12 أبريل، 2024 12:14 م
Search
Close this search box.

السياسة العراقية وإختلاط الثوابت بالمتغيرات

Facebook
Twitter
LinkedIn

أول خطأ دارج إنتشر شعبيا بين ما يسمى بالنخب السياسية بل وحتى بين العاملين في مجالات الحياة المختلفة فهم الخطأ لمفهوم “فن الممكن في السياسة ” الذي يعرفونه بأنه العمل خلاف الثوابت حسب الممكن ضمن المتغيرات . مع أن علاقة الثابت والمتغير تكمن في أن المتغير يكون وسيلة للحفاظ وتدعيم الثابت او على الأقل عدم المساس به في التعامل مع المتغيرات وما تنتجه الظروف ويطرأ على الواقع ، خصوصا في العمل السياسي الإسلامي مع الأخذ بنظر الإعتبار عدم إعفاء غيرهم من العاملين الآخرين في ذلك بغية الوصول الى الهدف الذي يبتغون. وتعود مسالة اختلاط الفهم بين الثوابت والمتغيرات الى عدة أسباب منها :
١- عدم تحديد ما هي الثوابت وما هي المتغيرات والتي تتحدد عادة وفق العقيدة الإنسانية والدينية والوطنية ومصالح الشعب.
٢- المصالح الآنية والفئوية التي تقلب الثابت متغيرا وبالعكس وإيجاد ثوابت فئوية ربما تتضارب مع ثوابت أخرى وعدم خضوع المجاميع والأفراد سياسيا ومجتمعيا إلى ضوابط تفرض او تدعم الثوابت العامة .
٣- قلة او غياب ثقافة الثوابت مجتمعيا وهذا يرجع إلى أسباب بعضها ما ذكرناه إضافة غياب هذه المفاهيم في مناهج التربية والتعليم فضلا عن الدور التربوي للأسرة وهذا ما ينعكس سلبا على ثقافة النخب السياسية وغيرهم من العاملين.
٤- غياب الخطاب الإعلامي الموحد الهادف الذي يدعم الثوابت ويوجه لترسيخها ووجود خطاب مضلل يغير الثوابت او يرفضها ويطعن فيها ويحاول تمييعها والغائها.
5 –البيئة الداخلية والخارجية الصعبة التي تفرض تعاملاتها احيانا اضافة حداثة التجربة السياسية وقلة الخبرة وعدم النضوج واهمال دراسة التجارب الاخرى وما يطرأ على الساحة من مستجدات وظروف وخطط .
6 – غياب المراجعة المستمرة للخطط والاهداف وطرق تحقيقها وما تحقق وملائمتها للمبادئ والمثل , والنرجسية في التعامل مع اي نصح او نقد لخلل هنا او هناك .
إن هذه الأسباب وغيرها تمثل عوائق واقعية في طريق الحفاظ على الثوابت في مسيرة تختلط فيها المفاهيم ويسيطر فيها غالبا الأقوى والأدهى والأكثر دعما ويتعرض فيها صاحب المبادئ إلى هزات عنيفة تستهدف كيانه المادي والمعنوي وما يرتبط به خصوصا وهو يعيش وسط معسكر يكثر فيه المكر والخداع وتتحكم فيه الماديات . وعليه فإن الفرد والجماعة أمام مسارين في العمل في خيار التصدي للمسؤولية ، مسار الوعي الحقيقي الهادف الذي يحدد ويحتفظ بالثوابت ويتعامل مع المتغيرات بحذر بما يحفظ ثوابتها وهو ما ينبغي على أي عامل وعمل هادف قيمي السير فيه رغم صعوبة المهمة ووعورة الطريق . ومسار تختلط فيه الثوابت والمتغيرات وتتصدر فيه المصالح وهو ما نعيشه اليوم مع شديد الأسف ، مع وجود مسار ثابت بدأ يتصدر الواقع شيئا فشيئا يتمثل بمسار الإنكفاء والإنعزال وهو مسار له ظروفه ومبرراته التي نحترمها، ولكنه لن يكون حلا ناجعا في مسيرة التغيير والتصحيح .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب