نحن نكذب علي أنفسنا حين ننكر وجود خونة في الجيش بمختلف مراتب المسؤولية فيه ونحن نشاهد تكرر هذه المجازر بحق زينة ابنائنا من محافظات الوسط والجنوب .. فالذي جرى في نينوى وفي سبايكر تكريت واخيرا في الصقلاوية في الانبار كارثي بكل المعايير والاعراف العسكرية وقيّم الرجولة والجندية التي عُرف بها جيش العراق … وانا اكتب هذ السطور تذكرت الكثير من مواقف الابطال من ضباط جيشنا حين يتقدّم قوة الصولة , او الآخر الذي راح شهيدا وهو ممسك بالدوشكة لتامين سد ناري لانسحاب مفرزة من جنوده .. لم اسمع بضابط عراقي ترك جنوده في الميدان طعمة للعدو .. فالجندي يستمّد معنوياته من عيون آمره في الميدان والضابط يعتبر نفسه مسؤولا عن كل قطرة دم من دماء معّيته .. تعلّمت ان شرف الجندية وتراب الوطن اغلى من الدم .. والله الذي حصل لايصدقه عقل .. المئات محاصرون لايام في معسكر الصقلاوية ويناشدون المراجع العليا لتزويدهم بالغذاء والعتاد لادامة زخم صمودهم ولا مجيب! .. طلبوا غطاءا جويا ودعم مدفعي ولا اذان سمعت .. وصلت قضية حصارهم للقائد العام ولم يتغيّر في امرهم شيئ .. تجاهل ضباطهم امرهم .. او قل باعوا ضمائرهم قبل ان يبيعوا هذه الدماء الشريفة .. آمرين خونة ولا تبرير لهذا الفعل .. فهل يعقل ان تتمكن عصابة بائسة من ابناء العاهرات ان تأسر جيشا يمتلك قادة شرفاء ولديه قوة جوية وطيران سمتي ومدفعية ودبابات ؟ ياسيادة الرئيس لقد اوقفت القصف الجوي على رؤوس عصابات مجرمة متخفية بين حواضن مدنية مجرمة ايضا … هذه الحواضن (( من اهل انفسنا )) خبرنا حقدها على كل من ينتسب بالولاء للامام علي ع .. انهم يستحلون دماءنا – ويعلنون ذلك وبدون حياء جهارا وبالفم المليان – نحن في نظرهم مجوس وصفويون كفرة .. فهل ابنائنا بهذا الرخص عندك حين تجعلهم طعمة سائغة لهؤلاء المجرمين وبمعاونة قادة خونة من نفس هذه الحواضن ؟ .. نكذب علي أنفسنا لأننا نتناسى ما يحدث أمام أبصارنا ويتفجر تحت أقدامنا .. فلا نلتفت إلا ريثما تهدأ الضجة وَتنفّض اللمة وتخلو الساحة من آثار الحادث المروع ثم نعود إلي ما كنا فيه كأن شيئا لم يحدث.. أو كأنه حادثة عادية .. نخفف من وقعها ونعالجها بالعبارات المبرّرة والاحضان الكاذبة والابتسامات اللزجة حتي تقع كارثة جديدة .. ونكرر نحن فيه ما صنعناه من قبل وقد نفاجأ ـ وهي ليست مفاجأة ـ حين نري أن بعض الذين يشاركون في إطفاء النار هم من يحرضون علي إشعالها .. او نكتشف انهم هم الفاعلون لها !
لقد قال امامنا علي ع : عليك بسوء الظن .. فان اصاب فهو الحزم والاّ فهو السلامة .. ولقد قال ايضا : ان العفو ُيفسد من اللئيم بقدر مايُصلح من الكريم .