لا شك ان التظاهرة الكبرى التي دعى اليها السيد مقتدى الصدر يوم الجمعة الموافق في السادس والعشرين من شهر شباط لعام 2016 انما هي ممارسة سياسة سعى اليها التيار الصدري لكسب الشارع العراقي وتجيير الغضبة الجماهيرية ازاء الاداء الحكومي وسوء الخدمات لصالح التيار ، في الوقت نفسه تبرئة التيار من حالات الفساد وسوء الاداء مع ان هناك مؤشرات بدأت تظهر على بعض من ينتمون الى التيار ويشغلون مناصب عليا في الدولة .
يبدو الوضع طبيعيا الى هذه اللحظة الا انه من غير الطبيعي ان تعطل الفعاليات الثقافية وتؤجل بسبب التظاهرة ، وتغلق ابواب مركزين مهمين من مراكز تجمع المثقفين هما مبنى القشلة والمركز الثقافي البغدادي الذي غلقت ابوابه وكتب عليها : الاصلاح مطلب وحق جماهيري – من اجل تحقيق مطالب الشعب العراقي يعلن موظفو المركز وقوفهم جنباً الى جنب مع المتظاهرين لتطبيق الاصلاح المنشود والحقيقي – لذلك نود ابلاغ الاخوة والاخوات من رواد شارع المتنبي ان ادارة المركز الثقافي البغدادي تعلن تأجيل الفعاليات الثقافية لهذه الجمعة للمشاركة في التظاهرة الوطنية في ساحة التحرير ..
ومع ان التظاهرة حزبية بامتياز ، دعا اليها وقادها ونظمها تيار بعينه الا ان الاعلان على بوابة المركز طالب جميع المثقفين دعم هذه التظاهرة السلمية و اعتبر المشاركة فيها واجبا وغلق بوجههم الابواب.
مجموعة تساؤلات تُثار في الذهن منها : من خول مدير المركز الثقافي البغدادي وموظفيه غلق ابوابه بوجه المثقفين ؟.. هل يمتلك احد هذا الحق بما فيهم مدير المركز او حتى محافظ بغداد الذي ينتمي الى التيار الذي قاد التظاهرة ؟.. الا يعتبر هذا التصرف بواحدة من مؤسسات الدولة الثقافية مرفوضا لانه لاغراض حزبية ؟ وهل يُعد هذا التصرف حالة من حالات الفساد الاداري بتغليب المصلحة الحزبية على المصلحة العامة ؟ عن اي اصلاح نتحدث اذن؟؟
وهل يمتلك المدير العام في اية دائرة صلاحية غلق ابواب دائرته – بتصرف شخصي او برغبة من الكتلة التي ينتمي اليها – امام المراجعين والمواطنين لاي سبب كان ؟. وهل ان المركز الثقافي البغدادي ملك شخصي لمدير المركز او المحافظ او التيار حتى يتم التصرف على وفق الهوى من قبل الساسة ؟.. انه امر احزن الكثيرين..!!
رغم هذا الحصار والتضييق على الثقافة فان الفعاليات في شارع المتنبي استمرت ، فرواد الشارع استمروا في التجول فيه واقتنوا ما يحتاجونه من الكتب والاصدارات الجديدة والقديمة واحتسوا شايهم الصباحي في مقهى الشابندر وحضر بعضهم النشاط الذي اقامه بيت المدى الثقافي وهو استذكار لاحد اهم رواد الصحافة العراقية الاستاذ سجاد الغازي الذي عاصر الصحافة على مدى خمسة عقود ، حيث استعرض اصدقاء المحتفى به ورواد الصحافة اهم مراحل حياته المهنية واهتماماته وكتاباته . اضافة الى جهوده في توثيق تأريخ الصحافة العراقية ..
في الضفة المقابلة من الشارع اقام منتدى النخب ندوة ثقافية حول مشروعية النقد قدمها الدكتور احمد مهدي وتم خلال الجلسة توقيع كتاب بهذا العنوان .
السياسة غير قادرة على وقف الزحف الثقافي .. فالفرقة السيمفونية العراقية احيت حفلها الشهري يوم الخميس الموافق 25 شباط 2016 على المسرح الوطني حضر الحفل حوالي الف مهتم من العراقيين اصغوا بصمت لهارموني العازفين العراقيين من اساتذة الموسيقي بقيادة المايسترو كريم كنعان وصفي .. الحفل كان بهياً كونه يمثل تحديا واضحاً بكل المقاييس ضد صناع الموت واعداء الحياة.
شمل العرض افتتاحية اوبرا سنمار مع نص ادبي للشاعر الراحل محمد علي الخفاجي مع سونيت 19 شكسبير مصحوبا بغناء من اداء عمر رعد وصولو الرق عزف عدنان نزار ومقطوعات اخرى تضمنها برنامج الحفل ، لعل اهمها رائعة الموسيقار الروسي سترافينسكي . عشرات العازفين اشتركوا في احياء حفل الخميس . فالاسبوع كان حافلا بعشرات النشاطات ، معارض فنية وندوات ادبية منها في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وجلسات مسائية لعدد من المجالس البغدادية اضافة الى نشاطات مختلفة قامت بها منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال الثقافي .. عندما تجابه السياسة الثقافة فأنها ستخسر المعركة حتما ..
المثقفون لديهم وسائل اخرى للتعبير عن آرائهم بالشأن السياسي وهي وسائل راقية تتمثل بالكلمة والصورة والموسيقى والمسرحية والفلم السينمائي ، وليس الصراخ في الشارع .. يجب ان لا تتكرر هذه الفعلة الانتهاكية وغير الحكيمة بغلق ابواب المركز الثقافي البغدادي ومبنى القشلة امام المثقفين .. لان ذلك يدخل في باب تقييد الحريات وانتهاك لحرية التعبير عن الرأي وهذا خرق فاضح لحقوق الانسان .
عبدالزهرة الطالقانيالسياسة تعطل الثقافة
لا شك ان التظاهرة الكبرى التي دعى اليها السيد مقتدى الصدر يوم الجمعة الموافق في السادس والعشرين من شهر شباط لعام 2016 انما هي ممارسة سياسة سعى اليها التيار الصدري لكسب الشارع العراقي وتجيير الغضبة الجماهيرية ازاء الاداء الحكومي وسوء الخدمات لصالح التيار ، في الوقت نفسه تبرئة التيار من حالات الفساد وسوء الاداء مع ان هناك مؤشرات بدأت تظهر على بعض من ينتمون الى التيار ويشغلون مناصب عليا في الدولة .
يبدو الوضع طبيعيا الى هذه اللحظة الا انه من غير الطبيعي ان تعطل الفعاليات الثقافية وتؤجل بسبب التظاهرة ، وتغلق ابواب مركزين مهمين من مراكز تجمع المثقفين هما مبنى القشلة والمركز الثقافي البغدادي الذي غلقت ابوابه وكتب عليها : الاصلاح مطلب وحق جماهيري – من اجل تحقيق مطالب الشعب العراقي يعلن موظفو المركز وقوفهم جنباً الى جنب مع المتظاهرين لتطبيق الاصلاح المنشود والحقيقي – لذلك نود ابلاغ الاخوة والاخوات من رواد شارع المتنبي ان ادارة المركز الثقافي البغدادي تعلن تأجيل الفعاليات الثقافية لهذه الجمعة للمشاركة في التظاهرة الوطنية في ساحة التحرير ..
ومع ان التظاهرة حزبية بامتياز ، دعا اليها وقادها ونظمها تيار بعينه الا ان الاعلان على بوابة المركز طالب جميع المثقفين دعم هذه التظاهرة السلمية و اعتبر المشاركة فيها واجبا وغلق بوجههم الابواب.
مجموعة تساؤلات تُثار في الذهن منها : من خول مدير المركز الثقافي البغدادي وموظفيه غلق ابوابه بوجه المثقفين ؟.. هل يمتلك احد هذا الحق بما فيهم مدير المركز او حتى محافظ بغداد الذي ينتمي الى التيار الذي قاد التظاهرة ؟.. الا يعتبر هذا التصرف بواحدة من مؤسسات الدولة الثقافية مرفوضا لانه لاغراض حزبية ؟ وهل يُعد هذا التصرف حالة من حالات الفساد الاداري بتغليب المصلحة الحزبية على المصلحة العامة ؟ عن اي اصلاح نتحدث اذن؟؟
وهل يمتلك المدير العام في اية دائرة صلاحية غلق ابواب دائرته – بتصرف شخصي او برغبة من الكتلة التي ينتمي اليها – امام المراجعين والمواطنين لاي سبب كان ؟. وهل ان المركز الثقافي البغدادي ملك شخصي لمدير المركز او المحافظ او التيار حتى يتم التصرف على وفق الهوى من قبل الساسة ؟.. انه امر احزن الكثيرين..!!
رغم هذا الحصار والتضييق على الثقافة فان الفعاليات في شارع المتنبي استمرت ، فرواد الشارع استمروا في التجول فيه واقتنوا ما يحتاجونه من الكتب والاصدارات الجديدة والقديمة واحتسوا شايهم الصباحي في مقهى الشابندر وحضر بعضهم النشاط الذي اقامه بيت المدى الثقافي وهو استذكار لاحد اهم رواد الصحافة العراقية الاستاذ سجاد الغازي الذي عاصر الصحافة على مدى خمسة عقود ، حيث استعرض اصدقاء المحتفى به ورواد الصحافة اهم مراحل حياته المهنية واهتماماته وكتاباته . اضافة الى جهوده في توثيق تأريخ الصحافة العراقية ..
في الضفة المقابلة من الشارع اقام منتدى النخب ندوة ثقافية حول مشروعية النقد قدمها الدكتور احمد مهدي وتم خلال الجلسة توقيع كتاب بهذا العنوان .
السياسة غير قادرة على وقف الزحف الثقافي .. فالفرقة السيمفونية العراقية احيت حفلها الشهري يوم الخميس الموافق 25 شباط 2016 على المسرح الوطني حضر الحفل حوالي الف مهتم من العراقيين اصغوا بصمت لهارموني العازفين العراقيين من اساتذة الموسيقي بقيادة المايسترو كريم كنعان وصفي .. الحفل كان بهياً كونه يمثل تحديا واضحاً بكل المقاييس ضد صناع الموت واعداء الحياة.
شمل العرض افتتاحية اوبرا سنمار مع نص ادبي للشاعر الراحل محمد علي الخفاجي مع سونيت 19 شكسبير مصحوبا بغناء من اداء عمر رعد وصولو الرق عزف عدنان نزار ومقطوعات اخرى تضمنها برنامج الحفل ، لعل اهمها رائعة الموسيقار الروسي سترافينسكي . عشرات العازفين اشتركوا في احياء حفل الخميس . فالاسبوع كان حافلا بعشرات النشاطات ، معارض فنية وندوات ادبية منها في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وجلسات مسائية لعدد من المجالس البغدادية اضافة الى نشاطات مختلفة قامت بها منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال الثقافي .. عندما تجابه السياسة الثقافة فأنها ستخسر المعركة حتما ..
المثقفون لديهم وسائل اخرى للتعبير عن آرائهم بالشأن السياسي وهي وسائل راقية تتمثل بالكلمة والصورة والموسيقى والمسرحية والفلم السينمائي ، وليس الصراخ في الشارع .. يجب ان لا تتكرر هذه الفعلة الانتهاكية وغير الحكيمة بغلق ابواب المركز الثقافي البغدادي ومبنى القشلة امام المثقفين .. لان ذلك يدخل في باب تقييد الحريات وانتهاك لحرية التعبير عن الرأي وهذا خرق فاضح لحقوق الانسان .