امست عملية تزوير الشهادات الجامعية بالذات ظاهرة واسعة الانتشار بعد ان كانت قبل سقوط النظام البعثي معدومة او قليلة جدا كنا نادرا ما نسمع ان احدهم قد تلاعب بشهادته او اتى بشهادة غير ما يحمله من تحصيل علمي حتى ان العراق بدا خاليا وخاصة من الشهادات الغير معترف بها او الغير مرخص بها وحاملي الشهادة العراقية اناس حصلوا على تلك الشهادة من الكليات او الجامعات او المعاهد العراقية بعرق الدرس وبظروف العلم العراقي الذي تعتبر الشهادة العراقية فيه من الشهادات الرصينة والمقبولة في الدول الاخرى عند معادلتها للعمل في دولة اخرى او عند الرغبة في اكمال الدراسة في دولة اخرى كانت تلك المؤسسات العلمية العراقية مؤمن على صدور شهادتها وهي من الرقي والتميز بحيث ان الطالب الحامل لتلك الوثيقة له ميزة على اقرانه الاجانب بارتفاع مستواه العلمي والأكاديمي لأنه قد منح نتيجة او شهادة من احدى الجامعات العراقية وهي على قلتها لكنها متميزة …وقد تدهورت سمعة الشهادة العراقية خاصة بعد ان دخل العراق بسلسلة الحروب العبثية للطغمة الصدامية لكن لا تزوير ولا تلاعب بالشهادات فقط الاعتراف بالشهادة خارج العراق قد تغير واصبحت المؤسسات الدولية تنظر نظرة اخرى لحاملي الشهادة العراقية …اليوم وفي ضل اوضاع مرتبكة وغير مستقرة او في ظل نظام جديد كثيرا ما نسمع وللأسف الشديد اعداد كبيرة من المزورين والغريب في الامر نسمع هنا وهناك ان مسئولين وعلى مستوى عال من المسئولية قد اتوا بشهادات مزورة وغير معترف بها او انهم وبحكم علاقاتهم خارج العراق قد ابتاعوا شهادات علمية وبأموال وكأن الامر لا يعدوا مجرد ورقة مكتوب عليها ان فلان الفلاني قد تخرج من جامعتنا وحصل على شهادة الدكتوراه او الماجستير او البكالوريوس وهكذا تقدم هذه الوثيقة للدوائر لتأخذ بها دون الرجوع الى جهة الاصدار او نوع الكلية او الجامعة التي منحت تلك الوثيقة وما اهميتها بالنسبة للشهادة العراقية ومعادلتها ومدى قبولها في العراق خاصة وإننا اليوم نعيش في طفرة العلم والدراسة عن بعد والحصول على شهادة بمجرد ان تشترك بنظام ما لأحدى الجامعات المفتوحة وتدفع مبلغ من الدولارات لتحصل على شهادة تلك الجامعة او اذا كان لك معارف في عالم التزوير في الاسواق والمحال المنتشرة في المدن العراقية لتحصل على شهادة اكاديمية من احدى الكليات العراقية وموقع عليها من قبل عميد الكلية وإذا اردت حتى وزير التعليم العالي وإذا دفعت اكثر من المال ممكن تأتي لك تلك الشهادة مترجمة من الخارجية العراقية ولك الحق بعدها ان تتقدم لخوض الانتخابات البرلمانية بصفة الدكتور وتخرج على شاشات التلفزيون وأنت الدكتور والمذيع يناديك بالدكتور وبحفنة من الدنانير تدفعها لأطفال لا يحملون الشهادة الابتدائية وأنت لا تميز بين القرش والفلس والفاكهة والخضرة ,, للأسف الشديد جدا ان الكثير ممن جاءوا الى العراق وقد كانوا مهاجرين او من هرب خارج العراق وهم اليوم يتبوءون مناصب خطيرة في الدولة العراقية كوزراء او نواب او اعضاء مجالس محافظات قد اتوا بشهادات مختومة من جامعات دول الجوار التي لا تعترف بها الحكومة العراقية وهم لا زالوا يمارسون مهام حكومية خطيرة ومن الممكن ان تتعرف عليهم بسهولة بمجرد ان يكتب لك على ورقة بيضاء تهميشه او ان تتحدث معه تكتشف ان الجالس خلف ذالك المكتب العملاق لا يحمل مؤهل يتجاوز الابتدائية ولكن تقرا العنوان امامه الدكتور الفلاني ..سوق مريدى الجمهورية الايرانية سوريا الاردن الجامعات الاجنبية الغير معترف بها اصلا كل تلك تعطيك المؤهل الذي تريده وبدون عناء الدراسة وعمي عيونك او ان يشيب راسك وأنت تقرا في الليالي الظلماء والقمرية لتحصل على ما تريد ولا يمكن ان يقول لك احدهم انك مزور لأنك تنتمي لأحد الاحزاب المتنفذة في العراق وهناك من يدافع عنك حتى الرمق الاخير …بالأمس كشف المفتش العام في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن هول هذا المشكلة وعظمها وتفشيها وبأرقام لا يمكن الا ان تتخيل انك ليس في العراق بل في احدى دول الخيال بمجرات خارج المجرة الذي نعيش فيها فمثلا حصول عدد من الاساتذة على شهادات عالية وباختصاصات حساسة ووثائق مزورة بلغ 3165 وثيقة والبعض منهم يحمل شهادة في الفيزياء النووية من احدى الجامعات الهولندية او الالمانية مقابل مبلغ من المال وجاء بتلك الشهادة الى العراق ليخرب التعليم وينشر الفساد في تلك المؤسسة …وحتى لا ازيد انقل تصريح السيد المفتش العام في وزارة التعليم العالي وبالحرف لما يجري من تدمير للعملية التربوية في العراق ,,والذي ((لا بد من ان نشير له ان المسؤولية تقع على كاهل الحكومة العراقية بعدم تقديم اولاءك المزورين الى القضاء العراقي ليأخذوا جزاءهم العادل نتيجة لهذا التلاعب والتزوير وإغفال القضاء لهذه الظاهرة المقيتة الدخيلة والتي جاءت مع الدبابة الامريكية )) ….والحال هذا وصل الى الشهادات العليا من الماجستير والدكتوراه وتعتبر مثل هذه الحالات من أخطر التزويرات لأنها تصل الى مرحلة تتجاوز المألوف من التزوير الذي لم يكن يبتعد عن تزوير شهادة الاعدادية او الدبلوم او البكالوريوس والحال هذا يعني أن المزور يطمح بمناصب وبرواتب عالية تتجاوز الرواتب الاستحقاقية التي يتمتع بها اصحاب الاختصاص وهؤلاء يتمتعون بامتيازات كبيرة من مناصب ورواتب وايفادات وربما اشراف على أعمال خطيرة بحجة أنهم من العقول والنخبة المجتمعية طبعا كل التصريحات التي نسمعها هنا وهناك لا تعطي الرقم الحقيقي للأعداد ولك ان تتصور الغير معلن من اصحاب الشهادات المزورة الغير متبوئين لمناصب حساسة ليصل الحال لتزوير شهادة طبيب ويجلس أحدهم خلف مكتب ويدعي أنه طبيب ويفتح عيادة له باختصاص معين ولا يملك سوى شهادة دبلوم او من ذوي المهن الطبية ..انها الكارثة بعينها لذا يجب الالتفات لهذه الحالة وفي اسرع وقت ذاك لأن السيد رئيس الوزراء يفكر بتغيير كابينته الوزارية من وزراء بوكقراط الى وزراء تكنوقراط محاولة منه لتغيير الوضع العراقي بالاستعانة بأصحاب الاختصاص وأصحاب الشهادات والعقول والنخبة .
[email protected]