23 ديسمبر، 2024 3:46 ص

السياسة الأمريكية ووحدة العراقيين

السياسة الأمريكية ووحدة العراقيين

المتابع الى شكل السياسة الامريكية في العالم يجدها مبنية على الاستحواذ على مقدرات الشعوب ، بغض النظر عن الشعارات البراقة والوعود المعسولة ، ولأجل تحقيق مصالحها فلابد من تحطيم كافة القيود التي تقف حائلا دون تحقيقها .
لقد اوغلت امريكا بالجريمة من خلال تشجيعها لأطرافها الممتدة في البلاد العربية وعملت جاهدة من اجل ان تتحكم سياستها بالشعوب العربية، ولا أبرئ القادة العرب من المساهمة في ايجاد الذرائع لأمريكا من اجل تدخلها في المنطقة، بدء من احتلال الكويت وانتهاء بما يسمى بالربيع العربي! حيث نجد جميع البلدان التي حصلت بها احداث الثورات المزعومة، كانت بمساعدة امريكا، وهذا ليس ادعاء بل هي الحقيقة بعينها، فمن اراد ان يتأكد من صحة القول عليه بالرجوع الى مواقف الرؤساء العرب الذين قتلوا شر قتلة وأهينوا اهانة بمثابة الدرس البليغ لكل من تسول له نفسه الوقوف ضد ما تريده امريكا، كالقذافي وصدام، وانا هنا لست بصدد الدفاع عن دكتاتورين عانى شعباهما اقسى انواع الذل والاستعباد، بقدر ما يتعلق الامر بسياسة امريكا ليس الا.
وحيث اننا البلد الذي عانى من ظلم وتعسف السياسة الامريكية ما عانى ، نرى وكأن الولايات المتحدة الامريكية كرست جميع امكانياتها لتفتيت هذا البلد الذي تمتد حضارته لآلاف السنين ، اذ ان العراق وجد في هذا العالم قبل ظهور امريكا بقرون. ولو تتبعنا مجرى التأريخ الحديث وكيفية التعامل الامريكي مع العراق لرأينا العجب العجاب ، فلو اخذنا الحرب العراقية – الايرانية كأنموذجٍ لوجدنا كيف كان لليد الامريكية الدور الكبير في تأجيج الصراع (العربي – الفارسي) من خلال الشعارات البراقة التي رفعها رئيس النظام السابق ، ومن اجل هذا استمرت الحرب الطاحنة لثمان سنوات ، وجاء بعدها غزو العراق لدولة الكويت وما لحقه من دمار هائل للعراق – على يد الادارة الامريكية – وكيفية محاصرة شعبه وكل ذلك من اجل اخضاع هذا الشعب الابي لإرادتها .
وفي مطلع الالفية الثانية اقتضى المشروع التدميري القائم على التقسيم الطائفي للعالم الاسلامي، بفرض الممارسة الفعلية لهذا الصراع أي بلوغ مرحلة الحرب الدامية بين الاطراف. وقد وقع الاختيار على العراق حيث تتوفر فيه – ومن وجهة نظرهم – افضل الشروط الملائمة للصراع (الشيعي ـ السني) . فهنالك طائفة شيعية ومجاورة للقطب الشيعي الايراني، يقابلها طائفة سنية قريبة من القطب السني السعودي. اذن موقع العراق الجغرافي المجاور لإيران والسعودية خصوصا، ثم باقي دول المشرق العربي بالإضافة الى تركيا، وانقسامه الطائفي الواضح أدى الى اختياره كأفضل ساحة للصراع (الشيعي الايراني ـ السني السعودي) ! وقد نجحت امريكا لوجود البيئة الملائمة من العقول الساذجة التي تصدق بكل ما يقال .
ان خلاصة السياسة الامريكية الحالية في العراق، هي ان يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتها الكاملة بصورة (مباشرة او غير مباشرة)، سياسيا وعسكريا. والعامل المهم الذي نجحت به هو جعل الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا، بحيث لا يمكنها ان تكون دولة مركزية قوية، وهي عرضة سهلة للسيطرة عليها والتحكم بها. فتراها دائما عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب تبادر الى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار. وما ان يستقوي العرب حتى تبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم واعطاء المجال لبروز الدور الكردي واستخدامه ورقة ضغط على الدولة العراقية . وعندما توحد العراقيون في محاربة عصابات داعش الاجرامية ، وهزموهم بكل الميادين بعد ان توحدوا من خلال فتوى الجهاد المباركة ، كشرت امريكا ومعها اسرائيل عن انيابهما من خلال التلميح المباشر وغير المباشر لمسعود من اجل تأسيس دولته المزعومة ، مع علمهم انها لم ولن تكون وفي ظل هذه الظروف الدولية والاقليمية أو على الاقل في وقتنا الراهن .
لذا، فما ليس للعراقيين الا ان يوحدوا صفوفهم وان تكون كلمتهم واحدة قوية واضحة لأجل ان يبقى العراق واحدا لا يتجزأ ، وبدون وحدة العراقيين سيتفتت العراق وسيكون طرائق قددا وسوف لن تنفع الحسرة والاسى ولات حين مندم .