وحساسية , فهي تمثل الامن والاقتصاد والاعلام في البلاد وان وجود مقصرين او فاسدين على قمة هرم هذه المؤسسات يعتبر كارثة وجريمة بحق البلاد والعباد ولا بد من تنظيف هذه المؤسسات وقلع جذور الفساد منها .
لقد بحت اصواتنا واصوات الغيارى من ابناء الشعب في مطالبتنا المتكررة في التعجيل بعملية الاصلاح الجذري ومكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة قبل فوات الاوان . ان هذه الخطوة من رئيس الوزراء ان صحت فانها لاتكفي لاطلاق عملية الاصلاح الجذري التي طالب بها الشعب المحروم ولن تكفي لمحاربة الفساد ولابد من اتباعها بخطوات جريئة وقوية تستهدف كبار المفسدين في الدولة العراقية بكل مؤسساتها بغض النظر عن المناصب التي يشغلونها. كما اننا نطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي ان لا يكتفي باعفاء او اقالة المقصرين او من تحوم عليهم شبهات الفساد او المتورطين اصلا بالفساد , بل يجب تقديمهم الى القضاء لينظر بامرهم احقاقا للعدالة وردعا للاخرين.
ان الخروقات الامنية وخاصة ماحدث في الاسابيع الاخيرة من تفجيرات وهجمات ارهابية راح ضحيتها المئات من الابرياء خير دليل على تقصير وفساد جهاز الاستخبارات في الدولة , خاصة ان هذه التفجيرات تاتي متزامنة مع الانتصارات المباركة التي يحرزها الجيش العراقي والمؤسسات الامنية المختلفة على جبهات المواجهة مع الارهاب الداعشي في قواطع الانبار والفلوجة ونينوى. اما القطاع المصرفي وبالخصوص المصرف العراقي للتجارة فانه قد غرق في مستنقع الفساد حتى اعترف المالكي بنفسه عن مملكة الفساد في هذا المصرف ومسؤوليته المباشرة على تهريب مئات المليارات من العملة الصعبة خارج العراق وعمليات غسيل الاموال التي تتم بوضح النهار والتي سببت في تدمير القطاع المصرفي والنقدي في العراق وانهكت ميزانيته حتى بات يستقرض من البنك الدولي. وقد باءت جميع محاولات ابعاد مدير المصرف حمدية الجاف عن المصرف بالفشل بسبب الدعم الذي تتلقاه من قادة الكتل الحاكمة وكبار المتنفذين في الدولة لاسباب معروفة, فهل ستنجح هذه المرة ؟. اما الاعلام العراقي فقد هبطت هذه المؤسسة
المهمة والخطيرة والحساسة في مستنقع الفساد ايضا . فبدل ان تكون مؤسسة اعلامية مستقلة تنحاز لجانب الشعب وتهتم بنقل معاناته وهمومه وتفعيل دورها الثقافي والاعلامي في حركة الاصلاح والبناء والمراقبة كسلطة رابعة, اصبحت اداة بيد رئيس الوزراء وحكومته وانحازت للباطل واصبح كل همها تلميع صورة من يعتلي رئاسة الوزراء وتمجيده . ان على رئيس الوزراء ان لا يتوقف عند اعفاء او اقالة هؤلاء فقط وانما يتوجب علية ان يصارح الشعب ويعلن سبب هذا الاعفاء او الاقالة واذا ماكانوا متهمين بالتقصير او الفساد فيجب احالتهم الى القضاء وعدم الاكتفاء بقرار الاقالة لان ( من أمن العقاب أساء الادب ) ولن تنجح عملية الاصلاح الا بمعاقبة المفسدين والفاسدين , لان عملية الاصلاح الجذي اذا ما اريد لها النجاح فانها يجب ان لا تتوقف عند الاصلاحات الترقيعية او الانتقائية والا فانها ستكون هي بعينها فسادا وتكريسا للفساد.