العلاقات الدولية ترسم أطرها محددات وقواعد قانونية وأعراف أخلاقية تلتقي جميعا بالمصالح المتبادلة المبنية على التكافؤ وحسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية ومراعاة أحكام القانون الدولي العام .
النظام الإيراني لم يتعامل مع هذه الثوابت في علاقاته مع الدول وخاصة العربية والخليجية بل اختار المسارات المضادة والمرفوضة من قبل المجتمع الدولي عموما . لديه أطماع توسعية وسلوكيات منهجية ذات طابع مذهبي طائفي مقيت رغم إن رجالاته من المعممين لا يكنون أي احترام للمذهبية سوا الممارسة المظهرية لإغراض دعائية بين صفوف الشعب الإيراني بدليل الإفتاء القاتل الذي أطلقه الخميني عن ولاية الفقيه الذي تجاهل الطقوس المتوارثة للأئمة الاثنى عشر .أن فكرة الإلوهية محرمة في الدين الإسلامي وتعد شركا على وفق المقررات الواردة بالكتاب والسنة من أوامر ونواهي وأن الله سبحانه الواحد الأحد لا شريك له وهي متواترة من الفكر الفارسي القديم ( الزرادشتي )
وبهذا يكون نظام الملالي قد أساء إلى المذهب الذي يستغله في تنفيذ إستراتيجيته ويملي على السذج كل إشكال الخرافة وأنواع الخيال غير المنطقي لكي يمضي قدما من اجل تحقيق أهدافه لاستعباد الشعوب العربية وقد بدأ في العراق ولبنان وزرع الخلايا في دول الخليج العربي للترويج لهذه الأطروحات الغريبة حقا على المذهب الجعفري الأصيل . إن غرابة الموقف العربي تجاه النظام الإيراني تستوجب الوقوف عندها خصوصا بعد الدعوات الفارغة حول مملكة البحرين واستمراره في برنامجه النووي للإغراض العسكرية وان احتلاله للعراق يعد نقطة سوداء بجبين الأمة العربية حكاما ومحكومين و لم نرى أية ردود أفعال بشأن هذه المواضيع المصيرية لا من الجامعة العربية ولا حتى من المسؤولين عن المماحكة الجارية حاليا في الانتخابات الرئاسية اللبنانية الذي سخر حزب الله المدعوم إيرانيا لغرض ضرب التجربة الديمقراطية والدستورية لاعتبارات طائفية إضافة إلى أساليبه التحريضية لعملائه المقيمين في دول الخليج العربي . يبدو إن السياسة العربية قد أصابها الكهول والوهن وربما الشيخوخة أيضا لان السكوت عن الاحتلال الإيراني للجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات طال أمده ما شجع هؤلاء الحكام على تبني مقومات راديكالية تجاه العرب أنفسهم وخلق رؤى جديدة توحي الى الضعف وانعدام القدرة للمطالبة بالحقوق المغتصبة . غموض ومتاهات وضياع تكتنف السياسة العربية في العقود الثلاث الماضية لأسباب عدة منها التجاوزات الحاصلة على الحق العربي من قبل العربي كما هو الحال مع سوريا ولبنان والعراق والكويت هذه السياسات الطائشة جعلت حكام إيران أكثر طيشا واستهتارا بالحق العربي .
إضافة الى تمادي أمريكا والغرب في تحجيم الاستقلالية العربية في صناعة القرار السيادي وتدخلهم السافر بكل ما من شانه الابتعاد عن الدوران داخل الفلك الأمريكي . صحيح إن العلاقات الأمريكية العربية لها طابعها الخاص وتاريخها ودورها المشهود في حماية الدول من التكالب الإقليمي والخارجي وتغذية عناصر النهوض بالتقنيات الأمريكية ولكن هذا لا يعطي المبرر بالسطوة أو مصادرة حرية القرار . إن تجربتنا مع رعاة البقر أصبحت غنية بعد احتلاله للعراق وصرنا ندرك خفايا سياستهم التي لا تستجيب إلا لمن يمتلك قوة التأثير على الساحة الدولية وبكل الأحوال هذا لا يمنع العرب من الاستعانة بالصديق أيا كان لحماية دولهم وشعوبهم وثرواتهم حاضرهم ومستقبلهم شريطة إن لا تتأثر مواقفهم من المستجدات التي يتبناها حكام إيران وما يحملونه من نوايا لاستعبادهم او الهيمنة على مقدراتهم . لقد تجاهل بعض الحكام العرب هذه الحقائق حينما حل الرئيس الإيراني ضيفا منبوذا عليهم في الآونة الأخيرة وتحديدا مشاركته غير المبررة بمؤتمر مجلس التعاون الخليجي الأخير وزيارته المعيبة الى العراق ولو إن حكام هذا البلد معروفون في الولاء والانتماء وغارقين بالطائفية حتى النخاع ولا شأن لهم بالعروبة وماضيها ولا في دينها الحنيف حيث ان النظام الإيراني قد خلق لهم المذهبية الطائفية عوضا عن كل شئ ؟ ولهذا صار لزاما على العرب توجيه سياستهم بحسن التوجه والاختيار ؟؟