23 ديسمبر، 2024 12:10 ص

السياسة الخارجية يجب أن تبتعد عن الطائفية

السياسة الخارجية يجب أن تبتعد عن الطائفية

قال الله سبحانه وتعالى لنا في محكم كتابه جعلتكم شعوباً وقبائل لتعارفوا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ، ولكن يبدو أن الرموز السياسية والدينية في العراق لم تتمكن لحد الآن من هضم هذا المعنى ، فنراها تسعى لانتهاز أي فرصة للتأجيج الطائفي وبناء المواقف على أساس المذهب والطائفية والابتعاد عن الالتزام بالأسس القانونية الحديثة التي تبناها المجتمع الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، وفي نفس الوقت تراها تقوم قائمتها ولا تقعد إذا صرح شخص من هنا أو هناك للتدخل في شؤون العراق أو انتقد إحدى الشخصيات السياسية أو الرموز الدينية القابعة في النجف ، ويبدو أن هذا المنهج مدفوع من جهات أخرى أو يتناغم مع مواقف لدول أخرى ، فكلما صرحت تلك الدول بموقف معين تجد السياسيين والرموز الدينية هنا يسيرون بنفس الاتجاه يتبعونهم كإتباع الفصيل لأمه بما يوحي للمتابع أن هناك توجهات أو توجيهات مشتركة لكل الأطراف المعروفة الاتصال ،
وإذا أردنا أن لا نذهب بعيداً فإننا نتذكر حادثة إعدام النمر في السعودية والمواقف التي صدرت منها والحرب في اليمن والموقف من الحوثيين ، والآن تتسيد الساحة حادثة أخرى وهي سحب الجنسية البحرينية عن الشيخ قاسم والتي بدأت بتأجيجها إحدى دول الجوار وتبعهم في ذلك السياسيون في العراق ومن ثم المرجعيات ومنها ما صرح به بشير الباكستاني إضافة إلى مهاترات الحركات المسلحة وكذلك ما روّج له الإعلام من اتصال السيستاني بالمدعو عيسى قاسم وقوله له ( إنكم في القلب وما حصل لن يضركم ) ، وتعهده ( بأنه سيقدم ما يستطيع من أجل خدمة هذه القضية والدفاع عنها ) .ويبدو أن الشيعة في العراق وأقصد الرموز التي تتسيد المشهد لم تتمكن لحد الآن من الانفصال عن الفهم الطائفي للأوضاع والأمور ، وأعتقد أن السبب في هذا إن الطائفية هي أحد أهم الأسباب في بقاء هذه الجهات ، فلو انتهى العزف على الوتر الطائفي فإن هذه الجهات ستتهاوى لأنها لا تملك العلم أو الثقافة لتتسيد المشهد الاجتماعي أو الديني في العراق أو لدى الشيعة وكذلك فهي لا تمتلك الحلول لمواجهة المشاكل التي يتعرض لها العراقيون لتتسيد المشهد السياسي .ولهذا يذكرهم المرجع العراقي السيد الصرخي الحسني أثناء محاضراته المعنونة ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” بقوله : ( زياد ابن مروان ابن الحكم وعثمان هم وكلاء الإمام الكاظم لم يقتلوا على الإسم بل عثمان وزياد كانا ثقاة الإمام الكاظم .. من هنا يكشف لنا مدى خسة ونذالة المستأكلين باسم الإمام والتشيع ) .

بينما نجد في الوقت الحاضر كل المواقف تبنى على أساس الانتماء للطائفة حتى وصل إلى القتل على الهوية والاسم .والغريب أن مرجعيات النجف وأتباعهم يعترضون على إسقاط جنسية مواطن بحريني ولكنهم لا يعترضون على إسقاط آلاف الرؤوس للعراقيين عن أجسادهم ولا يعترضون على إسقاط شرف الكثير من النساء تحت حاجة الجوع أو بسبب هتكهن من المليشيات ، ولا يعترضون على إسقاط وطن كان يدعى بلاد الرافدين بنيت على أرضه أرقى الحضارات في العالم .وهذه من المفارقات العجيبة في زمن يدعي فيه المتسلطون أنهم يحكمون باسم الله وطالما سمعناهم يتبجحون بأنهم يمثلون علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ولو كان علياً على قيد الحياة لقال لهم مثل ما قال لآبائهم قَاتَلَكُمُ اللَّهُ لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً .