23 ديسمبر، 2024 11:40 ص

السيد العبادي ، ابنائك يباعون تفصيخ !

السيد العبادي ، ابنائك يباعون تفصيخ !

شباب جميل وظريف بعمر الورود ، تزخر بهم مقاطع اليوتيوب والفيس بوك ، وهم يخوضون غمار البحار والمنافي بالالاف ، أرتال من المشاة ليس لها أول ولا أخر في أرض الغربة ، كأنهم يسيرون في جنازة تشييع الوطن ، وهم يغسلون عار غمس سباباتهم بالصبغة الزرقاء ، يجازفون بحياتهم حتى أخر رمق ، وأخر (سنت) في جيوبهم  نحو المجهول ، ورغم ذلك ، لا يتخلون عن حسّهم الظريف ونكاتهم ، وأنا أرى في وجوههم  الخوف من المجهول ، وعيون يسكنها القلق والترقب ، معتقدين (وهم محقون تماما) ، أن المجهول مهما يكن ، أفضل من جحيم ساخت بهم اسمه (العراق) ، بلد بخل على ابناءه ، وأهملهم ، واسترخصهم ، ونبذهم ، وأساء معاملتهم ، وسلبهم حقوقهم ، وأبخسهم مواهبهم وتطلعاتهم وطموحاتهم ، أشاح بوجهه عنهم فلم يحتضنهم ، وهم لا يجدون حائلا ولا مانعا ولا حصنا ، يقيهم  المفخخات والدمار وشظف العيش ، فلفظهم الى جميع اقطار الأرض ، كشظايا القنابل ،  بعد أن ضاق بموميومات  مستوردة اسمها السياسيين .
منهم من سقط بيد تجار الأعضاء البشرية  طوعا أو كرها ، فبيعوا (بالتفصيخ كأعضاء تازة) !، الكثير منهم ، قادهم حظهم العاثر الى مهربين لا يملكون ذرة من الأنسانية أو الضمير ، فيغرقونهم في عرض البحر  بعد أن يقبضوا (الكومشن) ، ليموتوا في غياهب لجج البحر ، لتصعد أرواحهم الى السماء ، تشكوا لبارئها ظلم وعقوق بلدهم لهم ، والمحظوظ منهم من سيق الى معسكرات الأعتقال التي يسمونها المخيمات (الكامب) ، ليكونوا تحت رحمة المجتمع الدولي الذي لا أثق به ، فهو عين المجتمع الذي فرض علينا حصارا تاريخيا لا ناقة لنا به ولا جمل فسلبنا انسانيتنا قبل رغيف خبزنا ،  وسيبقى هذا الحصار وصمة عار في جبين هذا المجتمع المنهمك بشرعنة زواج المثليين!.
 أما سألتم أنفسكم ، ما الذي دفع الشباب ، كي يستبدلوا الرمضاء بالنار ؟ ، كي يواجهوا الأهوال والموت ، كي يضعوا أعمارهم القصيرة على راحات أكفهم ، كي يرموا بأجسادهم الغضة الشابة المنتفضة عنفوانا في حُفر المجهول ؟ ، كي نخسر طاقات هائلة ، فنحرم البلد منها  ،هل ينهض البلد بلا شباب ؟ ،  لا أقول لكم أوقفوا سفرهم  ، فستسلبونهم الحق الوحيد المتبقي لهم ، هو الفيصل بين الموت والحياة ، بل ربما سأجد نفسي منضما الى قوافلهم التي اسميها قوافل الحرية بأمتياز ، وانا أرى البلد يسير نحو هاوية مظلمة ، لا بصيص أمل فيها ، طالما بقيت تلك العقول (ان سميت عقول)  تحكمنا ، فجعلت البلد كالعصف المأكول ، وزارات كثيرة ، ليست سوى يافطات على مبان ، لا تعدو سوى أورام أصابت جسد البلد ،  فجفت الأنهار ، وعم التصحر ، وأنقرضت الزراعة ، وتفاقم التلوث ، وتسربل الشباب في الأفاق ، وضاعت الصناعة ، وعشعش اللصوص ، فصارت كلمتهم هي الطولى ، وولّى الأمن والأمان ،  فمن أين تأتي قدسية البلد ، والمواطن فيه غير مقدّس ؟! سوى من الأفكار الشوفينية التي غرست في عقولنا عنوة ، والله يقول (أن أرضي واسعة ) ، وألامام علي (ع) يقول (خير البلاد ما حملك) ،  فكيف تتوقعون أن ينمو حس المواطنة في هكذا ظروف ؟ لكنكم لا تعالجون الأسباب لأنكم عاجزون تماما ، وانتم تعرفونها أكثر مني ، لكنكم تغافلتم عنها . وتركتم تلكم الزهور ، تذوي و تتساقط في مهب الريح ،  فما مصير أمّةٍ ، لا تحرك ساكنا لتغلق جرحا ، يستنزف شبابها ، الا أن تهرم ، وتموت !