18 ديسمبر، 2024 9:08 م

السيد العبادي …اعيدوا الابتسامة للشعب

السيد العبادي …اعيدوا الابتسامة للشعب

في اغلب دساتير دول العالم ومنها دستور جمهورية العراق نص يقضي بان ثروة البلاد ملك الشعب وان السلطات التي تستمد شرعيتها من ارادة الشعب مكلّفة بتوزيع الثروة على المواطنين بصورة تحقق العدالة الاجتماعية وتخفف الفوارق . لا نتحدث عن عراق مضى ، كان طابعه الظلم . لكن نتحدث عن عراق ما بعد 2003 عندما اسقط العراقييون تلك الدولة القائمة على التمييز والعنف ، وقد غمر العراقيين موجة من الفرح واخرى من الامل بتحسين حالتهم المعيشية وكسر حاجز الفقر والعوز .

ما حصل وباختصار ان ثروة العراق الكبيرة وامواله الضخمة لم تسعف الشعب في التحرر من فقره ، انما ذهبت كل ثرواته او اعظمها الى جيوب السياسيين والبطانة الحاكمة على شكل رواتب خيالية او مخصصات مفتوحة او امتيازات مميزة او بصفقات فساد . وحرّم غالبية الشعب العراقي من الاستفادة من الاموال الطائلة التي جنتها دولة العراق الجديدة من بيع البترول باسعار عالية . لم يتغير حال المواطن العادي ولم تلبى حاجاته الاساسية .

الشغل الشاغل الان في العراق هو ما تسمى بالاصلاحات التي بدأ بها السيد رئيس الوزراء بعد الاحتجاجات الشعبية في بغداد ومدن الجنوب ودعم المرجعية الدينية لمطالب المحتجين ، وبعد ان يأس المواطن وفتك به الجوع والمرض والتشرد ، عدا افة الارهاب التي تقتل وتذبح العراقيين لا على التعيين .

لا اقلل من اهمية الورقة الاصلاحية للحكومة وللبرلمان . ولكن لا ارى ان الحزمة الحالية من الاصلاحات ستوفر للشعب العدالة الاجتماعية او انها ستؤدي الى تطبيق النص الدستوري القاضي بان الثروة ملك لجميع الشعب ووجوب مراعاة العدالة في توزيعها .

طبعا بالامكان تقديم العديد من الاقتراحات الجدية وليست الطوباوية او المثالية لتحقيق العدالة الاجتماعية في هذا البلد . لكن من الاهم القول ان قسما كبيرا جدا من ثروة البلاد توزع كرواتب ، ومن الاهمية ان يجري مراعاة العدالة في تحديد الرواتب . فاذا حددّ الحد الاقصى للراتب الوظيفي او التقاعدي بمليون دينار مثلا ، لا يجب ان يتجاوز اعلى راتب في الدولة اربعة اضعاف الحد الاقصى ، وبمعنى ان لا يستلم المسؤول الاعلى راتبا يتجاوز الاربعة ملايين دينار ، وهو مبلغ يكفل له العيش الكريم . و يجب ان لا تتبع الوظيفة او المنصب اية امتيازات او مخصصات او ما شابه مطلقا ، او ان تكون هذه الامتيازات موحدة لكل من يشغل وظيفة عادية في الدولة او يتولى فيها منصب وموقع معين . واقول ذلك لان الموظف الصغير او العامل في الدولة يؤدي واجبا ، كما ان رئيس الدولة هو الاخر يؤدي واجبا . وكلاهما مشتركان في ثروة البلاد . هذه هي الخطوة الاولى للاصلاحات الحقيقية ، والخطوة الجادة لتحقيق العدالة الاجتماعية التي تعيد الابتسامة لهذا الشعب المقهور والغاضب حاليا .

[email protected]