6 أبريل، 2024 11:55 م
Search
Close this search box.

السياسي فاضل الجمالي …. محطات ومواقف

Facebook
Twitter
LinkedIn

ولد السياسي محمد فاضل الجمالي عام 1903 وينتمي الى عشيرة آل شيبة وهي فرع من فروع قريش  في مكة المكرمة هاجرت أسرته الى العراق قبل ثلاثة قرون كانت بداية دراسته في مدرسة الامام الخالصي الكبير حيث درس علوم الدين واللغة العربية وحاز اولا على شهادة دار المعلمين الابتدائية من بغداد ومن ثم على شهادة البكالوريوس  من الجامعة الامريكية ببيروت عام 1927 وعى شهادة الدكتوراه في علوم التربية من جامعة كولومبيا في نيويورك عام 1932 . وقد مارس التعليم في دار المعلمين في بغداد عام 1927 وبعد حصوله على الدكتوراه عين مرشدا عاما في وزارة المعارف وذلك عام 1932 ومديرا عاما لها فمفتشا عاما ايضا وفي عام 1943نقلت خدماته الى وزارة الخارجية بدرجة مدير عام 0 وأنضم الى الوفد العراقي للمشاركة في مؤتمر سان فرانسيسكو  وذلك عام 1945 وساهم في اعداد ميثاق هيئة الامم المتحدة ووقع وصادق عليها ممثلا عن بلدة ( المملكة العراقية) …
شغل هذا السياسي العراقي منصب وزير الخارجية مرات عدة وفي عدة دورات وزارية وكان له فيها مواقف وادوار مختلفة  ومنها , منصب وزير الخارجية في حكومة أرشد العمري الاولى حيث ترأس وفد العراق الى اجتماع الجامعة العربية  الذي عقد في (بلودان) السورية للبحث في امر لجنة التحقيق ( الانكلو – أمريكية) الخاصة بالمشكلة الفلسطينية وقد لعب هذا الوفد دورا كبيرا في اتخاذ قرارات عربية صارمة لضمان الحق العربي الفلسطيني وفي نفس الوقت شارك الجمالي في جلسات مؤتمر وزراء الخارجيه العرب  الذي انعقد في القاهرة في 12/8/1946 للعمل على انقاذ فلسطين من الضياع . كما شارك  الجمالي في المؤتمر الخاص حول معاهدة الصلح مع ايطاليا في ايلول عام 1946,
توجه بعدها الجمالي الى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة لمعالجة القضية الفلسطينية .. وقد تم ايضا في وزارته تصعيد التمثيل الدبلوماسي بناء على طلب من الولايات المتحدة الامريكية الى درجة ( سفارة) وذلك في 28/12/1946 وكذلك حصل على هذا التمثيل الدبلوماسي مع المملكة المتحدة( بريطانيا) وفي نفس الوقت تم اعتراف العراق بجمهورية الفلبين ..
اما نشاطه في حكومة صالح جبرفكانت مشاركته عقد معاهدة أخوة  وتحالف بين الاردن والعراق رغم المعارضة لهذه المعاهدة من قبل مجلس النواب والاعيان لما أحتوته من فقرات تمس السيادة العراقية  الا انها صودقت بالأكثرية …
وحيت تراكمت بذمة بريطانيا عدة عشرات من الملايين  الباونات وذلك عام 1941 الذي يقول منها الوزير محمد حديد ( ان هذه الملايين البالونات الاسترلينيه  المتراكمة تمثل رصيد تراكمات ثمن المواد والخدمات التي جهزت بها بريطانيا  منذ عام 1941 لذا قرر مجلس الوزراء  ان يسافر وفد خاص الى بريطانيا بعضوية مدير الماليه العام ( ابراهيم الكبير) ومدير الاقتصاد العام ( نديم الباججي ) ومدير مصرف الرافدين( محمد علي الجلبي) وكان هذا الوفد الخاص برئاسة الجمالي ووصل الى لندن في 13/ حزيران 1947 وقد لعب الجمالي دورا متميزا للحصول على تلك الديون حتى انه استغل علاقاته الشخصية مع وزير الخارجية البريطانية (آرنست بيفين) وكان للوفد ما أراد  بعد مفاوضات طويله وتم ابرام اتفاقية لتسوية تلك الديون بين الطرفين..
وفي آب 1947 وفي عهده وزيرا للخارجية تم الاعتراف بالجمهورية الاندونوسيه
كما ترأس الجمالي الوفد العراقي الى مؤتمر عدم الانحياز الذي عقد في باندونغ عام 1955 وولادة ( عدم الانحياز)
وفي حكومة نوري السعيد(الرابعة عشر) فكانت مشاركة الجمالي فيما يخص الاتحاد بين العراق والاردن  والموقف من وحدة الجمهورية العربية المتحدة  التي قامت عام 1958 بين سوريا ومصر وما صاحب تلك الاحداث على الساحة العراقية والعربية بين نوري السعيد وبريطانيا وبين نوري السعيد وعبد اللة السالم الصباح أمير الكويت  وقائممقامها بخصوص ضمها الى الاتحاد الهاشمي والذي انتهى الى قيام  ثورة 14/7/1958 0
تولى الجمالي رئاسة الوزارة العراقيه مرتان  الاولى في 17 /ايلول /1953 والثانية في 8 آذار 1954 ولملاحظة ما وجد في رئاسته للحكومة لتلك الفترتين فان وزرائه قد طعمت بوجوه شابه تستوزر لاول مرة فقد ضمن ستة وزراء شيعه من مجموع سبعة عشر وزارة وهو مالم  يحدث في  الحكومات العراقية التي شكلت ويقول الكاتب ( عبد الرزاق الحسني)(( لقد قوبل تأليف هذه الحومة من الوزراء بارتياح من قبل الرأي العام لانها جاءت بعدد من العناصر الشابه الى الحكم بعد أن مل الناس  الوجوه القديمه كان ثلثاهم من المستقلين واربعة من حزب الاتحاد الدستوري  (المجمد) وعضوان من الجبهة الشعبية  الوطنية (المجمد)…. ومن بوادر اعمال هذه الحكومة الغاء الاحكام العرفيه التي سنت في الوزارات الماضيه  كما تم اعادة الروح الى الاحزاب الوطنية التي جمدتها الاحكام العرفية  وعادت لتزاول نشاطاتها واعادة جميع الطلبه المفصولين السياسين الى مقاعدهم الدراسية .. ولكن بسبب أضراب عمال شركة نفط البصرة للمالبة بتحسين ظروف المعيشة وطلب زيادة رواتبهم وتحت تهديد وزير داخليتها (سعيد القزاز) بالاستقاله أضطر الجمالي أن يعلن الاحكام العرفيه وغلق تسعه من الصحف المحليه وأحالة جريدتا لواء الاستقلال والأهالي للمحاكم الجزائيه بسبب دعمها للمضربين ولكنها من جانب آخرألغت الرقابة على البرقيات الداخلية والخارجية ……
اما وزارة الجمالي الثانية فقد عادت لالغاء الاحكام العرفيه وكان لهذه الحكومة انجاز عمل اخلاقي واجتماعي ينسجم والواقع الديني وذلك بالغاء المبغى العام الذي كان كان قائما في بغداد وقد تم استملاك ابنيته وتخويله الى ساحة عامة لوقوف السيارات  ومن الجوانب الانسانية والاقتصادية الاخرى التي كان لها الدور الفاعل في دعم الناس الذين يعانون  الضائقة المالية وحيث ان البرلمان في عطلته  السنوية مما استعانوا بقرار ملكي وموافقة المحكمة العليا لاصدار بعض المراسيم منها مرسوم تعديل ضريبة الاملاك من 15% الى10% مرسوم اخر من اجل خلق فرص عمل جديدة للناس وتنفيذ مشاريع البلدية في الالوية بمنح امانة العاصمة والبلديات مبلغا قدره مليونين و نصف المليون دينار لكي تتمكن من تنفيذ مشاريعها المعطلة ومرسوم اخر بتخصيص مبلغ قدره ثلاثين الف دينار مخصصات للملتحقين بدورات تجارية وحسابية وتعليمية لخريجي كلية الحقوق والدراسات الأعدادية فتحت لهذا الغرض كي ترفد دوائر الدولة بهذه العناصر المديرية ومرسوم اخر ايضا يجعل نسبة ضريبة الدخل في حدها الاول 5% لغاية 300 دينار بعد ان كانت 6% لغاية 150 دينار , ومن جانب آخرقامت الحكومة بتوزيع مايقارب من المليون مشارة من الاراضي الزراعية  على المستحقين وهنا يحلل الكاتب الحسني هذه الخطوات فيقول ( تخفيف الضيق الاقتصادي المستحوذ على السوق بنتيجة تدهور اسعار الحاصلات الزراعيه وانخفاض الدخل الزراعي فقد لجأت الحكومة الى ضخ كمية كبيرة من النقد الى السوق بالتسريع في الاعمال العمرانية وفي جميع الالوية وتشجيع التسليف الزراعي على يد المصرف الزراعي وهي سائرة في شراء مايفيض من الحنطة اضافة الى مشترياتها  لمشروع الخبز) ومشروع الخبز هذا من المشروعات الهادفة لتخفيف الضائقة عن المحتاجين والمعوزين من الناس وبأسعار مدعومة وكانت نية الجمالي متوجهة لتطهير أجهزة الدولة من المرتشين والمفسدين الا ان الجمالي اصطدم بعقبات لم يتمكن من تجاوزها ومنها أن غالبية كبار الموظفين الذين سيشملهم التطهير هم من الذين محسوبين على الوصي عبد الاله ونوري السعيد لذا كانت مهمة الجمالي عصيبة ان لم تكن مستحيله!!
هذا على الجانب الداخلي .. أما على الجانب العربي أن الجمالي كان يسعى القيام باتحاد بين العراق وسوريا ولكن الملفت للنظر أن عمله هذا كان محاطا بالتآمر على النظام السوري آنذاك الذي يرأسه ( الشيشكلي) وكان هذا التآمر يجري بعلم من الملك والوصي وبالتنسيق معهما حيث تم رصد مبلغ ثلثمائة الف دينار لتنفيذ هذا التغيير في سوريا حيث تم ارسال صالح جبر بتكليف من الوصي ورئيس وزرائه الجمالي الى لبنان وبصحبتهم مبلغا قدره مائة الف دينار لتهيئة عملية أنقلابية  على ( الشيشكلي) وهو ماحدث فعلا وكان المكلف بالمهمة صالح جبر قد صرف مبلغ سبعون الف دينار من المبلغ حيث تم ايصالها الى يد ( هاشم الاتاسي) فعلا مع تموين وسلاح واعتدة وصلت يد منفذي اصحابها مما أدى الى قيام حركة قوية انبثقت من (حمص) وبتأييد من ( حلب) …. ويقول الجمالي في محاضر المحكمة العسكرية العليا التي تشكلت لمحاكمة مجموعة من رموز الحكم الملكي ( محكمة المهداوي)(( بعدما غادر الشيشكلي دمشق وعقد مؤتمر حمص واصبح السيد الاتاسي رئيسا للجمهورية برئاسة العسلي بداءت الاتصالات  بيننا وبين بعض زعماء سورية  حول الاتحاد بالصورة الدستورية ولكن معارضة نوري السعيد الذي كانت له الاكثرية في البرلمان مما حملتني على الاستقاله وهي كانت السبب الرئيسي للاستقاله)) ويعقب الحسني على هذا الموقف فيقول (( وكان نوري السعيد يعارض فكرة الصرف على هذا المشروع بدعوى انها خيالية يؤدي الى افلاس العراق ولايمكن تحقيقه ويعتقد الجمالي ان نوري كان يعارضه لئلا يتم على يد غيره وانه – الجمالي- لو بقى بالحكم ستة اشهر  أخرى لتحقق الاتحاد بين العراق وسوريا )) وذكر الحسني في كتابه ( ذكريات وعبر) يقول الجمالي (( أما مايتعلق بسوريا فقد ذكرت بان الباشا نوري اوقف كل جهودي للمضي في تحقيق الاتحاد بين العراق وسوريا ولم يوافق علة انفاق أية اموال لتلك الغاية . وكان نوري قد أعترض على عزم حكومتي على انفاق ربع مليون دينارعلى مشروع الاتحاد لكن العراق خسر حوالي خمسون مليون دينارعندما دمر السوريون أنابيب النفط العراقي التي تمر بالاراضي السورية ))….
والموقف العربي الآخر ولاهتمامه بقضية العروبة والوحدة والاتحاد فقد تقدم خلال وزارتيه – الاولى بمشروع عن اتحاد الدول العربية وقدمه الى الجامعة العربية في اجتماعة المنعقد كانون الثاني 1954 وكان هذا المشروع موضوع رعاية وأهتمام ودراسة من قبل الدول العربية وجاء في مقدمة وفقرات المشروع العشرة سعيه الى جمع شمل الامة العربية واطريق الوحيد لانقاذهم من محنتهم الحاضرة ومجابهة الخطر الاسرائيلي واقرار الســــــلم في هذا القسم  الحيوي في هذا العالم هو تحقيق ( الاتحاد العربي) وفقراته التي تناولت تعريفا ومفهوما لحقيقة الاتحاد وانه ليس عملا مثاليا وانما ضرورة قومية والرد على الخطر الذي يداهم  الكيان العربي من اسرائيل وغيرها والقيام بدورها المنشود لتحقيق ذلك وذلك باجراء استفتاء في الشعوب العربية وايجاد حلف او قانون او معاهدة توحد سياسة واقتصاد ودفاع وخارجية الدول العربية  من خلال سن دستور للاتحاد يعرض على برلماناتها لغرض الموافقة عليه))
لقد أبدى المؤتمرون في قاعة الاجتماع لجامعة الدول العربية أرتياحهم الكبير لهذه المبادرة وطالبوا مشاورة بلدانهم وتقديم المقترحات والاضافات .. ولكن هناك بعض الساسه من وقف ضد الجمالي ومن المهيمنين على القرار السياسي وقتلوا المشروع0
أما نشاط الجمالي على المستوى العالمي فقد وقف ولعدة مرات عندما كان مندوبا للعراق في هيئة الامم المتحدة مذكرا العالم ورافعا صوته بالاحتجاج ضد المجازر التي ارتكبتها الصهاينه في ( دير ياسين) و (قبية ) و ( غزة) و ( كفر قاسم ) وفي عام 1946 انعقد مجلس الجامعة العربية في( بلودان ) في سوريا لاتخاذ مايمكن من تدابير ضد قرار الرئيس الامريكي(ترومان) على بريطانيا الدولة المنتدبة بالسماح بهجرة مائة الف يهودي الى اسرائيل… فتقدم الجمالي باسم العراق باقتراح فاجأ الجميع حيث طالب بتخصيص مليون باون استرليني من قبل الجامعة العربية يذهب نصفها  لتمويل مكاتب الاعلام العربي للوقوف ضد الدعاية الصهيونية في بريطانيا وامريكا ويذهب النصف الثاني لشراء الاراضي العربية للحيلوله  دون شرائها من قبل اليهود واستخدام النفط كسلاح في محاربة الصهيونية والدول المناصرة لها ووقف ضخ النفط عن تلك الدول التي استمرت في تحيزها للصهيونية )) وقد أعتبرت غالبية أعضاءالمجلس هذا الاقتراح خطوة نحو ( التطرف) حسب مفاهيمهم ولايمكن قبولها وأتخذت قرارا بشطب كلمات الجمالي من محضر الاجتماع الامر الذي دفعه لان يصرخ باعلى صوته في قاعة الاجتماع قائلا(( لكم ان تشطبوا الكلمات ولكن لن تشطبوا الواقع أن الحقائق ستفرض نفسها ))
واضطرت الدول العربية ان تتخذ من النفط سلاح ولكن بعد ثلاثين عاما من صرخة الجمالي في قاعة الجامعة العربية في القاهرة
وموقف آخر لايقل جراءة او حزما اوخطورة عندما تقدمت امريكا بايعاز من الرئيس ( ترومان) في 29 نوفمبر 1947  باقتراح الى هيئة الامم المتحدة يقضي بتقسيم فلسطين . فأشار الجمالي بشدة موضوع شرعية هذا الاقتراح وصلاحية هيئة الامم المتحدة لاتخاذ قرار التقسيم بدون موافقة سكانه الاصليين  وطالب الجمالي بضرورة استشارة محكمة العدل الدوليه قبل الدخول في مناقشة الامر.. وقد حضي اقتراح الجمالي بتأييد مندوبي الدول العربية والاسلامية ودول العالم الثالث وأحدث أرباكا من الجانب الامريكي ويكاد ان يجهض هذا المقترح الامريكي الا ان الرئي الامريكي استغل نفوذه الشخصي لدى عدد من دول العالم الثالث وخاصة في أمريكا اللاتينية  لتمرير هذا القرار الجائر بأكثرية ضئيلة0

      
قالوا في الجمالي :
هذه صورة من كفاح رجل مخلص لامته شاءت التناقضات العربية والدسائس الصهيونية والدوليه أن يتهم بالباطل ..                
                                                              عفيف صافيه
                                                     المفوض الفلسطيني  لدى المملكة المتحدة
من الحق ان ننظر الى الوراء لنحيط بحياة رجل غطت انجازاته معظم هذا القرن ولكن أعتقد ان الجمالي رجل التربية يريد منا هذه اللحظة ان نفكر في أحفاده وفي معاصرية وفي المستقبل الذي سيرثونه .. أنه ترك لهم نموذجا لانسان عظيم..
                                                     بيتر أيفر نكتون
                                                   عضو لجنة التسليح / بريطانيــــــــــا
المصادر :
تاريخ الوزارات العراقيه / عبد الرزاق الحسني
ملفات ووثائق البلاط الملكي / المكتبه الوطنيه العراقية
كتاب الشيعة والدوله العراقية الحديثة/ د0 عدنان عليان
لقاء مع معمرين

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب