ولدت السيدة زينب عليها السلام في الخامس من جمادي الأول ( الشهر الخامس من الأشهر العربية) عام 5 هجرية وقد سماها الله سبحانه وتعالى بزينب أي زين أب ، وهي خامس أعضاء اقدس عائلة عرفها الوجود فجدها رسول الله (صلى الله عليه واله) وأبيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام سيد الأوصياء عليه السلام وأمها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام وأخويها الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام سيدا شباب الجنة ، وكان عمرها خمس سنوات عندما حدث حديث الكساء ونزول آية التطهير وفي نفس العمر فقدت جدها سيد المرسلين صلى الله عليه واله وكذلك أمها الصديقة الكبرى عليها السلام ، فقد ابتدأت في عملها الجهادي من كان عمرها خمس سنوات وأنتهى باستشهادها في عام 62 هجرية عندما كان عمرها الشريف سبع وخمسون سنة .
في عمر خمس سنوات نقلت السيدة زينب عليها السلام أروع وأشجع وأبلغ خطبة عرفتها البشرية ، هذه الخطبة التي نقلت للأجيال المسلمة في كل العصور الموقف البطولي التي جسدته الصديقة الكبرى عليها السلام في مواجهة قادة انقلاب السقيفة ، الذين لم يستطيعوا أن يجيبوا على التساؤلات التي اثارتها الصديقة الكبرى عليها السلام من القرآن والسنة وكذلك العقل والمنطق وقد اثبتت للمسلمين قاطبة أن أب بكر وعمر ومن يدعمهم قد انقلبوا على أوامر الله ورسوله (صلى الله عليه واله) ولم يحكموا بما أنزل الله سبحانه وتعالى .
فهل باستطاعتنا تربية أولادنا وجعلهم يقتدون بالصديقة الصغرى عليها السلام في معرفة المبادئ والتمسك بها والدفاع عن الحق والتضحية من أجل نشره ما بين الناس .
لقد عاشت السيدة زينب عليها السلام ارتداد الأمة ورفض الأوامر الالهية والانقلاب على الخليفة الشرعي بالإضافة الى مصاب أمها الصديقة الكبرى عليها اسلام ومصاب أبيها أمير المؤمنين عليه السلام بالإضافة الى مصاب أخيها الإمام الحسن عليه السلام ، وهذه الفترة ليست قصيرة وإنما تمتد لمدة خمس وثلاثون سنة فلم تذكر لنا الروايات أن أحداً رأى خيال الصديقة الصغرى زينب عليها السلام مع العلم كانت تقوم بدورها الريادي في نشر تعاليم الدين من خلال عقد الدروس الفقهية وتفسير القرآن لنساء المدينة والكوفة .
فهل باستطاعتنا خلق جيل من الشابات يقتدي بالسيدة زينب عليها السلام يلتزم بتعاليم الدين ويحافظ على الحجاب ولا يختلط بالرجال ولا يعرض مفاتنه على الأغراب من خلال ترك الحجاب الشرعي والهرولة نحو المودة والملابس التي تظهر مفاتن المرأة وضع الماكياج والزينة وغيرها من المحرمات التي تتعارض مع تعاليم الإسلام الحنيف .
لقد حضت الصديقة الصغرى عليها السلام بمكانة عظيمة واحترام لا يضاهيه احترام ما بين والدها أمير المؤمنين عليه السلام وأخوتها عليهم السلام ، تنقل لنا الروايات أن الإمام الحسن عليه السلام عندما تدخل عليه الصديقة الصغرى عليها السلام يقف لها أجلالاً واحتراما ويجلسها في مكانه وهكذا كان يفعل الإمام الحسين عليه السلام ، وهذا الارتباط العائلي الكبير والاحترام المتبادل ما بين الاخوان قل نظيره ما بين أفراد العائلة الواحدة ، فهل نستطيع ان نربي أولادنا على احترام بعضهم بعضا ويحب بعضهم بعضا وخصوصاً احترام الإخوان لأخواتهم ، وكيف ننشر ونزرع ثقافة الاحترام المتبادل والحب الرباني الحقيقي ما بين الإخوان والأخوات في بيوتنا.
لم تخرج السيدة زينب عليها السلام من بيتها في حياتها إلا مرتين (ليس من ضمن خروج الزواج أو النقل الى الكوفة مع الأهل) وفي كليهما كان الخروج لله وفي سبيل الله ومن أجل حفظ رسالة الإسلام ، الأول كان مع والدتها الصديقة الكبرى عليها السلام عندما انتفضت على قادة انقلاب السقيفة وحفظت لنا السيدة زينب عليها السلام أروع وثيقة للتاريخ والأجيال من أجل معرفة طريق الحق والهدى الذي أراده الله سبحانه وتعالى لنا وتعتبر من أهم الوثائق على مظلومية الصديقة الكبرى عليها السلام وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، والخروج الثاني كان مع أخيها الإمام الحسين عليه السلام بعد أخذ الأذن من زوجها عبد الله بن جعفر رضوان الله عليه وكان هذا الخروج لمساندة سيد الأحرار عليه السلام في ثورته على ظلم بني أمية في صحراء كربلاء ، ولولا وجود هذه السيدة العظيمة عليها السلام لضاعت ثورة عاشوراء ما بين رمال صحراء كربلاء ، فقد بذلت الصديقة الصغرى عليها السلام قصارى جهدها وقدمت أغلى تضحياتها من أجل نقل واقعة الطف الأليمة الى الأمة الإسلامية بل العالم بأسره بالإضافة الى حفظ الإمامة من القتل ، فقد كانت بحق الصديقة الصغرى عليها السلام المثال الأروع للنساء والرجال عبر التاريخ في الدفاع عن المبادئ والمثل الأخلاقية السامية وللمؤمنين والمؤمنات في الدفاع عن تعاليم دينهم الحنيف ، فقد وصل إلينا الإسلام بجناحين الأول مصيبة الزهراء عليها السلام والثاني استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء وفي كلا المصيبتين كان المحور هي الصديقة الصغرى زينب عليها السلام.
فهل باستطاعتنا ان نبني جيلاً من البنين والبنات تتمحور كل حركاتهم حول تعاليم دينهم عملاً وتضحيتاً وجهاداً وتقديم الغالي والنفيس من أجل إعلاء كلمة لا اله إلا الله في هذه المعمورة ، وهل نستطيع ان نبني جيلاً من الشباب والشابات في زمن التكنولوجيا والانترنيت لا يتحرك إلا بعد أخذ موافقة ولي الأمر إن كان اباً أو أماً أو أخاً أو أختاً او زوجاً بالإضافة الى الجد وان علا ، حتى نضمن جيلاً يسير على هدى الصديقة الصغرى عليها السلام التي نحتفل بيوم مولدها هذه الأيام .
لم تترك الصديقة الصغرى عليها السلام القيام بصلاة النوافل في أصعب الظروف وأقساها ، فهذه واقعة الطف الأليمة التي لم يحدث مثيلها في التاريخ من الإجرام والقساوة والبشاعة والمأساوية ولكن كل هذا لم يقف حائلاً في وقوف الصديقة الصغرى عليها السلام بين يدي الله سبحانه وتعالى تصلي صلاة الليل ، وفي الكوفة وبالرغم من احتياج النساء والأطفال الى الملابس والطعام ولكنها منعتهم من أخذها لأن الصدقة محرمة عليهم .
فهل يمكننا أن نقتدي بالصديقة الصغرى عليها السلام في بناء جيلاً من الشابات والشباب يحافظون على صلواتهم الواجبة وكذلك المستحبة وجميع عباداتهم ويمتنعون عن آكل الحرام او اكتساب الحرام أو لبس الحرام ، حتى نصبح بحق زينبيون بالهوى والعمل والعبادة والأخلاق وجميع المبادئ السامية .
فعملية إحياء ولادة الصديقة الصغرى عليها السلام نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى علينا فعلينا ان نشكر الله على هذه النعم ومن شكر النعم أن نستثمر هذه المناسبة الجليلة في نشر أخلاق ومبادئ وشجاعة وجهاد وعبادة وتواضع الصديقة الصغرى زينب عليها السلام حتى تتأثر بها الاجيال ونقوم جميعاً بتقليد هذه السيدة الجليلة والسير على هداها ، لأن إقامة إحياء هذه المناسبة وبدون أي تأثير في المجتمع كمن يمتلك كنزاً ولا يستعمله وهو يعيش الفقر والعوز وهذا هو الفقر الحقيقي وهذا ما نعاني منه للأسف الأن ؟؟؟؟ فعلينا أن نستعمل ونستفاد من كنوزنا (ولايتهم سلام الله عليهم) بالشكل الصحيح حتى نفوز بسعادة الدارين ولا نعض أصبع الندامة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم .