23 ديسمبر، 2024 12:42 م

السيد السيستاني.. صانع النصر والانتصار

السيد السيستاني.. صانع النصر والانتصار

ارتفعت الأعناق، ووصلت القلوب الحناجر، وامتد السواد، بين مكذب ومستهزئ، وساذج ومتخوف، جيوش تساقطت، تناثر الرصاص، وحزت الرؤوس، وسبي النساء، وقتل الاطفال واغتصبت الفتيات، وانتهكت الاعراض، واستبيحت الحرم، وبيعت الجواري بأسواق النخاسة، و شريت بثمن بخس، الجميع يتفرج، عاجزون وصامتون متخاذلون وخونة.
أسلاك متدلية على قارعة الطريق، في زقاق ضيق، يتناثر منه غبار السنين، ليحكي البيت العتيق، عن عمق الرؤية، و ندارة الحكمة، وقمة التواضع، ذاك المنزل البسيط، يسكنه رجل عظيم، قليل الظهور، مدرك للأمور، وقارئ للسطور وحافظ للرعية، هنا بيت المرجعية، هنا اوقف أكبر جيش في العالم، بكلمة، وأنهى حربا ضروس، بإشارة منه، هنا أمة في رجل.
جيوش إلكترونية و إعلامية، تبث السموم، وتحاول بائسة، أن تنتقص من تلك الهامة العملاقة، تصفها مرة بالمرجعية الصامتة، وأخرى تنعته بالعميلة، ويتقولون زورا، ويفبركون الصور، وحتى خطه وتوقيعه زور، لكن لم تستطع ان تصل الى ذرة الرمل من شسع نعله، نعم كان صامتا ومعرضا عن الجاهلين، لكن لقول الحق كالحسام، اذا تحدث، رأس الحكمة طأطأت برأسها عنده، و الصبر خرِّ له صعقا.
نعم؛ متى تعرف الرجال؟.. هو بزغ كالشمس مناديا حي على الجهاد الكفائي، وهكذا فعل؟! فكيف إذا لم يكن كفائيا، في وقت بهت الحاكمون، و خان المسؤولون، وباع المتاجرون، وشمتت الأعداء، وتحالف المستكبرون، وفرح المخططون، وأعلنت الدولة، لترفع الشياطين منبر الفتنة، من جحرهم الكبير، تحركهم أنامل الكفر والطغيان، وللباطل صولة وللحق دولة.
هب الملايين، حين نادى من على منبر الجمعة، حيث الملائكة اجتمعت، والغيوم انحنت، لتردد وتكبر، و عن سواعدها تشمر.. كان العراقيين بأمس الحاجة لإثبات وجودهم، واعلان قوتهم، بعدما هزم الجيش العراقي في ثلاث حروب متتالية، لم يكن للصمود معنى، في أوج الاحتدام الطائفي، فضلا عن الأخيرة كانت حربا عقائدية بامتياز، ولا يصمد امامها الا العقائديون، متسلحين بالإيمان وحب الوطن، كان العراقيين عطشى، لدفعة معنوية تعيد لهم ثقتهم بأنفسهم، وتوحد كلمتهم، وتأخذ المرجعية دورها، في وقت تنحى الجميع وظل متفرجا، وكانت المحافظات تسقط بشكل مخيف واحدة تلو الأخرى.
حرب إثبات وجود، ان نكون او لا نكون، كعراقيين، أعْتقَدَ المتآمرون، أن الشعب قد استنزف قبل ٢٠٠٣، في حروب واضطهاد، وتلاهُ حكومات فاسدة، وثروات مبددة، فكان المتوقع هو انهيار تام، ولا يمكن لشعب مر بتلك الظروف أن ينهض من جديد، علما أن حساباتهم كانت دقيقة وتصوراتهم كانت محسوبة، لكنهم تناسوا أن في كل ضمير عراقي شريف، نبضة تنادي يا حسين، وتهتف هيهات منا الذلة.
صعقة كهربائية، حملتها فتوى الجهاد الكفائي، أوقدت تلك النبضة، و اشعلت شعلة النصر في أرواح وأنفس المجاهدين، انطلقوا معلنين النصر قبل الرصاص، وهو يمزق رايات الضلال، وينحر خرافتهم، ويهدم دولتهم المزعومة، يتنافسون على الشهادة ويتسابقون لنيلها، دون وجل وخوف، شهدت لهم سوح الوغى، انهم الاسود حقا، والابطال فعلا، والصادقون قولا، وهم المذكورون بالفرقان، رجالا صدقوا ما عاهدوا، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
الفتوى كانت دفعة معنوية عالية المضامين، ذات تردد مرتفع، رفع معه الهمة والقدرة على تغيير الواقع، وزاد الثقة في نفوس العراقيين، بأنهم قادرون على تغيير واقعهم المرير، وكان أثرها الأكبر وشارتها العظمى، وبيانها الأوفى، هو نصرٌ مؤزر؛ وفوز عظيم، ورسمت الطريق لتصحيح الاخطاء، وازالة مواطن الخلل، من شخصية الفرد العراقي، الذي كان يائس و متباكي، ونادم ويبحث عن مخرج لتخبطه، كانت الفتوى هي ذاك المارد المعنوي الذي أيقظه تلك الصيحة، وذاك النداء ، ليبقى يردد نحن قادرون على التغيير؛ وصنع غدا اجمل.. شرط أن يستثمر من الجهات المتصدية، بالشكل الصحيح لبناء نظام، ودولة مؤسسات حقيقية تعنى بالمواطن وتحفظ كرامته، وتوزيع الثروات بشكل عادل.