كنت بصدد كتابة مقال عن رابط وصلني من أحد الأصدقاء عن النائب عن حزب الفضيلة سوزان السعد وهي توّزع كتاب مفاتيح الجنان كجزء من حملتها الدعائية للانتخابات القادمة , لكنّ مشروع كتابة هذا المقال قد تأجل لوقت آخر بسبب المؤتمر الصحفي الذي عقده اياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية هذا اليوم الأحد , والذي دعى فيه البرلمان لإسقاط حكومة المالكي و تشكيل حكومة تصريف أعمال يقودها شخص غير المالكي , يأخذ على عاتقه مهمة إجراء الانتخابات القادمة من أجل ضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة , مستشهدا بالحكومة اللبنانية المؤقته الحالية . ولست بصدد الرد على اتهاماته لرئيس الوزراء المتعلقة بالشركاء والعملية السياسية , أو باستنكاره لاتهام المالكي للسعودية وقطر بدعمهما للإرهاب والقتل في العراق وشنّهما حربا غير معلنة على العراق . فالرجل له كل الحق فيما يدّعي ويقول , خصوصا وإنّه يعتبر نفسه منافسا للمالكي على رئاسة الحكومة القادمة .
وقبل أن أبدأ بمناقشة مقترحه بتشكيل حكومة تصريف أعمال , أقول لكم أيها الأحبة , هل رأيتم سياسي عراقي أكثر غباء وجهلا من أياد علاوي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى هذه اللحظة ؟ وربّما يعتقد البعض ويتوهم إنّ كلامي هذا مسيّس أو مدفوع من قبل المالكي أو غيره , فلهذا البعض أقول أقسم بالله العلي العظيم , لا علاقة لي بالمالكي أو غيره لا من قريب ولا من بعيد , لكن الذي يحزّ في النفس ويبعث على الألم أنّ هذا الغبي قد توّلى قيادة العراق في فترة مهمة وعصيبة , وهو الذي أعطى الأكراد نسبة 17% من موازنة العراق العامة بدون أي حق وخلافا لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالنفط مقابل الغذاء والتي كانت حصة الأكراد فيها 13% من مبعيات النفط بناء على نسبة عددهم بالنسبة لسكان العراق .
فهذا الرجل يثبت يوما بعد يوم إنه الأكثر غباء وجهلا من بين كل السياسيين العراقيين , فهو لا يفقه حتى أبجديات علم السياسة , ويجهل تماما دستور بلده , ودعوته هذه لحكومة تصريف الأعمال خير دليل على جهله المطبق بالدستور العراقي , وهذه ليست المرّة الأولى التي يكشف فيها عن جهله بهذا الدستور , فقد سبق له أن اتفق مع رئيس الوزراء الحالي عند تشكيل الحكومة على إنشاء المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية , وكان يتصوّر أنّ هذا المجلس ستكون له صلاحيات تشريعية وتنفيذية أكبر من صلاحيات السلطتين التشريعية والتنفيذية , أي أنّه سلطة فوق السلطات , وحينها قال له خبراء القانون والدستور يا دولة الرئيس هذه الصلاحيات التي تطالب بها تحتاج إلى تغييرات دستورية كبيرة , والبرلمان لا يستطيع تشريع قانون بالمواصفات التي تطالب بها , وحتى لو تمّ تشريع مثل هذا القانون فإنه سينقض من قبل المحكمة الاتحادية العليا لتعارضه مع الدستور .
ودعوته هذا اليوم لحكومة تصريف الأعمال قد أثبتت للعراقيين جميعا بما لا يقبل الشك , أنّ هذا الرجل لم يقرأ الدستور العراقي يوما , ولم يفقه منه مادة دستورية واحدة , فلو كان قد قرأ الدستور وفهم ما جاء فيه جيدا , لما دعى لمثل هذه الدعوة البليدة , فدعوة سحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء تتم بطريقين لا ثالث لهما , أما بطلب للبرلمان من رئيس الجمهورية أو بطلب من خمس نوّاب البرلمان , وفي هذه الحالة لا يجوز تقديم الطلب قبل استجواب رئيس الوزراء , وفي الحالتين يتم سحب الثقة من رئيس الوزراء بالأغلبية المطلقة , وحينها تصبح الوزارة مستقيلة , وفي هذه الحالة يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الأمور اليومية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد , فهذا هو الدستور وهذه هي آليات سحب الثقة عن الحكومة , فمن أين جاء هذا الفطحل بحكومة تصريف الأعمال ؟ وكيف سيتم تشكيل هذه الحكومة المقترحة ؟ وتحت أي مادة دستورية سيتم تشكيلها ؟ وما مصير الحكومة الحالية ؟ فيا ترى هل سأل الفطحل علاوي نفسه هذه الأسئلة ؟ ولماذا لم تتدخل ميسون الدملوجي وتخبره بأنّ ما يقترحه ليس سوى ( خرابيط مال حشاشة ) ؟ فهل تقبلوا يا عراقيين بعلاوي رئيسا لحكومتكم القادمة ؟ .