تدل لوائح الترتيب الصادرة من المنظمات الدولية عن الفساد السياسي، والتي وضعت العراق ضمن الاولوية في تلك اللوائح، بسبب النهب الممارس من قبل الساسة، نتيجة تفشي سيادة ظاهرة الفساد السياسي ، التي اصبحت تنخر بكيان الدولة والمجتمع، وكيان الأجهزة الامنية المختلفة ، إن فساد الساسة قد انتشر وعمّ في عراقنا، ولا نقول حتى أزكمت الأنوف، بل نقول حتى اعتادتها الأنوف، فما عادت تشمئز منها كثير من النفوس أو تعافها ، وإذا كان الفساد مصيبة كبيرة، فإن الرضا به والاستسلام له مصيبة أكبر، التي أصبح المسؤولون عنها لا يهتمون إلا بما يتحقق من منفعة في جيوبهم ،وتزايدت نماذج الساسة الفاسدين بالعراق وشمل فساد زعماء، رؤساء، وفساد احزاب سیاسیة ، ويمكن وصفها ببحر هائل من الأوساخ والقمامة والشر وموت الضمير، وان استشراء نموذج السياسي الفاسد وما ينتج عنها من تهدید للاستقرارالامني والاجتماعي، مما ادت اثارها الى تصاعد حالات العنف والانقسامات في المجتمع ، ومن بین أهم مظاهر السياسي الفاسد نجد الرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتیال ومحاباة الأقارب واختلاس المال العام وفي نفس الوقت یسهل النشاطات الإجرامية كغسیل الأموال ، والعلاقة بين الصفات الدنيئة والرديئة ، وللفساد السياسي علاقة تبادلية مع الظلم فهي مكونه الرئيسي ولكنه يربيها ويكبرها ويحركها، فان الظلم من أعمدة التي يعتمد عليها الفساد السياسي ، والأنانية هي احدى مكوناته فإنها به تكبر وتتضخم، ولاسیما یصل بهم الحال إلى حد اقتناص الدولة من جانب جماعة أو فئة ما تسیطر على أجهزة الحكم، ما یؤثر سلبا على النظام السیاسي برمته سواء من حیث شرعیته أو استقراره أو سمعته ، وباختصار فان السیاسي الفاسد هو من إساء لاستخدام السلطة العامة ، لأهداف شخصیة على حساب خدمة مصالح الجميع ، وأنه السلوك القائم على استغلال المنصب العام ، والانحراف عن الواجبات والمهام الرسمیة المرتبطة من اجل تحقیق مصلحة خاصة، مادیة كانت أو غیر مادیة وسواءكانت مصلحة شخصیة أو عائلیة أو طائفیة أو لآخرین ، لا شك أن سعي مجموعة من السیاسيين الفاسدين ، یمكن أن يهددوا النظام السیاسی باتباعهم اساليب المافيات بواسطة مليشيات من تضییق الخناق على الحریات والحقوق السیاسیة والمدنیة للمواطنین، وتركیز للسلطة بيد افراد معدودين ، وتجاهل لحكم القانون، وغیاب الشفافیة والمساءلة، لذلك فان افتقاد الشرعیة یفتح الباب امام العنف وهذا ما ینجر عنه صراعات داخلیة قد تكلف البلاد خسائر كبیرة، بالإضافة إلى أن اهم سمات الساسه الفاسدين ، افتقاد العقلانیة في أهم القرارات السیاسیة التي تؤثر في مصیر الوطن ،واعتمادهم على شلة تقدیم معلومات مغايرة للواقع التي تواجه الوطن في مجال معین لتمكنهم من الاستئثار بالقرار وبالتالي اقتناص للدولة من جانب جماعة معینة ، وهذا نتیجة غیاب القانون ، لذلك فلیس من المستغرب أن تجد مظاهر للصراع على السلطة، والتي تتخذ صورلعصابات على شكل جهات داعمة للسلطة ما بین استعمال محدود للسلاح إلى اندلاع الحروب الأهلیة.
الفساد السياسي استشرى كالاخطبوط ودمرحياة الناس وقيمهم ، قضى على كل معاني الحياة ، فبقاءه رهينا بالاستبداد السياسي ، الذي يظل يلازمه ويحميه ويوفر له سبل البقاء ، يعشش في كنفه ، ويجاوره في تبادلات مبنية على مبدأ ” أنا ومن بعدي الطوفان” ، وهكذا تأتي السياسات المبنية على الاستبداد عرجاء ، مبنية على الارتجال والتسويف وايهام المواطن بخطبات جوفاء ، كما تقوم على احتكار المواقع الوظيفية ، و توزيع الهبات والمناصب والمواقع لمن لا يستحقها ، وهكذا من الأساليب التي تبقي الأول رهينا بالثاني ومقويا له و معززا لأسباب بقائه العلاقة هنا تبادلية جدلية.
إن الأمن الوطني، بمعانیه وتطبیقاته، هوسلامة الوجود، وضمان دیمومته واستمرار مقوماته وشروطه، وحمایته من التهدیدات والمخاطر، لأن معنى الأمن وضرورته یقابلان معنى الحیاة وضرورة استمرارها وسلامتها،والحیاة الاجتماعیة للإنسان تكتسب بعدا سیاسیا، تفرضه علیها حاجتها إلى التنظیم والتوجیه والتحكم، وتجسده فیها أشكال التنظیم السلطوي السیاسي المختلفة اللازمة ، ،لهذا یمكن اعتبار ظاهرة الفساد السیاسي هي أكثر ما یهدد العراق ويصبح عرضة لأطماع خارجية فدولة رخوة منخورة بالفساد تسمح وبسهولة للتدخل الأجنبي ، الذي يحمي مصالح الطبقة السياسية الفاسدة ويجدد بقاؤها، والذي اصبح أمرامقبولا دولیا.
[email protected]
عمان