22 نوفمبر، 2024 5:26 م
Search
Close this search box.

السيادة العراقية بين المطرقة الاقليمية والسندان الدولي

السيادة العراقية بين المطرقة الاقليمية والسندان الدولي

سيادة الدول تعني الحق الكامل للنظام السياسي او الحكومة السلطة على البلاد واتخاذ قراراتها ومواقفها بنفسها بعيدا عن اية املاءات وضغوط داخلية وخارجية، اي ان الدولة تكون صاحبة القرار في كل مايخص مفاصلها المختلفة، وتكون سيدة على ارض وسماء ومياه الوطن وسلامة الشعب وامنه القومي بمفهومه العام.
منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي والى اليوم، لم تمتلك الدولة العراقية السيادة بالمفهوم الدولي لها، اذ كان التدخل البريطاني في شؤونه واضح كوضوح الشمس في تحديد نوع النظام والفريق الذي يدير الدولة و كانت وماتزال الحكومة العراقية لاتشكل الا بتوافق العاملين الاقليمي والدولي،ويعد هذا بحد ذاته انتهاكاً فاضحاً للسيادة التي طالما تبجحت بها جميع الحكومات التي توالت على حكم البلاد.
لم تختلف انتهاك السيادة العراقية في العهد الملكي عن الجمهوري، حيث خلال العهدين لم نشهد حكومة وطنية منتخبة من الشعب بالمعنى الحقيقي تمتلك زمام المبادرة في صنع القرار وترجمته على الارض، حيث كانت معظم الحكومات تاتي بانقلابات عسكرية دموية تديرها اجهزة مخابرات اجنبية وفقا لما تقتضيها مصالحها وامنها القومي.
بعد التغيير الذي حصل في 2003 وبدء مرحلة جديدة من الحياة السياسية العراقية كنا نظن ان النظام السياسي في العراق قد تغير من نظام شمولي دكتاتوري مرتبط بدول وقوى اجنبية الى نظام وطني ينتخبه الشعب بناء على ارادته ومصالحه كأي دولة صاحبة السيادة على ارضها وخارطتها الجيوسياسية، الا ان ذلك كان مجرد حلما ورديا.
بعد مضي ثمانية عشر عاماً من التغيير اخذت الحياة السياسية في العراق منحى اخر حيث لم يفقد البلد سيادته كاملة فحسب بل وقع تحت الاحتلال الانكلوامريكي، بحيث لم يكن بمقدوره اتخاذ اي قرارمهما كان بسيطا او ستراتيجيا، واضحى العراق ساحة مفتوحة لتدخلات جميع دول الجوار والمنطقة وذلك لارتباط القوى السياسية التي جاءت بها امريكا للسلطة بدول واجندات مختلفة، بحيث اصبحت التدخلات علنية والقوى السياسية لاتخفي بل لاتخجل من اعلان ارتباطها بهذه الدولة او تلك ولا الدول تخفي او تغطي على تدخلاتها في الشأن العراقي.
بعد اعلان النظام السياسي الديمقراطي المزيف من قبل واشنطن وحلفائها وكتابة الدستور ومن ثم اجراء اول انتخابات في عام ٣٠ يناير ٢٠٠٥ تعودنا بعد كل انتخابات برلمانية، وصول مندوبي او ممثلي واشنطن وطهران الى بغداد للأتفاق على تعيين الرئاسات الثلاث بمباركة الدول الاخرى الحليفة والشريكة معها وبقاء اصوات الناخبين وصناديق الاقتراع مجرد ارقام وقصاصات ورقية لاختيار اشخاص مرتبطين بالقوى السياسية كنواب و وزراء ومادونهم.
ماتحدث به قبل ايام السفير الايراني في بغداد ايرج مسجدي لفضائية رووداو والتنديد بالتدخلات التركية في العراق وتحذيره لأنقرة من القيام باية عملية عسكرية في سنجار واطرافها ورد السفير التركي في بغداد على تصريحات مسجدي بدلا من الحكومة العراقية تظهر جليا مدى تدخل وتطاول الدولتين الجارتين على السيادة العراقية المفقودة بحيث تنظر طهران للعراق كمحافظة ايرانية وتركيا تعده ضيعة تركية وجزء من الأراضي التركية التي لايحق لأحد المساس به.
بعض القوى والاحزاب في الحكومة ومجلس النواب العراقي تحاول ممارسة لي الاذرع في قضية حصة اقليم كوردستان من الموازنة العامة لهذا العام وتطالب بهيمنة وسلطة الحكومة على جميع مرافق اقليم كوردستان في حين هي لاتكترث للانتهاكات الفاضحة للدول الاخرى للسيادة وكرامة الدولة العراقية.
بالنظرلتلك المعطيات المستدلة. عليه تتحمل جميع الاحزاب والقوى السياسية العراقية المشاركة في السلطة في العراق مسؤولية انتهاك سيادة العراق وامنه القومي ولايمكن اعادة السيادة والكرامة للبلاد الا بتجرد تلك القوى عن ارتباطاتها المعلنة وخضوعها لهيمنة دول الجوار والمنطقة والسعي من اجل بناء الدولة على اساس الانتماء الوطني وليس العمل من اجل مصالح الدول التي تملي على تلك الاحزاب والقوى ما تقتضي مصالحها.

أحدث المقالات