السياسة ليست مجرد صراع على المناصب أو لعبة للسلطة.
وفقًا لأفلاطون، تُعد السياسة وظيفة الإنسان العاقل، مسؤولية تتطلب التفكير والحكمة قبل اتخاذ أي قرار.
الإنسان العاقل في السياسة هو الذي يوازن بين مصالح الأفراد وحقائق الواقع، بين العدالة والحرية، وبين الفرد والمجتمع.
هو الذي يعرف أن القرار الصحيح لا يُتخذ بسرعة، بل بعد تفكير عميق ووعي كامل بعواقبه.
السياسة وظيفة العقل، لكنها أيضًا اختبار للوعي البشري: معرفة الأخطاء قبل وقوعها، وفهم تأثير كل قرار على المجتمع، والإدراك أن كل قانون أو إجراء يحمل آثارًا تمتد إلى المستقبل.
الإنسان العاقل لا ينحني أمام الإغراءات، ولا يسحره المنصب.
هو الذي يجعل من الكلام فعلًا، ومن الفعل وسيلة لبناء العدالة، ومن العدالة أساسًا لحياة كريمة للجميع.
السياسة إذن مسؤولية مزدوجة: تجاه المجتمع وتجاه النفس، مسؤولية تتطلب صبرًا وفهمًا وحكمة.
وكل خطوة في هذه المسؤولية تُقاس بقدرة الإنسان على تحويل الصعوبات إلى حلول، والأزمات إلى فرص للتغيير.
أفلاطون لم يقدم مجرد نصائح، بل وضع معيارًا: كل من يشارك في السياسة يجب أن يكون عاقلًا وواعٍ، قادرًا على مواجهة طموحاته الشخصية وفهم أثر قراراته على الآخرين.
السياسة وظيفة الإنسان العاقل، ومسؤولية لا يمكن تجاهلها. هي الطريق الذي يمكن من خلاله بناء مجتمع أكثر عدلاً واستقرارًا، وحتى لحظة واحدة من العقل والحكمة يمكن أن تحدث فرقًا حقيقيًا.