إن مسألة سكوت السيد السيستاني الطويل وعدم مخاطبته للناس مباشرة أو حتى عن طريق الكتابة المختومة بختمه الذي لم يره أحد إلى الآن لا من مقلديه ولا غيرهم ولا على موقعه الرسمي تثير جدلا كبيرا في الشارع العراقي على وجه الخصوص وتسبب بحرج كبير لأتباعه لهذا تظهر بين الفينة والأخرى مجموعة من التبريرات إلا أنها تزيد الطين بلة والحالة سوءً ولا من جواب مقنع مع كثرة الأسئلة المطروحة والتي منها:
لماذا لا يتكلم السيد السيستاني مع الناس مباشرة مع وجود هذا التقدم التكنولوجي الذي يتيح للمرء أن يشاهد ويسمع من في أقاصي الأرض وفي أي مكان ؟
لماذا ما يصدر منه يكون من خلال مكتبه ومن هو الذي يدير مكتبه ؟
لماذا ما يصدر عن مكتبه أيضا انحسر قليلا وبات مقلدو السيستاني يأخذون توجيهاتهم عن طريق خطيبا جمعة كربلاء الكربلائي والصافي على الرغم من صدور استفتاءات تبين أنه لا يمثل وجهة نظر السيد السيستاني في الأمور السياسية إلا ما يصدر منه مكتوبا ومختوما بختمه او مكتوبا ومختوما بختم مكتبه ! (انظر النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية ص72) وأيضا موقع السيد السيستاني الرسمي / البيانات تحت تسلسل (27 و 48) .
وغيرها من الأسئلة …
فجاءنا جواب وتبرير جديد لدثر هذه التساؤلات ومحاولة لإخفائها من أذهان الناس وهذا الجواب والتبرير هذه المرة كان على لسان الشيخ علي الكوراني في برنامج تلفزيوني حيث قال:
انه تشرف بلقاء وخدمة السيد السيستاني الله يحفظه وأبدى الأخير امتعاضه من أداء السياسيين والحكومة والوضع العام للعراقيين فقال له الشيخ الكوراني : انكم تستطيعون ان تخاطبون الناس فأجابه نعم يمكني أن اخاطب الناس
ولكن ماذا سيفهم الناس من خطابي ؟
وكيف سيستغل خطابي ؟
وماذا يستغل الاخرون المخالفين من الكتل السياسية هذه وتلك ودول الجوار ووو ؟
وكيف سيأخذ المتربصون والنواصب هذا الخطاب وعلى من ؟
ويستمر الشيخ الكوراني بالكلام ويقول: بان السيد يحسب حساب ويقول إذن في بعض الحالات ندع الامور تسير حتى مع العيوب حتى مع النواقص لتسير الامور بهذا الوضع حتى يترسخ حكم الانتخابات وحتى أغلبية الشعب العراقي لا تظلم ولا أقليته تظلم … الآن أفضل طريقة لإدارة الحكم أن يكون حكما انتخابيا ويتم تداول السلطة بالطرق السلمية .!
http://www.youtube.com/watch?v=3A6VtCse1vE
وللجواب على ما تقدم يوجد احتمالين :
الاحتمال الأول: أن الشيخ الكوراني صادق في كلامه فقد التقى السيد السيستاني وتكلم السيد السيستاني بهذا الكلام الذي نقله لنا الكوراني.
الاحتمال الثاني: هذا الكلام لا صحة له ولم يتكلم السيد السيستاني بهذا الكلام وهو مكذوب عليه.
سأجيب وفق الاحتمال الأول:
إن السيد السيستاني أراد تبرير سكوته وتقصيره اتجاه مقلديه في العراق لأنه كان يتحدث عن الشأن العراقي إلا أنه أساء للعراقيين من مقلديه خاصة وللعراقيين عامة حيث قال في تبريره فيما لو خاطب الناس: ماذا سيفهم الناس من خطابي.
وبهذه الكلمة يعتبر السيد السيستاني أن العراقيين جهلة ولا يفهمون بدليل أنه بيّن سبب سكوته وعدم مخاطبة الناس لأنهم من الصعوبة عليهم أن يفهموا خطابه لأنه أعلم علماء زمانه ! ولا أعرف هل هو أفضل من الله سبحانه وتعالى الذي خاطب الناس بكتابه العزيز ؟!!!!!
وهل هو أفضل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) والعلماء الماضين الذين كانوا يتحدثون مع عامة الناس ويخاطبوهم والناس تفهم منهم كل حسب مستواه ومعرفته ؟!
وإذا كان خطابه في أعلى مستوياته صعب فهمه من قبل الناس فعليه أن يطبق قول الرسول (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. الكافي ج1 ص23
فلماذا لا تطبق هذا القول وتكلم الناس على قدر عقولهم لتتواصل معهم لنفعهم ونفع نفسك لأنه روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال:
العلماء رجلان رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك… . الكافي ج1 ص44
وروي عن الصادقين (عليهم السلام) أنهم قالوا:
إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سُلب نور الإيمان. بحار الأنوار ج48 ص252
وعن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال:
إذا ظهرت البدع في أمتي فليُظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله. الكافي ج1 ص54
وربما الرجل كان يقصد غير ذلك من باب حسن الظن به وحمل كلامه على محامل حسنة ربما كان يقصد من كلامه أنه لا يجيد التحدث باللغة العربية وأن غالبية الشعب العراقي لا يجيدون سواها فهو إن تكلم معهم بغلة عربية مكسرة غير واضحة فإنهم سوف لا يفهمون كلامه وهذا المحمل الحسن جيد إلا أنه يثير الاستغراب لدى عامة مقلديه والناس فهل من المعقول أن السيد السيستاني هذا العالم الفذ … على الرغم من أنه أمضى في العراق أكثر من (43) سنة لأنه جاء للنجف أوائل عام (1371 هـ ) بحسب سيرته الذاتية على موقعه الرسمي !
وربما كان يقصد من كلامه أنه إذا تحدث بلغته الفارسية فإنهم أيضا سوف لا يفهمون منه وهذا المحمل الحسن أيضا يمكن رده من خلال وضع مترجم إذا كان الخطاب مباشرا مع الناس وأما إذا كان الخطاب مكتوبا فلا يوجد حرج لأن السيد يجيد الكتابة باللغة العربية بخلاف النطق بها !
إلا إننا مع شديد الأسف لم نر ولا خطاب ولا بيان ولا استفتاء مختوم بختمه الشخصي فقط بختم مكتبه !
أما بقية التبريرات فهي تكشف عن مشكلة كبيرة جدا وهي إذا كان خطاب السيد السيستاني بهذا الضعف وتوجد فيه أخطاء كبيرة يمكن استغلالها من قبل الحكومة العراقية والجهات السياسية والدول الإقليمية والمنظمات الإرهابية وغيرهم فكيف يكون قائدا أعلى وصمام الأمان وهو بهذا المستوى وكيف استحق هذه القيادة ومن أعطاها له وكيف كان ذلك ؟!
وللإجابة على الاحتمال الثاني:
وهو أن هذا الكلام مكذوب على السيد السيستاني وان الشيخ الكوراني لم يلتق به أو لم يسمع هذا الكلام منه بل أراد نفعه إلا أنه أضره كثيرا جدا اذا أردنا أن نحسن الظن بالشيخ الكرواني ومع ذلك هذا الكلام الذي أراد الشيخ الكرواني نفع السيد السيستاني يكشف مستوى الشيخ الكوراني بدليل أن الكلام فيه أخطاء قاتلة خاصة اذا قيل أنها صدرت من السيد السيستاني واما إذا اردنا أن نسيء الظن به فيكفي أن هذا الكلام بحد ذاته يسيء للسيد السيستاني وإن فرح مقلدو السيد السيستاني به لأنه تم اعتباره كلام يزيح ثقل التساؤلات الموجودة في أذهانهم والتي يطرحها بقية المجتمع عليهم مما شكلت عبئا ثقيلا عليهم وهم وهذه الكلمات كالغريق الذي يتمسك بقشة ولكن هيهات …
وإن فرحهم بكلام الشيخ الكوراني لهو دليل على عدم وعيهم ونضجهم أو انهم قد أساءوا لعقولهم لأنهم أرغموها على استحسان كلام الكوراني واعتباره جوابا شافيا لأسئلة منطقية ما زالت رائجة ولا يوجد إلى الآن أية أجوبة مقنعة لها .!