اضطلع السيد علي الحسيني السيستاني بمسؤوليات جِسام, حيث تحمل أعباء المرجعية, وحفظ الحوزة في أحلك الظروف وأسوئها واكثرها ارتباكا وتشويشا.
كان هم السيد السيستاني بناء الحوزة العلمية وترميمها والحفاظ عليها, بعدما دمرها صدام وجلاوزتها إذ تناقص عدد طلاب الحوزة من سبعة الاف طالب عام 1970 الى سبعمائة فقط بداية التسعينيات.
بعد التغيير عام 2003, تحرك السيد السيستاني دام ظله لحفظ مقدرات الشعب العراقي, والعمل على استقلال العراق ورفاهة مواطنيه, وكان دائما يردد مقولته الشهيرة “ليس لي أمل إلا أن أرى العراقيين سعداء”.
نعم فعل سماحته كل ما في وسعه للعمل بهذا الاتجاه, فالزم المحتل بكتابة دستور بأيدٍ عراقية, وأجبره على أن ينسحب من العراق, وأن تقوم انتخابات حرة في البلد.
أصدر سماحته فتوى الجهاد الكفائي استكمالا لدوره في الحفاظ على العراق, فبعد أن استباحت العصبات التكفيرية الوطن, وتغولت هذه التنظيمات المجرمة, وأصبحت على مرمى حجر من بغداد, وغابت الحلول الحكومية, تصدى سماحته بنفسه ليذود عن العراق معتمدا على الله تعالى, وعلى ثقته بإيمان العراقيين بوطنهم, هؤلاء العراقيون الذين لم يخيبوا ظن المرجعية فانبروا للدفاع عن العراق وصد الهجمة الإرهابية.
ثلاث سنوات مرت على الفتوى كانت كفيلة بتحقيق النصر, وها هي اليوم الجموع المجاهدة تعلنها نصرا كبيرا مؤزرا, بإسقاط دولة الخرافة, وتحرير مدينة الموصل من براثن العصابة الإرهابية المجرمة.
لم يطلب السيد السيستاني شيئا لنفسه, ولم يدعي بأنه صاحب الفضل في الانتصارات, بل كان كل كلامه هو شكر للمقاتلين الملبين للنداء, ولعوائلهم الكريمة التي ضحت بأبنائها فداءا للوطن, ولأولئك الداعمين من المتبرعين والهيئات والمواكب في الدعم اللوجستي, وقد أكد هذا التوجه سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة ليوم 5 شوال 1438 الموافق 30 حزيران 2017 بقوله: “ونودّ أن نؤكّد على أنّ صاحب الفضل الأوّل والأخير في هذه الملحمة الكبرى التي مضى عليها الى اليوم ثلاثة أعوام, هم المقاتلون الشجعان بمختلف صنوفهم ومسمّياتهم, من قوّات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتّحادية وفرق الجيش العراقيّ البطل والقوّة الجويّة وطيران الجيش وفصائل المتطوّعين الغيارى وأبناء العشائر العراقيّة الأصيلة، ومن ورائهم عوائلهم وأسرهم ومَنْ ساندهم في مواكب الدعم اللوجستيّ، وأنّهم هم أصحاب هذه الملحمة التي سطّروها بدمائهم الزكيّة وتضحياتهم الكبيرة، وهم الأحقّ من الآخرين -أيّاً كانوا- برفع راية النصر النهائيّ قريباً بإذن الله”.
ضرب سماحته أروع صوره في نكران الذات, وهو يعيش عيشة الفقراء, ولم يتعالى على العراقيين, بل كان كأحدهم, ولما حل النصر فلم ينسب النصر لنفسه بل للمقاتلين الأشاوس ولمن ساندهم.