18 ديسمبر، 2024 7:07 م

السياسي أمن العقاب فأفسد

السياسي أمن العقاب فأفسد

رغم الكتابة الصحفية عن الفساد أصبحت كما يُقال هواء في شباك ، لا تضيف للأمر شيء لان الكل يعرف يقيناً بالمأساة التي يعيشها المواطن العراقي ،  في ظل حيتان الفساد بجلاليبهم  وأقنعتهم المختلفة وأيدلوجياتهم المتقاطعة ، وما نتج عنها من تضاد مستمر في توجهاتهم وأهدافهم واصطفافهم وتبعيتهم للمعسكرات الإقليمية المتصارعة المختلفة في منطقتنا ، رغم كل ذلك من الاستلاب الحقيقي لاستقلالية قراراتهم في معالجة قضايا الوطن المصيرية ونتائجها الكارثية على استقرار وامن البلاد والعباد ، إلا اتفاقهم التام  بالجلوس على مائدة واحدة لتقسيم غنائم المناصب من اقلها إلى أعلها من عناوين المسؤولية في الأجهزة التنفيذية والتشريعية من خلال جولات اعتاد المواطن على متابعتها بعد كل نتائج انتخابات برلمانية ، لتبدأ بعدها سياسة المساومات والمقايضات والمزايدات فيما بينهم لكونهم ضالعين ومبدعين في الابتزاز بامتياز لينالوا حصصهم من دماء وقوت المواطن في ثرواته وفق المحاصصة السياسية اللعينة والتوافقات السياسية الضيقة . حتى  تضخمت رؤوس الفساد و أدت إلى ما هو افضع واخطر  الا وهو احتلال ارض العراق من قبل الإرهاب الدولي وإعادة تأهيل وتبرير الاحتلال الجديد الأمريكي مصحوبة بالعجز والإفلاس والاقتراض والبطالة وتفشي الجرائم المنظمة وانعدام الخدمات في كافة مرافق الحياة . نتيجة واضحة لهدر المليارات في جيوب السياسيين وذويهم من أصحاب الشركات الكبرى وبميزانياتها المنافسة للشركات العالمية العريقة وامتلاك الفنادق الضخمة والعقارات في كل بقاع العالم السياحية البرية والبحرية  والبنوك الاستثمارية . يمكننا ان نقول بلا تردد في وادي الرافدين يمكن بين ليلة وضحاها لمن يرغب ان يصبح من أغنياء العالم بلا حرج ان يمتلك العصا السحرية للمنصب والانتماء السياسي  ،  ولكن السؤال الكبير والمحير بعد علم القاصي والداني بالفساد الذي نخر مفاصل الدولة بكل أركانها ، رغم تحذيرات المرجعية والفعاليات الجماهيرية في السنوات الماضية وعمل هيئة النزاهة ، لم نرى فعل حقيقي لتقديم المتورطين بالفساد وإعدادهم بعشرات الآلاف إلى القضاء أو إصدار أحكام رادعة لهم ، إذن من يستطيع محاسبة الفاسدين والمتلاعبين بثروات وقوت المواطن للسنوات الماضية والحالية ، نقولها بصراحة ان من يجرؤ ان يشير الى تلك الملفات وشبكاتها ، يمارسون معه أساليب شراء الذمم بالرشاوى أو ينتظر العواقب والنتائج الوخيمة وإقامة الدعوات الكيدية ضده  أو تلويث السمعة والتسقيط عبر ما يمتلكون من أدوات ووسائل إعلامية تعمل تحت مظلتهم وأخرها لجوئهم الى التهديد المباشر من قبل أعوانهم  بالتصفية الجسدية لكونهم يتمتعون بحصانة فوق القانون ، ابسط مثال على ذلك الكثير من المتهمين بجرائم الإرهاب من السياسيين تمت تسوية قضاياهم بالاتفاقات المشبوهة وأطلق سراحهم وألان أحرار ليعيدوا كرة إعمالهم من جديد وأمام الملأ جميعا ، وعليه من الصعوبة تخليهم عن مناصبهم ومنافعهم ومميزاتهم لهم ولذويهم وأقاربهم إلى الدرجة المئة ولأن “من أمن العقاب أساء الأدب”.لذا فان “الأمة التي تُحسن أن تجهر بالحق وتجرئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد”،  لذلك نرى الاحتجاجات والاعتصامات الراهنة وسيلة ضغط حقيقية وفاعلة لتضيق الخناق على كل الفاسدين مهما علت مناصبهم ومكانتهم السياسية وعملية فضحهم وكشف ملفات فسادهم بوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بالبراهين والأدلة بصدق وامانة ووطنية دون استهداف لمنافع شخصية او لمصلحة اخرى غير مصلحة الوطن ، لكون (يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم ) ، ولابد من زيادة زخم تلك الانتفاضة الجماهيرية ومشاركة الجميع الفاعلة دون استثناء وعدم اختزالها واقتصارها على مكون أو جهة أو تكتل  بل صوت للعراق بكل طوائفه ومكوناته ضد كل أنواع الفساد وصوره وأصحابه و شعارها الإصلاح الشامل للعراق ، والمحافظة على سلميتها التامة وبامتياز تراعي القوانين والإجراءات الأمنية المتبعة من قبل الأجهزة الأمنية وتفويت الفرصة على الأعداء من استغلالها لمآربهم العدوانية الإرهابية ، لتكون رسالة صريحة للسياسيين التي سولت لهم أنفسهم نهب والعبث بمصير بلدنا ، ان ساعة المحاسبة وإحقاق الحق آتية حتماً ، حيث أمر الله -عز وجل- : {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}.