لولا ضعف الموقف العربي والفلسطيني ما استطاع الرئيس الأمريكي ترامب بهذه السهولة من طرح مشروعه المعروف بصفقة القرن وقبل ذلك نقل سفارته من تل ابيب الى القدس ثم اعترافه بضم هضبة الجولان السورية لإسرائيل. هناك عدة أسباب أدت لضعف الموقف العربي خلال السنوات الأخيرة والذي يصب في صالح إسرائيل دون ادنى شك. واحد من اهم أسباب الضعف العربي هو السياسات الإيرانية الخاطئة منذ مجيء خميني للسلطة ولحد الان. في عهد الشاه ايران لعبت دور الشرطي في الخليج العربي ولكنها لم تدخل في حرب ولم تتدخل مباشرة في الشؤون العربية وكانت لديها اتفاقية حدود مع العراق. وقد تغير الوضع بشكل كامل عند مجيء خميني رغم الشعارات التي رفعها ولكن الأفعال كانت غير الاقوال. فبدلاً من ان يفتح خميني صفحة حسن جوار ويوطد علاقاته مع العرب والعراق بالذات فأنه شن حملة غير مسبوقة للتدخل في شأن العراق وغيره من الدول العربية أدت بعد شهور من استلامه للحكم وتنصيب نفسه ولي امر المسلمين الى نشوب للحرب العراقية الإيرانية. وعندما اصدر العراق وقف للحرب من جانب واحد بعد أسبوع واحد فقط ورغم الوساطات المختلفة على مدى ثمان سنوات اصر خميني على الاستمرار بالحرب وحتى عندما قبلها وصف ذلك القبول بتجرع السم! لانريد ان نناقش موقف الدين والإسلام والإنسانية من ذلك ولكن هذه الحرب التي اصر خميني عليها دمرت العراق وايران من النواحي الاقتصادية وغيرها ومهدت لولادة حربين أخريين هما حرب الخليج الثانية وحرب احتلال العراق التي لولاها لما حصلتا. كما ونتج عن ذلك كله تكدس القوات الامريكية والغربية في المنطقة والخليج العربي والحصار الجائر على الشعب العراقي.
تعاملت ايران مع العرب بعنجهية كما وانها لم تكن مرنة بالتعامل مع الدول الأخرى مثل أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الغربية مما جلب لشعبها الحصار والفقر إضافة الى القمع الذي يتعرض له وانعدام حرية التعبير. اذ ان ايران لم تتدخل في بلد عربي الا واحالته الى بلد فاشل او مدمر او يستشري فيه الفساد والقتل والاغتيالات والحروب وجرته الى الهاوية دون اكتراث. فالعراق بعد الحروب والحصار والدمار زرعت فيه ميليشيات تمتهن القتل والاغتيالات والفساد وأحزاب لم تعرف شيئا الا الفساد والخراب والتدمير. اما اليمن وسوريا ولبنان فان أوضاعهم غنية عن التعريف. وفي قضية اليمن فان ايران جرت دول عربية عديدة للحرب الجارية في اليمن مما جعل جزء كبير من موارد ووقت وتسليح هذه الدول يذهب باتجاه تلك الحرب. وهناك تدخلات أخرى حصلت في البحرين والكويت والتهديدات المستمرة باغلاق مضيق هرمز وما الى ذلك. كل هذا يناقض الشعارات الايرانية المرفوعة بشأن القدس وفلسطين ومحو إسرائيل وغيرها. فلو ان خميني انتهج سياسة تقوية العلاقات مع العرب ولم يحارب العراق ولم يتدخل بالشؤون الداخلية وصار عونا وليس فرعونا لكان الوضع العربي اليوم افضل ولما استطاع ترامب تمرير صفقة القرن بهذه السهولة. ان ايران سعت للسيطرة والهيمنة فلم تجني لا رضى الأنظمة ولا رضى الشعوب وخير دليل قتلها لشيعة العراق ومحاولاتها لتركيعهم بالقوة والقتل والإرهاب في هذه الأيام مما سلبها حتى تعاطف الشيعة وجلب لها الكراهية وعدم الثقة.