لقد قلنا مرارا للاحزاب والتكتلات الاسلامية الماسكة للسلطة في العراق وعلى راسها حزب الدعوة ان الاستئثار بالحكم سوف يدفع العراق والعراقيين باتجاه التقسيم ، وبدلا من الاستماع لصوت العقل ، نراهم يمعنون في التشبث بالسلطة يوما بعد يوم ، وحتى على حساب شركائهم ولولا المايسترو الخارجي لاقتتلوا فيما بينهم طمعا بالسلطة والثروة .لقد نص الدستور العتيد على مبدأ الفيدرالية . وقد كانت الاحزاب الاسلامية متمسكة بهذا المبدأ في بداية الحكم ، الا انه وبعد قيام حزب الدعوة بالاستيلاء على السلطة بشكل او بآخر اخذ ينبذ فكرة الفيدرالية ، لانه يريد العراق كله بعربه وكرده ، سنته وشيعته . حتى سيطرت عليه فكرة الحزب الواحد المستمدة من مفهوم دكتاتورية الاغلبية . ، ولا زال متمسكا بالسلطة الى يومنا هذا مستندين على مقولة ( بعد ما ننطيها. ). وهذا المبدأ الذي اخذ يترسخ بأذهان القائمين على حزب الدعوة قد دعاهم للشعور بأنهم البديل عن حزب البعث في حكم العراق. . ثم اتبعوا نفس اساليب هذا الحزب في الحكم ، من تكميم الافواه والاعتقالات والخطف والاغتيالات مع اقصاء الاخر. . . واراد المالكي ان ينصب نفسه دكتاتورا جديدا للعراق ، الا انه فشل في ذلك لسوء ادارته للحكم على مدى السنوات الثمان العجاف . ثم حاء بديله السيد العبادي من الحزب نفسه فسار على خطى سلفه بالفشل والتخبط في ادارة الدولة. ، فيما عدا الوعود بالاصلاحات لطمأنة الشعب العراقي واستغفاله لاطالة امد حكم الحزب دون تحقيق اي اصلاح او تقدم في العملية السياسية الفاسدة . فأصبح صورة طبق الاصل من سلفه يضاف اليه العجز الكامل في الموازنة ، الذي انعكس سريعا على الطبقات الكادحة والفقيرة وقد ادى ذلك كله الى تدهور الوضع الاداري والامني والاقتصادي حتى اصبحنا على حافة الانهيار التام في كل مرافق الدولة. . كماعمد حزب الدعوة والكتل المتآلفة معه ومنذ البداية الى استغلال جهل الناس فأتبعوا اسلوب التفرقة العنصرية والطائفية، لضمان بقائهم في السلطة الى اجل غير مسمى . وقد ادى ذلك الى تفتيت وحدة الشعب العراقي وتعريضه الى مخاطر التقسيم . . وبعودة سريعة الى الماضي القريب سنجد ان كل الذي جرى في العراق كان نتيجة السياسات الفاشلة التي اتبعت في ادارة الحكم ، والتي يمكن ايجازها بما يلي .اولا. انفصام التحالف الشيعي الكوردي نتيجة امعان حزب الدعوة وبعض الكتل المتآلفة معه في معاداة الكورد ومحاربتهم في شتى المجالات حتى بلغ الحد الذي دفع باحدى النائبات بتهديد الكورد بقصفهم بطائرات اف١-;-٦-;- ، بعد ان يتم تسلمها من قبل الجانب العراقي على حد قولها . واذا كان حزب البعث شوفيني . وهو كذلك ، فلماذا اصبح حزب الدعوة هو الاخر معادي للكورد . وهم حليفوه بالامس .ثانيا. تحجيم وعزل السنة تحت لافتة اجتثاث البعث ، والتي ادت الى شعورهم بالتهديد الدائم من خلال قانون المسائلة والعدالة والمادة اربعة ارهاب والمخبر السري. . ولا أدل على ذلك من قيام مجلس القضاء الاعلى باطلاق سراح الالاف من المعتقلين لعدم ثبوت الادلة مما دفعهم بعد خروجهم من المعتقل الى معاداة الحكم ، والانفصال عنه بأي طريقة كانت للحفاظ على وجودهم .ثالثا. الادارة الفاشلة للسيد المالكي قد ادت الى احتلال داعش للموصل ، وتسليمه معدات عسكرية بمليارات الدولارات . دون ان يقدم اي سبب مقنع لذلك . والاكثر من هذا قيام السلطة الحاكمة بحفظ ملف التحقيق لهذه الجريمة التي تصل الى حد الخيانة العظمى . كما لم يجرؤ احد على سؤال المالكي وهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة عن ذلك . فهل لديه حصانة، وما هو مصدرها. ؟؟.رابعا . قيام الاحزاب الاسلامية بسرقة اموال السلطة التي هي مسؤولة عنها ، كمن يسرق نفسه . كما سرقت الاموال المخصصة للخدمات العامة في المحافظات . مثل المدارس والمستشفيات والنوادي والطرق العامة والمتنزهات وغيرها . وبذلك فقد سلبت حصة الشعب ايضا ، والذي غالبيته من جماهير هذه الاحزاب التي تصرفت كمن هو طارئ ومؤقت في ادارة الحكم . وهذا يتناقض تماما مع فكرة. ما ننطيها. ،او البقاء في السلطة الى الابد . ان الصورة المتناقضة هذه في ادارة الحكم تعبر عن التخبط والتيه الذي تعيشه هذه الاحزاب . حيث ان نجاحها في بناء سلطة الدولة سيضمن لها الاستمرار في الحكم، وفشلها يعني انهيار السلطة وانهيار الاحزاب معها . وقد عملت بجد لهذا الفشل .هذا ملخص سريع للسياسة المتبعة من قبل القائمين على السلطة في العراق على مدى السنوات اللاحقة للاحتلال والتي كان عرابها السفير سيئ الصيط بريمر الذي رشح هذه الكتل والاحزاب من خلال مجلس الحكم الذي اسس على وفق المصالح المادية والفئوية للشخصيات المشاركة فيه، والكتل التي تقف خلف هذه الشخصيات . ولا زالت عقلية المصالح المادية لمجلس الحكم سائدة لحد الان ، وهذه المصالح لا يمكن ان تبني دولة المواطنة ، لأنها ستنشئ صراعات فئوية وطائفية وعنصرية ، وهذه الصراعات قد ادت فعلا الى تمزيق النسيج الاجتماعي. ، كما تم تقسيم الشعب الى فئات. ، والفئات الى كتل واحزاب ، والتكتلات الى ميليشيات ، والاخيرة تحولت الى مافيات . فتم خراب المجتمع بأسره . . وهنا نتسائل عن الحاكم الجديد الذي يستطيع ان يجمع كل هذه القطع المتناثرة والموزائيكية في دولة واحدة ، ومجتمع واحد . وستكون الاجابة بالتأكيد ان لا احد من هذه الاحزاب والكتل ذات المصالح الانانية الضيقة قادر على انقاذ السفينة التي خرقت من قبل ملاحيها.ان الشعب وحده هو القادر على التغيير الجذري من خلال ثورته القادمة لتشكيل حكومة انقاذ وطني ، تعيد للوطن وحدته وللشعب لحمته. .وسيرى القادم الجديد الى البيت الابيض بأس العراقيين وقدرتهم على ازالة كل النفايات التي خلفها سلفيه على ارض السواد