عجيبٌ امر السياسة والسياسيين فهي متغيرة وهم متغيرون فهي امراة لعوب ليس لها امان وهي لاتعرف الزمان والمكان ، همها الخلان وما تحمله الكنوز والخزائن وهمهم مصالحهم فقط ورحم الله رئيس الوزراء البريطاني ونستن تشرشل الذي اوجز لعبة السياسة والسياسيين في اربعينات القرن الماضي قائلا (ليس لنا اعداء دائمون وليس لنا اصدقاء دائمون بل لنا مصالح دائمة) . هذه هي السياسة لامكان فيها للمبادئ والقيم وحتى المصالح تختلف من سياسي لاخر وحين يتكلم السياسيون تقف مذهولا فاغرا فاك لبلاغتهم وجرأتهم وتلاعبهم بالالفاظ حتى يخيل اليك ان ملاكاً يقف خطيبا على المنبر ، تجد في كلماتهم السعي وراء المثالية وكانهم اتباع افلاطون او توماس مور او كأنهم اتباع عيسى بن مريم (ع) او من اتباع محمد (ص) لكن المحصلة النهائية كما وصفها شيخ الكتاب المسرحيين (وليم شكسبير) (جعجعة بدون طحن) فالشعوب لاتحيى بالكلام ومعسول الحديث فقط والاوطان لاتبنى بالكلمات المنمقة . ان الشعوب تحيى بالافعال لا الاقوال .
في 11/9/2009 وفي ذكرى الحادي عشر من ايلول قال رئيس الولايات المتحدة الاميركية (باراك اوباما) (لنتذكر من سقطوا ولنلسق صورهم في قلوبنا فهم لم يلحقوا الاذى باحد) بارك الله اوباما فان الذين سقطوا لم يلحقوا الاذى باحد ثم اردف قائلا (دعونا نتذكر طيبة امريكا) .
سيادة الرئيس بارك الله فيك وبارك الله في كل دول العالم . لقد علمني ديني الحنيف وهو لايختلف عن دينك لانهما سماويان منزلان من رب العزة قائلا (واذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم) . فنحن لانضمر العداء لاحد ولا الحقد على احد ونتمنى الخير للجميع . لكننا نسال سيادة الرئيس الامريكي ، هل ان العراق سبب الاذى للشعب الامريكي ؟ هل ان خمسة ملايين عراقي مهجر سببوا الاذى للامريكان ؟ هل ان اكثر من مليوني طفل عراقي يتيم الحقوا الاذى بامريكا ؟ هل ان اكثر من ثلاثة ملايين ارملة عراقية سببن الاذى لامريكا ؟ هل ان من هُجروا من ديارهم قسرا تسببوا بالحاق الاذى بامريكا ؟ هل ان الحضارة العراقية ذات السبعة الاف عام تسببت بالاذى للامريكان وامريكا ؟ هل ان الدور التي قُصِفتَ والمصانع التي دُمِرت والمدارس التي سُحِقت ودور العبادة التي نُجِست قد سببت الاذى لامريكا ؟ وما ذنب اكثر من مليوني شهيد عراقي وها هي ارواحهم ترفرف فوق عراق العزة سائلة هل سببنا الاذى لاحد كي نقتل ونباد فانت الحكم يارب العباد .
سيادة الرئيس لم يُلحق اي عراقي الاذى بامريكا ولابشعبها فلم يُلحق العراقيون الاذى يوما باحد فهم شعب مسالم ومحب للسلام بل يعشق السلام ، فمالكم تكيلون بمكيالين ؟ ونحن شعب لانعتدي ولانحب ان يعتدى علينا ، ان ضحايا الحادي عشر من ايلول لم يُلحقوا الاذى باحد لذا علينا ان نتذكرهم ونقف حدادا على ارواحهم (اما العراقيون فقد الحقوا الاذى بامريكا وازهقوا الارواح !! ) .
سيادة الرئيس ان تفجيرات الحادي عشر من ايلول امر دُبر بليلٍ مخابراتي (وان احتلال العراق نتيجة التقارير الخاطئة والكاذبة امر دُبر بليلٍ مخابراتي مظلم) وان (كولن باول) حين كان يقرا التقارير الواهية من على منبر مجلس الامن الدولي كان (غير مؤمنا بها) وذلك من خلال نبرة صوته ومن خلال تمثيله الفاشل ومن خلال ملامح وجهه . ان امر احتلال العراق امر له جذور تمتد الى القرون الماضية حيث درس الامريكان التاريخ وهم بلا تاريخ فاكتشفوا ان منابع النفط والثروات الطبيعية الاخرى قد سيطرت عليها بريطانيا وفرنسا وايطاليا وهولندا والبرتغال وبلجيكا وووو بعدها اسهموا في اضعاف الامبراطورية البريطانية واضعاف فرنسا وتفتيت الاتحاد السوفيتي لينفردوا بالعالم ويحصلوا على الكعكة العراقية الدسمة ويحموا دولاً اقاموها في المنطقة ويؤمنوا لاجيالهم القادمة نفطها وغذائها ولقد قالها الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش في احدى خطاباته (ما الذي سنقوله للاجيال القادمة ان لم نوفر لهم الوقود ؟ !) فتوفير الوقود يتم بحرق الشعوب والبلدان وعبور المحيطات والخلجان والتلاعب بالاديان وقتل الابناء والولدان . فَمَن الذي يستحق ان نقف حداداً عليه اليس الشعب العراقي المظلوم ؟ الذي حرقتم ارضه وسماءه ولوثتم ارضه وبحره وها انتم تجففون انهاره ، بارك الله بالسياسة الامريكية الطيبة ، وبارك الله بالصواريخ الامريكية التي بنت ثم زرعت الحقول وبارك الله بالدبابة الامريكية التي حرثت ثم بذرت الحقول ثم ابادت حضارة ليس لها افول .