السياسة لا قلب لها ..!!

السياسة لا قلب لها ..!!

-1-
ثمة ما يرتجفُ منه الانسان هلعاً ورُعباً ولكنّه يُنفّذ بدم بارد ، وربما صحبته الابتسامات العريضة ..!!

انّها السياسة التي لا قلب لها ، والتي تجتاحها المطامع والشهوات المحمومة، فتدفع بها نحو اجتراح المآثم والعظائم دون تردد ..!!

-2-

والمساحة التي تمتد اليها ألاعيب السياسة ، شاسعة واسعة، تمتد بامتداد الحدود الجغرافية للبلاد …

ومن هنا فان الشواهد أكبر مِنْ أنْ تعدّ أو تحصى .

-3-

ومن تلك الشواهد قصة مصرع الملك غازي بحادث السيارة ليلة الثلاثاء 14 صفر / 1358 هجرية الموافق للرابع من نيسان / 1939

” قيل انه كان يسوق سيارته بسرعة فائقة …

واختلت موازنة السيارة من سرعة السير، فانحرفت عن الشارع المزفَّت الى أرض وعرة، تكثر فيها الاشجار الكثيفة ومجاري المياه المعدة لسقي المزرعة الملكية في الحارثية ، واصطدمت بعمود كهربائي اصطادما قوياً، ادىّ الى قلع العمود وسقوطه على رأس الملك الشاب بحيث سبّبَ كسر

عظم الجمجمة وانتشار المخ الى مسافة بعيدة ..!!

يقول صاحب كتاب فرسان العروبة في العراق العقيد الركن نور الدين محمود :

( انه اصطدام غامض عويص ،

ولا يسع الانسان مهما كان بسيط الملاحظة، الاّ أنْ يكذب زعم الحكومة وهو يقارنه بالأدلة التي يراها في مكان الحادث ) ص 87

ويقول توفيق السويدي في مذكراته :

ان وكيل وزير الخارجية البريطاني الدائم قال له :

” ان الملك غازي لا يملك القدرة على تقدير موقفه لبساطة تفكيره ،

ولاندفاعه وراء توجيهات تأتيه من أشخاص مدسوسين عليه …

إنّ الملك بعمله هذا لا يعلم أنه يلعب بالنار ،

وأخشى أنْ يحرق أصابعه يوماً ما . راجع ص 326 من مذكراته

وفي هذا الكلام ما يدل بوضوح على أنّ الحادث المذكور مفتعل خَطّطَ له الانكليز …

وهذه هي قناعة الشارع العراقي يومذاك .

-4-

يقول المرحوم الشيخ علي الشرقي في كتابه الأحلام ص 170 :

” أوعز (نوري) الى (عاليه) ان ترفع كتاباً الى مجلس الوزراء المنعقد للنظر في اقامة وصيّ على العرش، تشهد فيه ان الملك غازي قد أوصى اليها فيما اذا وقع أمر على حياته فالوصِي على العرش عبد الاله “

-5-

ولما اجتمع المسؤولون العراقيون في البلاط الملكي : قرروا ان يكون الملك من البيت الهاشمي دون سواه ..

ثم سميّ الامير عبد الاله وصيّاً على العرش

ومُنِحَ الجنسية العراقية في الحال ، لأنه كان يحتفظ بجنسيته الحجازية.

-6-

وأما ناجي شوكت – وزير الداخلية – فلقد أخبر الاستاذ عبد الرزاق الحسن قائلاً

( كانت آثار البِشْر والمسرة طافحة على وجوه :

نوري السعيد ،

ورشيد عالي الكيلاني ،

ورستم حيدر ،

وطه الهاشمي

بعد أن تأكدّتْ وفاة الملك “

والسؤال الآن :

كيف تطفح على وجوههم المسرة إزاء حادّث مروع كمصرع الملك الشاب؟!!

والجواب:

” كان هؤلاء قد تضرروا في حركة بكر صدقي في 29 تشرين الأول عام 1936 ” راجع تاريخ الوزارات العراقية /ج5 ص 95

-7-

هذا ما جرى قبل عدة عقود من الزمن …

أما ما جرى قبل شهور ، فان (المالكي) سارع الى اتهام استاذِهِ الرئيس د. فؤاد معصوم باختراق الدستور مرتين ، لا لشيء الاّ لانه كلّف الدكتور حيدر العبادي بتشكيل الوزارة ..!!

انه كان قد أعدّ العُدّة للولاية الثالثة، ولم يُطق انْ يشهد ما يحول بَيْنَهُ وبين ما كان يتمناه ويهواه، فأبدى من التشبت بالمنصب صوراً لا تمحى من ذاكرة التاريخ .

ولم تنفعه الانفعالات شيئا ، لابل أوْصدَتْ الباب أمام عودته مرة أخرى رئيسا لمجلس الوزراء ، والى الأبد ..!!

*[email protected]

السياسة لا قلب لها ..!!
-1-
ثمة ما يرتجفُ منه الانسان هلعاً ورُعباً ولكنّه يُنفّذ بدم بارد ، وربما صحبته الابتسامات العريضة ..!!

انّها السياسة التي لا قلب لها ، والتي تجتاحها المطامع والشهوات المحمومة، فتدفع بها نحو اجتراح المآثم والعظائم دون تردد ..!!

-2-

والمساحة التي تمتد اليها ألاعيب السياسة ، شاسعة واسعة، تمتد بامتداد الحدود الجغرافية للبلاد …

ومن هنا فان الشواهد أكبر مِنْ أنْ تعدّ أو تحصى .

-3-

ومن تلك الشواهد قصة مصرع الملك غازي بحادث السيارة ليلة الثلاثاء 14 صفر / 1358 هجرية الموافق للرابع من نيسان / 1939

” قيل انه كان يسوق سيارته بسرعة فائقة …

واختلت موازنة السيارة من سرعة السير، فانحرفت عن الشارع المزفَّت الى أرض وعرة، تكثر فيها الاشجار الكثيفة ومجاري المياه المعدة لسقي المزرعة الملكية في الحارثية ، واصطدمت بعمود كهربائي اصطادما قوياً، ادىّ الى قلع العمود وسقوطه على رأس الملك الشاب بحيث سبّبَ كسر

عظم الجمجمة وانتشار المخ الى مسافة بعيدة ..!!

يقول صاحب كتاب فرسان العروبة في العراق العقيد الركن نور الدين محمود :

( انه اصطدام غامض عويص ،

ولا يسع الانسان مهما كان بسيط الملاحظة، الاّ أنْ يكذب زعم الحكومة وهو يقارنه بالأدلة التي يراها في مكان الحادث ) ص 87

ويقول توفيق السويدي في مذكراته :

ان وكيل وزير الخارجية البريطاني الدائم قال له :

” ان الملك غازي لا يملك القدرة على تقدير موقفه لبساطة تفكيره ،

ولاندفاعه وراء توجيهات تأتيه من أشخاص مدسوسين عليه …

إنّ الملك بعمله هذا لا يعلم أنه يلعب بالنار ،

وأخشى أنْ يحرق أصابعه يوماً ما . راجع ص 326 من مذكراته

وفي هذا الكلام ما يدل بوضوح على أنّ الحادث المذكور مفتعل خَطّطَ له الانكليز …

وهذه هي قناعة الشارع العراقي يومذاك .

-4-

يقول المرحوم الشيخ علي الشرقي في كتابه الأحلام ص 170 :

” أوعز (نوري) الى (عاليه) ان ترفع كتاباً الى مجلس الوزراء المنعقد للنظر في اقامة وصيّ على العرش، تشهد فيه ان الملك غازي قد أوصى اليها فيما اذا وقع أمر على حياته فالوصِي على العرش عبد الاله “

-5-

ولما اجتمع المسؤولون العراقيون في البلاط الملكي : قرروا ان يكون الملك من البيت الهاشمي دون سواه ..

ثم سميّ الامير عبد الاله وصيّاً على العرش

ومُنِحَ الجنسية العراقية في الحال ، لأنه كان يحتفظ بجنسيته الحجازية.

-6-

وأما ناجي شوكت – وزير الداخلية – فلقد أخبر الاستاذ عبد الرزاق الحسن قائلاً

( كانت آثار البِشْر والمسرة طافحة على وجوه :

نوري السعيد ،

ورشيد عالي الكيلاني ،

ورستم حيدر ،

وطه الهاشمي

بعد أن تأكدّتْ وفاة الملك “

والسؤال الآن :

كيف تطفح على وجوههم المسرة إزاء حادّث مروع كمصرع الملك الشاب؟!!

والجواب:

” كان هؤلاء قد تضرروا في حركة بكر صدقي في 29 تشرين الأول عام 1936 ” راجع تاريخ الوزارات العراقية /ج5 ص 95

-7-

هذا ما جرى قبل عدة عقود من الزمن …

أما ما جرى قبل شهور ، فان (المالكي) سارع الى اتهام استاذِهِ الرئيس د. فؤاد معصوم باختراق الدستور مرتين ، لا لشيء الاّ لانه كلّف الدكتور حيدر العبادي بتشكيل الوزارة ..!!

انه كان قد أعدّ العُدّة للولاية الثالثة، ولم يُطق انْ يشهد ما يحول بَيْنَهُ وبين ما كان يتمناه ويهواه، فأبدى من التشبت بالمنصب صوراً لا تمحى من ذاكرة التاريخ .

ولم تنفعه الانفعالات شيئا ، لابل أوْصدَتْ الباب أمام عودته مرة أخرى رئيسا لمجلس الوزراء ، والى الأبد ..!!

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات