19 ديسمبر، 2024 12:38 ص

السياسة بين الزرع والحصد … وبين خسارة الأصدقاء

السياسة بين الزرع والحصد … وبين خسارة الأصدقاء

هل يمكن لإنسان أيا كان أن يذل أنسانا آخر ؟
في رأيي إن ذلك شأن مستحيل لان الإذلال ليس طوقا أو قيدا ، بل حالة نفسية ، لا تضعف من له معنوياته  ما   يجعله يتمرّد . فلا يدع المسعى ينال من اصالة  كرامته ومناعة أعصابه .
عدا إن المحاولة ليست من قواميس عصرنا في شيء ..  ما حفزني على كتابة هذا الموضوع  هو عند قراءتي  قصيدة( خمرة الإحزان ) للشاعر المعروف بدوي الجبل والتي يقول في المعنى العام للقصيدة انه يشفق على أصحاب محاولة  ( اذلال الاخرين ) لا على الضحايا  بقوله :
     أكبرت عن ادمعي من كان مضطهــدا       
                                          ورحت ابكي لمن يطغى ويضطهــــد
    الحاصدون من الدنيا شماتتهــــــــــــا
                                         لولا الذي زرعوا بالأمس ما حصدوا
ثم من يضمن قدرة من يحاول إذلال الناس على أن يظل هو الجـزار وان لا يجيء دوره في أن يتعرض لمثل
ما يحاول أن يصيب به الآخرين .
إن الإذلال  ، ولو بالقمــع والســجن والتعــذيب صار شأنا مرفوضا في زمننا لان المعذبـين يشعرون بأن إخوانا
لهم في العالم ، يتألمون لآلامهم ويشاطرونهم المحنة التي يمرّون بها مما ينّمي نفوس عناد المقاومة والتمرد .
   وسيأتي يوم يصبح معه الإذلال مستحيلا كفكرة حتى .  فالعلاقة بين الناس لها معايير حسن التعامل، الاحترام، المودة ، الحـــوار ، الدقة في المواعيد ،  الرد على الاتصالات ، فتلك دون سواها .  العناصر التي تعزز العلاقات
بين البشر لا نشوة أو نزوة الإذلال والإهمــال .  وهل يسمح عصرنا برقيه وتطوره ومفاهيمه الجديدة ، بالاستعلاء
(والشمخرة ) في غير موضعها ؟  إن القاعدة هي احترام الإنسان وإشعاره بهذا الاحترام الذي يحملك على كسبه .
فالإحسان وصدق التعامل يســـتعبد قلوب الناس ، (والعراقي معروف عنه طيبة القلب ) لا الحرمان ولا منع الخير   وإلا العزة بالقدرة والسلطان التي تستمر لحظة ثم تخلف الندم  .
  إن الله عندما خلق البشر وزع بينهم بعدالة ،  الحلم ،  المكرمات ،  العدالة ،  فمنهم من أحسن استعمالها بتوازن
محمود ،  ومنهم من جنح وفقد قدرته على الاعتدال .
ثم هل يشعر بسعادة تروي عنده ظمأ من يقبل على إهمــال الناس واستصـغار قدرهم ومحاولة إذلالهم ؟ أليست نشوة  اكبر وأنبل وأكثر عافية أن تحل البسمة مكان العبوس والمحبة بدل الحقد ؟
إن ما أقوله هنا ليس ملكي ولا قولي بل ربما لم تكن لي فيه إلا  واو العطف .  فقد جمعت ما تواضع عليه المفكرون وأهل العلم والخلق.
ثم أليس أسعد لك أن تنـــام بلا أرق لأنك ارتكـبت إساءة مجانية ولرغبة في الأذى ؟
إن الإذلال والقهر والاضطهاد أصبحت من ممارسات الماضي السحيق وليس من ممارسات العصر .
ثم إن من تتسلط عليه لان له عندك منفعة . هل تشده إليك مودة كما لو أحسنت إليه وصنت كرامته واحترمته ؟
فلماذا تضع أجواء تؤدي إلى الجفاء وخســارة الأصدقــاء  ؟