البشر في مجتمعات الدنيا عنده هوايات متنوعة يتمتع بممارستها ويستثمر فيها , وتكون حاضرة في الأحاديث والجلسات الإجتماعية.
فهناك هواة لعبة الغولف , وكرة السلة والطائرة واليد والقدم , والسباحة والتزلج على الجليد أو فوق الماء , ولعبة التنس والمشي والركض , والموسيقى والرقص وركوب الخيل , والنجارة والزراعة وتربية الطيور والحيوانات الأخرى.
فالهوايات متعددة والهواة يتكاثرون.
والأحاديث الشائعة في لقاءات الناس تتمحور حول هواياتهم وخصوصا الرياضية التي تتفوق على غيرها.
ومن النادر أن تجد مَن يتكلم عن السياسة , إلا الذين يستثمرون فيها , لأن الفهم العام لأي إهتمام هو الإستثمار بأنواعه.
بينما في مجتمعاتنا , لو سألت الناس عن هواياتهم , لتعجبت من الجواب , لأن قسمات الوجوه ونظرات الإستغراب ستكون هي الجواب , وإن نطقت الشفاه فستقول: “والله إنت بطران” أو ” فسكان” و “إحنه بقت بينه هوايات من هالضيم والقهر والعيشة المرة”!!
لكن الواقع الذي ربما ننكره , أن هوايتنا الوحيدة السائدة هي السياسة كما نفهمها ونتصورها , لا السياسة الحقيقية كما هي في مجتمعات الدنيا.
وقد يصح التعبير أن هوايتنا إلغاء السياسة!!
ولهذا تجد لقاءاتنا وأحاديثنا مفعمة بالأحاديث السلبية القاهرة لحياتنا , لأنها تساهم في إثارة العواطف والإنفعالات السيئة المؤدية إلى تفاعلات غير نافعة , وفي أحيانٍ كثيرة تصنع البغضاء والتنافر والخصام.
وكأننا لا نملك موضوعا أو مادة للحديث سوى ذلك , مما يشير إلى هيمنة الفراغ والعزلة عن واقع الحياة المعاصرة , والغرق في مستنقعات التلاحي والخسران.
فليس من الصالح الوطني والإجتماعي أن نتجاهل جميع الهوايات ولا نستثمرها ونتفاعل من خلالها , ونتحول إلى أسرى لموضوعات لا نعرف الإجتهاد والإنجاز الصالح فيها.
فلماذا لا نفكر بهواية ما , ونستثمر فيها ونطورها , ونؤسس جمعيات لمحبي هذه الهواية أو تلك؟
فنجد الراحة نفسية , ونحرير الأعماق من إفرازات الهواية الغثيثة , التي تستعبدنا وتؤذينا وتذيقنا الصعوبات تلو الصعوبات.
وفي سلوك الهوايات المتنوعة إطلاق للطاقات الإبداعية , وتطوير للتفاعل الإنساني الإجتماعي , الذي يبعث البهجة والراحة وينمي آصرة الأخوة والألفة.
فليكتشف كل منا هوايته , ويستثمر فيها , ويتفاعل مع غيره لتنميتها وتطويرها , وتحويلها إلى مشاريع نافعة للمجتمع.
فالإنجازات الكبرى تبدأ كهواية تحقق مداها الحضاري!!