8 أبريل، 2024 7:52 م
Search
Close this search box.

السيد السيستاني وديكتاتورية المالكي

Facebook
Twitter
LinkedIn

يصعب التعرف على الديمقراطية مع تشعب هذا المفهوم وما يثيره من اشكاليات واختلافات في وجهات النظر الا ان هنالك اتفاق شبه مطلق يشير الا ان التعرف على الديمقراطية ينطلق من سمة اساسية هي حرية الفرد في التعبير وما يستتبعها من حريات مكفولة دستوريا ، وان ما يخالف هذه الحريات يندرج ضمن خانة الديكتاتورية التي ناضلت الشعوب من اجل التخلص منها ، كي تتمكن من التمتع بهوامش الحرية ، والشعب العراقي ربما اكثر الشعوب العربية التي عانت من سياسة تكميم الافواه وقمع حرياته في التعبير ، وهي معاناة كما طالت النخب السياسية او الثقافية او الدينية فانها طالت المجتمع بمختلف شرائحه ، ومع التغيير الذي حدث في الخارطة السياسية العراقية المتمثل بالإطاحة بالنظام الفاشي وسن دستورا عراقيا يتيح هذا النوع من الحريات ، ظن المجتمع العراقي انه دخل الى رحاب المجالات الديمقراطية التي لا يمكن الالتفاف عليها مع وجود دستور يكفل له حرياته ، لذلك راح يعبر بحرية كاملة عن الاخطاء السياسية التي ترتكب بحقه من قبل اصحاب القرار المتربعين على عرش السلطة الجديدة التي تحكم باسم الديمقراطية ، كما ان النخب مارست دورها في توجيه الانتقادات الحادة لاخطاء السلطة ومن ظل صامتا من هذه النخب كان عرضة لانتقادات حادة طالما ان من حقه ان يمارس دوره في حرية التعبير وانتقاد السلطة التي كشفت عن وجه جديد يذكر بممارسات حزب البعث ، وخصوصا سكوت بعض النخب الدينية التي حصرت وظيفتها في دروس الوعظ الاخلاقي لتفصل بين الدين والسياسة وكأن الخوض في السياسة هو سبة ، مع ان مقتضيات الدين الحق عدم السكوت عن الاخطاء السياسية لانها تمس حياة شعب باكمله وصوت رجل الدين مؤثر وفاعل في تغيير المسار السياسي ، وان من يركن لسياسة الاخطاء يندرج ضمن خانة وعاظ السلاطين والتاريخ علمنا كيف ان الائمة عليهم السلام ضحوا بحياتهم لتصحيح مسار الاخطاء السياسية التي كانت ترتكب من قبل سلاطين ذلك العصر ، كما ان التاريخ القريب ايضا علمنا كيف ضحى الكثير من علماء الدين بحياتهم في زمن سلاطين عصرهم من عتاة الظلم .
نستطيع ان نقول ان رجال الدين اليوم قد وعوا دورهم جيدا في استغلال الميدياء لنشر انتقاداتهم للاخطاء السياسية وهذا من حقهم تماما دستوريا وشرعيا باعتبارهم مربين من جهة ومن جهة هم ابناء البلد ويجب ان تهمهم مصلحته العامة ، لكن ان ينبري الساسة في التصدي لهم تحت ذريعة ان ليس من حق رجل الدين الدخول في السياسة والخوض في مسائلها ،لان ذلك يعني تأليب المجتمع ضد الحكومة ، فهذا يندرج ضمن اسوأ اشكال الديكتاتورية كما تمثلت في موقف المالكي الذي حدا به الى نوع من الديكتاتورية المتهورة في تهديد السيد علي السيستاني بسحب سلطته  المرجعية ، واناطتها باشخاص هم مثار جدل في الشارع حد الشبهة ، وذلك نتاج انتقادات وكلاء السيد علي السيستاني ، لحكومة المالكي والعابها بورق الفتن الطائفية التي كانت متبعة في سياسة المقبور صدام حسين رغم ان الاثنين اي صدام والمالكي ليسوا بطائفيين ، لكنهم انطلقوا من القاعدة السياسية العتيدة لمعاوية ( لعنه الله)  وهي قاعدة (فرق تسد ).
ان مكمن التهور في موقف المالكي نابع من عدم فهمه لصلاحيته والتفكير فقط بمنطق الديكتاتور الذي يمكن ان يفعل اي شيء دون ان يعترضه احد ومن يعترضه فان السحق والمحق هو مصيره ، ناسيا وبفعل جنون السلطة ان ليس من حقه او من صلاحياته حتى مجرد التفكير بتهديد السيد السيستاني على هذا النوع من التهور ، فالسيد السيستاني مرجعية عليا وله قاعدة عريضة من المقلدين الذين بالامكان ان يطيحوا بسلطة المالكي المتخلخلة بفعل التهور في المواقف والتسرع في القرارات والتناقض في التصريحات وهو ما اصبح ملموسا لدى الشارع .
لكن ربما ان المالكي غلب في تصوره عند تهديداته بانه سيكسب الشارع العراقي عندما يطرح بدائل عربية ، ناسيا ايضا ان عربية الاسلام هي على المستوى اللغوي اي ان الاسلام عربي لسانا اما المسلم الحق فهو صاحب التقوى بغض النظر عن هويته ولسانه سواء أكان عربيا او اعجميا ،(فلا فرق بين عربي او عجمي الا بالتقوى )  وذلك ما تذكرنا به الاية الكريمة ، ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).
ربما يدفع مزيفو الحقائق عن المالكي صفة الديكتاتورية التي بدأت تتضح ملامحها لكن هل يستطيعون دفع طابع التمادي والتطاول على حريات الاخرين حد التمادي على مرجعية مرموقة ولاننا نشك بقدرة المزيفين عن دفع ذلك لانها وقائع ملموسة والوقائع لا تحرف وتمتلك ثباتها الذي يغالب كل الحيل والالاعيب مهما كانت قدرتها ، واذا كان الحال كذلك فاين يمكن ان نضع المالكي ان لم يكن في خانة الديكتاتورية المتهورة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب