23 ديسمبر، 2024 2:06 م

السياسة: صقر وببغاء. !!

السياسة: صقر وببغاء. !!

عصفت الحضارة، ومزقنا الكتاب العرب والعراقيون، فتحت ثورة الاتصال والفيس بوك عوالم خفايا اشخاص، تسوقهم البلادة والعواطف والطائفية وصدى افعال السياسية، حطمنا الفساد والإرهاب ودين لا يعبد سوى الكراسي ومتعة الماسي، يرسمنا صورة على جدران الحائط ضحايا كل يوم، يخرج من بين الأزقة وخلف الكواليس أدمغة تشبعت بالدكتاتورية وفكر القوة ولغة الاستلام والعبودية، أصوات لا تعرف ماذا تقول وأين يصل صوتها ويقع الكلام.

الأمة معترك للذئاب والوحوش وشهوات الخنازير وسراق بلا لثام، عند وجوه خلف قبعات الوطن وهمس المغانم والأنانية.

كنا نعتقد إن القيادات في العراق الجديد يقودون قطار ينتفض من ركام الماضي الى مستقبل مشرق، تبتعد عن صراعات الحكومات مع النخب المجتمعية، تبحث عن علاج داء الشعوب من حمى الدكتاتورية وعدوى التسلط والتفرد والقوة، تبتعد عن حب الذات ونظريات المؤامرة والخيانة، تضع الوطن في أحداق عيون المسؤولية بدرجات، قادرة على التمييز بين العدو والصديق، تسمع الى صوت الضعيف والفقيه والحكيم، تراجع صفحات التاريخ وتخرج من طوق امتطائها صهوة المعارضة الى القيادة الواعية، تتعلم من مانديلا وجيفارا وغاندي بل لنا تاريخ الماضي والحاضر من يفوقهم تضحية وطنية.

مناشير القضم السياسي ومنشورات الفيس بوك ووسائل الدعاية لا تنقطع، تديم مرحلة انتقال بعض القوى من وسادة المعارضة الى أريكة الحكم، تأطر صور اسطورية للبطولات، تجابه أعداء قادة العصور السوداء.

الانطلاق من مفهوم القوة الى السلطة، استهانة بالعقل الجمعي، والتسلط عنوان الإدارة، كإن الوطن محتل من الغرباء، والرأي مؤامرة بيضاء، متخاذل من يؤمن بالحوار، والبطولة ملفات تستخدم عن الضرورة الشخصية، تحوي على صفحات من مقاطع اليوتيوب والوثائق، عن القاتل والممول ومنطلق التحرك.

تجهيل في عهود التبادل السلمي للسلطات ونظريات عقد الأصابع البنفسجية، تختزل الدولة بالسلطة والجيوش مملوكة؛ المرام قمة السلطة كالهرم على أكتاف العبيد، وملّوية مسار أقدام المرفهين على جثث الضحايا والشهداء.

  قضية شعب ومصير تاريخ كامل، قطاره يوزع الوطن على مقاطعات، يسحق ابنائها الخوف من المجهول والشكوك بالنفس.

الوطن مهزلة فيه بائع الطيور مقاول التخطيط الاستراتيجي، سبقته الحضارات ملايين السنين الضوئية، طموحه ان يجني ببغاء يقلد الأصوات، ومتعة مستهجنة لا تمنح الإنسانية شيء، يخزن الخوف من الصقور وكلما يقلم مناقيرها واطرافها تنمو من جديد ولا تحمل الاّ صفة قيادة الصقور. الوطن يمر بالعصور كالقطار، إن لم يترك القادة الخير في كل محطة، لا تبقى سوى ذكريات صوته المزعج ودخان يتلاشى، تفرقة الغربان السوداء.