لا يمكن اليوم الحكم على السياسة كونها صاحبة مبدأ، بقدر ما هي حالة وصولية لافراد وجماعات للسلطة باستخدام النظريات والمثاليات والتجليات باسم الدين والاقتصاد وكذلك الاخلاق.
لذا نجد منهج الأئمة المعصومين والعلماء الصالحين والدعاة بالإحسان والصلاح لم تكن السلطة غاية لهم بقدر ما هي وسيلة لتعميم وإصلاح ذات البين في هذا المجتمع المتباين.. وهذا ما لا نجده في الاحزاب الدينية التي امتهنت السياسة سواء جاءت من خلال صحوة دينية.. ام جاءت عبر صدفة سياسية، وما بين هذا وذاك.. يعيش الوسط الاسلامي في أزمة التوفيق بين السلطة كثقافة، وبين الحياة الدينية كحالة ندية لها.
فنجد بعض الجهات السلطوية تروج لذاتها وتتحدث برياء فاضح وحالة من النفاق والدعاوى بدعوى تحقيق الاطروحة الدينية واقامة دولتها!.. فيما هي تمنح صورة سلبية من خلال رفع تقوى علي والعمل بدهاء معاوية.. فهي بشكل وباخر تخضع لقوانين تفرض عليها، وفي بعض الاحيان تمنح لها لتسمي الحالة سياسة.
اما هذا تخلق حالة تشنج وعصبية مقابل عصبيات مضادة.. لتعتاش على هذه المسمات المفتوحة والتي تنتج عن عالم يكثر فيه منطق التكفير بدل التفكير.. ومنطق القتل بدل التعايش.. ومنطق التشنج بدل الحوار.
هذا ما نؤكده للجميع.. من يتبع النظريات دون ان يعلم مساراتها، ويحرك عن بعد، بدافع الحالة الشخصية والعصبوية.. لينفذ اجندات سياسية.
لا يمكن اليوم لاحد ان يضع أي دولة كراعية لطائفة او عرق او عنصر.. لكون ذلك يدخل في اطار الوعي الجماعي المسير من قبل الايديولوجيات المسيرة لاخضاع الشعوب والاعتياش على الازمات.. ما نؤكده للجميع حالة التشنج المصنوعة حتى في وقتنا الحالي حالة مصطنعة.. والا ماذا يعني التغير في السياسات!؟
ناخذ مثال على سبيل المثال لا الحصر.. تصريح ظريف جداً، لوزير الخارجية الايراني ظريف صاحب الانجاز الكبير في التفاوض مع الشيطان الاميركي واقناعه ما ورد نصه:
)) أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، اليوم الاثنين، أن إيران تعارض ممارسة أي ضغوط على قطر أو توجيه أي تهديدات إليها.
وقال ظريف، خلال استقباله سفير قطر لدى إيران، علي السليطي، حسب ما نقله موقع الخارجية الإيرانية: “إن سياساتنا في المنطقة محددة وواضحة، ويجب أن تجري تسوية قضايا المنطقة عبر الحوار”.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني: “نرفض ممارسة أي ضغوط أو توجيه أي تهديد بحق دول الجوار من قبل أي جهة كانت)).
هذا المثال يدل على شيء واحد.. ان السياسة لا دين لها، وهنا لا نشكل على ايران ومواقفها، اذا لسنا في اطار التشكيك لكوننا لا نعتبر ايران دولة دينية بمعنى الدينية بقدر ما هي دولة برغماتية تمتلك الظواهر الدينية وتستغلها.. اشكاليتنا على من نتفق معهم في كثير من الامور.. لكن يجبرونا ويخيرونا على اتباع كامل لمفاهيمهم بطريقة مقصودة وغير مقصودة.. وكأن الخلاف والاختلاف في تجليات الوقائع محرم.. وكأنهم يملون وفق الواقع المضطرب نظرية مركزية من اعلام موحد.. يسعى على بث روح الاستنفار ليجني ذلك مصالح لصالح بلاده على حساب واقعنا.
البعض من يرى هذا الامر ينطلق من عبارة التوائية ان الدين هي السياسة!؟ وان الائمة استخدموها.. ردنا عليه ان الائمة عليهم السلام استخدموها اغلبهم وهم في موضع الاضطهاد والاستضعاف والجبروت السلطوي.. لا في موقع السلطة وتجبرها!؟ لذا ندعوهم للتأني في طرح الافكار لكي يتقبلها المقابل.
وهذا ما يشكله ذاتهم في مجالسهم الخاصة واحاديثهم غير المطروحة وما يدسه البعض من الحاسدين والحاقدين والمتنافسين بصورة لا اخلاقية.. في كون المرجعية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بالامام السيستاني حفظه الله لا تتدخل في السياسة، وهم لا يعلمون ان المرجعية الدينية مقامها فوق السياسة واتجاهاتها، خطت مسافة واحدة ليس ما بين الشيعة انفسهم، بل تعدت الى الانفتاح على اخواننا اهل السنة والجماعة، وسعت لنبذ الخطاب التحريضي العصبوي ما بين المكونات الذي تستغله بعض الجهات السياسية.. لتمثل صمام امان للعراقيين اجمع.