22 ديسمبر، 2024 6:46 م

السيدة التي ترتدي سترة من جلد الفقمة

السيدة التي ترتدي سترة من جلد الفقمة

تأخذني الذاكرة للوراء عندما كنا نتساءل بسذاجة عن العنوان الغامض لفيلم ( سبعه أيام في الجنة) للفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة هل ستذهب البطلة للجنة أم إن هناك سر يحتاج كشفه إلى قطع تذكره دخول للسينما بدلا من نقاش أحمق سابق في فيلم أبي فوق الشجرة حين استقر النقاش على إن الأب جالس فوق الشجرة يترقب ابنه وحبيبته

وكي لا أضيع في متاهات العناوين كان الفلم يحكي عن امرأة فقيرة حصلت على جائزة تمنحها السعادة لمده أسبوع تعيش مثل الأميرات وتنظم لها رحلة إلى أماكن ما كانت تحلم بالوصول إليها لتنتهي تلك الأيام الساحرة بسرعة بعد ما عاشت سعادة مؤقتة !!

للحديث صله فذات ظهيرة كنت اقلب في البريد الالكتروني( الياهو ماسنجر ) استوقفني عنوان الرسالة ( السلام عليكم ) قرأت الرسالة على الفور وكانت من امرأة تدعي إن عمرها 68عاما … وتسأل وين ابن الحلال الذي يستلم رسالتها ؟ فهي أرمله وزوجها ترك لها مبلغا يقدر ب5 ملايين دولار وترغب بأن من يستلمه إن يقسم بالله … بان يوزعه على الفقراء والمحتاجين ولأنها مريضة وتعيش أيامها الأخيرة تتمنى إن يقوم أحدا ما بمساعدتها على توزيع هذه الأموال وفق هذه الشروط !! وإنها سئمت حياة الترف حتى إن سترة من جلد الفقمة أهدتها لإحدى الجمعيات الخيرية !

أثارت الرسالة اهتمامي أكثر بكثير من أشهر قصائد الحب أو مهرجانات الشعر البائسة وأخر إخبار الفساد في صفقة شراء كرفانات النازحين

قلت لأتوكل على الله … مادام اليأس أسوأ الذنوب فانا سأقسم لها بكل ما في القسم من أمانه إن أوزع تلك الأموال على يتامى وأرامل العراق وسأذهب للذين يعيشون بين الخرائب وبين القبور ومن لأسقف يحميهم من الحر أو من مطر وعواصف الشتاء في بلد الحرائق الكبيرة …ربما يعجبها إن تخلد اسمها بمدرسة أو جامع أو منتزه

أرسلت رسالتي ليأتيني جوابها مثل انبعاث قمر في ليل حالك … وهاهي أبواب الجنة تفتح لي واسأل مندهشا هل ابتسم الزمن العنيد وكف عن سخريته في حياه عشوائية عشناها وسئمنا منها

هاجسي كيف أوزع مبلغا يقدر بملايين الدولارات هل أبدا بإخوتي وأعمامي وأخوالي وكلهم يتربعون على حافات الفقر أو سأوزع على عشائر السواعد والعبيد والسودان وبني مالك

والجبور والتكارته والدلفيه والبيضان والدليم وربيعة والجنابات والمسيحيين واليزيدين والصابئة وفقراء الإقليم .. وكل المكونات ألداخله في المحاصصة أم خارجها

أسبوعا من رسائل متبادلة ورقيقه ندعو فيها بطول العمر للمحسنة الجليلة وأننا سنطوف على كل المزارات الدينية ..رافعين أيدينا متضرعين لله إن يحفظها

وبانتظار رسالة السعد .. جاءت رسالة منها تطلب رقم حسابي في البنك كي ترسل المبلغ المزعوم !!

أبرقت لها بان بلادي التي هجرها الرب لم تمنحني ولو فرصة واحدة كي يكون لي دفتر صكوك … انتظرت الرد دون جدوى لرسائل عشنا فيها حلما وأمال تتسع لتبصر حجم الألم الذي نعيشه

في تلك الليلة كنت اسمع أغنية حزينة وراسي تدق فيه طبول الحرب وأطمئن روحي بمقطع للماجدي ( فالعمر طير عابر وسدى ومنتجع لحين ) *

* مقطع من قصيدة ( المحارب منحدر إلى حقول الفردوس ) للشاعر الكبير خزعل ألماجدي