22 نوفمبر، 2024 7:36 ص
Search
Close this search box.

السياحة والإنسان

لم تعد السياحة مجرد رفاهية كما كان يظن البعض،بل تحولت الي واحدة من أهم الصناعات وأكثرها قدرة علي توفير فرص العمل وبالتالي القضاء علي البطالة والفقر والجهل.

وبحسب مصادر منظمة السياحة العالمية فإن السياحة تخطت الصناعات الاخري التقليدية في قدرتها علي أحداث توازن نوعي داخل المجتمعات إضافة الي سعيها المستمر للحفاظ علي التراث والثقافات المحلية.

وفي سعيها نحو الإنتشار أسهمت هذه الصناعة الهامة في نشر وتعميق قيم قبول الآخر وتبادل الثقافات مما حول نظرة الشعوب إليها وجعلها محور إهتمام الدول والحكومات وتوفير كافة الإمكانات لدعمها اللا محدود.

ومن أدوارها التي لا يمكن التغافل عنها أو نسيانها دورها السياسي فالسياحة والسياسة وجهان لعملة واحدة فالذي تعجز السياسة عن تحقيقه تقوم به السياحة ولكن بشكل مختلف.

ومنذ بداياتها الأولي وإصرار السير(توماس كوك) المؤسس والاب الروحي للسياحة في العصر الحديث وهي تهتم بالإنسان بكامل تفاصيله لأنه محور بقاءها،فهي صناعة تعتمد علي العامل البشري بصورة كبيرة وتسعي إلي تنمية مهاراته وإكسابه الخبرات والتجارب الحياتية و العملية التي تؤهله في نهاية المطاف ليكون قادرا علي العمل والإنتاج.

والسياحة ليست بغريبة علي عالمنا العربي،فمعظم دولنا العربية تحظي بحظ كبير ونصيب وافر من الموارد الطبيعية والبشرية التي تؤهل وطننا العربي ليكون مركزا عالميا لإستقبال السياحة.

فالدول العربية مهد الحضارات والأديان ومركزا من مراكز التراث العالمي إضافة الي الطقس الجيد بصفة عامة وتوفر العمالة وقرب دولنا العربية من مراكز انطلاق السياحة في أوروبا وآسيا.

لكن التكامل السياحي بين دول العالم العربي لم يحدث بعد لإعتماد معظم هذه الدول علي مصادر أخري كالنفط وعدم التفاتها للسياحة إلا مؤخرا.

أوروبا الصناعية ذات الدخل المرتفع والإقتصاد المتعدد والتي تتحكم في ثلث الإقتصاد العالمي توجهت إلي السياحة بصفتها صناعة لا تندثر وممتدة التأثير فقامت بسن القوانين والتشريعات المحفزة للاستثمار السياحي وهيأت كافة أجهزتها لمساعدة القطاع السياحي بكل روافده فتحولت منذ سبعينيات القرن الماضي الي دول مستقبلة للسياحة بعد أن كانت مصدرة لها فقط.

هذا التحول يفرض علينا ان ندرس ونفهم القيمة الكبري للسياحة وأن نعي الدرس جيدا فنحن أمة العرب أمام فرصة تاريخية لتغيير طريقة تفكيرنا نحو السياحة التي مازال البعض في أوطاننا ينظر إليها نظرة شك وريبة.

فرنسا علي سبيل المثال تتحصل علي أكثر من ٤ مليار دولار سنويا من السياحة العلاجية فقط،هذه الأموال تساعدها في تطوير التعليم وبناء المدارس وتنمية مهارات الإنسان محور الصناعة وأساس نهضتها.

وحتي عام ٢٠١١ وما تلاه من أحداث شهدها الوطن العربي لم تكن السياحة تمثل أكثر من ٥% من إجمالي دخل الدول العربية مجتمعة وهذه نسبة ضئيلة جدا مقارنة بالإمكانيات التي تملكها الدول العربية.

وعند الحديث عن السياحة لابد ان نتطرق إلي الدور الإجتماعي الهام الذي تقوم به وقدرتها العجيبة علي تغيير ثقافة الشعوب إلي الأفضل وقد خصصت منظمة السياحة العالمية مليارات الدولارات لدعم جهود المنظمات الدولية والإقليمية التي تهتم بتطوير المجتمعات وتوفير قدر من الجمال والنظافة والسلوك القويم خاصة في الدول الأكثر فقرا.

ولعل المتابع لنشاط السياحة عالميا يلاحظ أنها قادرة من الناحية الثقافية علي تأصيل قيم التسامح والإنفتاح علي ثقافات متعددة بغية تحقيق التواصل الإنساني وفهم طبيعة الآخر والقبول به دون قيد أو شرط مما يجعلها في مقدمة الأدوات والوسائل التي تقف أمام هجوم أفكار الظلام والرجعية.

السياحة مستقبل واعد وصناعة متكاملة الأركان ووجودها حقيقة لا ينكرها كل صاحب عقل إلا أن الإهتمام بها والعمل علي تطويرها يحتاج إلي جهود متواصلة وأفكار ورؤي مبتكرة بعيدة عن القالب الروتيني.للحديث بقية.
حفظ الله شعوبنا العربية.

أحدث المقالات