23 ديسمبر، 2024 2:28 م

السياسة والموازنة .!

السياسة والموازنة .!

مع مطلع كل عام يستبشر العراقيون خيراً ان يكون عامهم الجديد عام خير وسلام ومحبة ورخاء ، ومع تلك الامنيات المشفوعة بالدعوات إلا انها كثيراً ما تصطدم بمشكلة تتكرر كل عام وهي اقرار الموازنة العامة .
لقد بات واضحاً ان بعض الكتل البرلمانية تتعمد تأخير اقرار الموازنة بهدف تحقيق مكاسب سياسية ومادية الامر الذي يعرض مصالح ملايين المواطنين وكل الشرائح التي تستهدفها الموازنة الى الخطر وبالتالي الحاق خسائر مالية كبيرة بالعراق والعراقيين نتيجة عدم الشروع بتنفيذ مشاريع تنموية جديدة او تأخير انجاز ما بدأ العمل به، وبلا ادنى شك فان هذه الخسائر تكبر وتتضاعف شهرياً نتيجة لهذا لتأخير المتعمد، فالمتقاعدون على سبيل المثال لا الحصر ينتظرون بفارغ الصبر تسلم مرتباتهم التقاعدية بعد اقرار الزيادة عليها مؤخرا، إلا ان هذا لم يحصل إلا اذا أقرت الموازنة ، وكذلك الأمر بالنسبة لمئات الآلاف من الشباب الذين ينتظرون دورهم في التعيينات الجديدة التي قررتها الوزارات والمؤسسات الحكومية للسنة الحالية، ما يعني ايضا ان على هؤلاء انتظار رحمة ممثليهم في البرلمان، فضلا عن ان هذا يسبب تلكؤ عمل الشركات الاستثمارية ويسيء لسمعة العراق في المحافل الدولية الاقتصادية، كما وانه يلحق الضرر بجهود الحكومة في سعيها لعقد صفقات التسليح لوزارتي الدفاع والداخلية والعجز عن تسديد مبالغ هذه الصفقات التي تم التعاقد عليها ،خاصة وان كل هذا يحدث والعراق يخوض حاليا حربا شرسة ضد التنظيمات الارهابية التكفيرية ،ما يعرض الجميع الى خطر الموت المستمر واضافة أرقام جديدة الى أعداد الشهداء الذين يتساقطون كل يوم ،والأمثلة كثيرة ويطول ذكرها.

ان نظرة سريعة للمشاكل التي تواجه العراق ،يجد المتابع لها انها لا تنتهي بجلسة او جلستين ولا حتى بدورة انتخابية أمدها اربعة أعوام ،لكن من المنصف القول ان بإمكان الكتل البرلمانية التوافق على اقرار ما يهم جماهير الشعب التي انتخبتهم أولا ومن ثم تخصيص جلسات أخرى لحل المشاكل التي ستترسخ بكل تأكيد ( لا سامح الله ) ان لم يتم التوافق عليها سريعا من خلال تقديم التنازلات والتفاهم بين الكتل للوصول الى تحقيق مصلحة العراق العليا ،بعيدا عن مصلحة هذه الكتلة السياسية أو تلك .

فالخلاف على الاستحقاقات النفطية والمالية بين حكومة اقليم كردستان والحكومة المركزية هي أحد الأسباب الرئيسة في تأخر اقرار الموازنة وبلا ادنى شك ان تنظيم العلاقة بين المركز والإقليم وعلى وجه الخصوص بما يتعلق بالثروة النفطية تعتبر من الموضوعات المهمة التي يترتب عليها حقوق والتزامات دستورية سواء على المركز او الاقليم لكن هذا لا يتيح للكرد ان يجعلوا ورقة الموازنة هي ورقة الضغط باتجاه حل الازمة والذي بسببه يقاطع أعضاء البرلمان الكرد حضور الجلسات ،وكذلك بالنسبة لكتلة ( متحدون ) التي تطالب بمناقشة أزمة محافظة الأنبار كشرط مسبق لحضورها جلسات البرلمان لإقرار الموازنة مع ان اقرارها يعتبر

من العوامل الاساسية لحل الازمة لما يترتب عليها من استحقاقات مالية لمحافظة الانبار ،هذان السببان لا يمكن قبولهما من الشعب ليكونا سببا في محاربته بقطع ارزاقه وتأخير مستحقاته .فلا خير في سياسة لا تخدم مصالح الشعب ،ولا برلمان لا يراع حقوق من انتخبه ،وان الأنظار تتجه الى الأعضاء الخيرين الذين يضعون مصالح الشعب فوق مصالح كتلهم وأحزابهم ويعملوا من اجل اقرار الموازنة للمصلحة العامة.