انهت الجهات المعنية اداء واجبها في زيارة عاشوراء بنجاح كبير من مختلف النواحي الامنية والاجتماعية والخدمية وتميزت بحسن التنظيم الا انه لم تصدر احصاءات عن المردودات الاقتصادية , وانما كانت ضيافة مجانية للزوار تحملت اعبائها السلطات الحكومية واصحاب المواكب على خلاف ما تعمل به الدول الاخرى التي تقع في اراضيها مواقع ومراكز دينية تستثمرها بنجاح وتحقق منها ما يرفد الدخل الوطني من موارد مادية .
ورأى خبراء اقتصاديون ان السياحة الدينية لها اهمية كبيرة في تنمية الاقتصاد الوطني ولكن العراق اغفل هذا الجانب ولا يتعامل بالمثل , ولو تم ايلاء الاهتمام للسياحة الدينية لحققت وفورات مالية هائلة قد تقارب المردود النفطي ووفرت فرص عمل كبيرة جدا للشباب العاطلين , وتشغيل الحرف اليدوية والمعامل لإنتاج بعض المستلزمات المتعلقة بالزيارة والكف عن اهدار الموارد المالية على استيرادها من الصين وغيرها بملايين الدولارات , كما يمكن دعم المنتوج الوطني اذا ما احسنت الجهات الوطنية استغلال المناسبات وعرفت كيف تدخل السوق المتعلقة باحتياجات وتلبية رغبات الزائرين .
الواقع ان السياحة الدينية معنوية في البلد ليس الا , وهذا مبدأ على اهميته ولكنه مكلف اقتصاديا وله تداعيات على البنية التحتية في المدن المقدسة التي تتحمل ضغطا هائلا
يفوق طاقاتها التي تتطلب تطويرا وتوسعا مستمرا وتخصيص اموالا طائلة اكبر من موارد الادارات المحلية في المدن المقدسة التي هي اصلا تعاني من شحة في مواردها البشرية والتكنولوجية ..
السياحة الدينية لو فسح المجال للمعنيين بشأنها والعاملين في هذا القطاع سواء من القطاع الخاص وهم الاغلبية والاكثر تأثيرا او القطاع العام وتم الاستماع اليهم لشهدنا وجها اخر لمدننا وانعشت اقتصاداتها المحلية والاقتصاد الوطني بموال اضافية وتحسن احوال الناس المعيشية.
دائما في الحديث مع بعض ذوي الشأن يؤكدون عل قدراتهم في التطوير واللحاق بركب الدول التي تملك من المزارات اقل مما في العراق , بل ان البعض يشكو من التدخلات الحكومية سلبا فعلى سبيل المثال تفرض اسعار مبيت في الفنادق غير واقعية اطلاقا في حين نظرائهم في ايران احرار في استيفاء السعر الذي يريدون من الزائر وحسب العرض والطلب , والادارات تسمح بمبيت مجاني للزوار في المواكب والحسينات وكذلك الطعام , والامر من ذلك بعض هذه المواكب تنصب خيمها في الجزرات الوسطية وفي كل مرة البلديات تعيد اعماراها من جديد .. اليس من الاجدى انشاء مخيمات ” كمبات” قريبة من مراكز المدن في المساحات الفارغة لمبيت الزائرين لقاء اجور رمزية لسد النفقات العامة ومتطلبات ادامتها …
والاهم من ذلك الغاء الرسوم غير مبرر اطلاقا ولكن ممكن تخفيفها الى الدرجة التي تبقى تشكل واردا ماليا للمدن التي فيها عتبات مقدسة يوضع في صندوق خاص ويوزع بينها حسب كثافة الزوار الذين يزورون المدينة المعنية , في بلدنا حتى الخطوط الجوية خفضت اجورها
لقد اصبحت السياحة الدينية صناعة عالمية ولا يوجد بلدا يوفرها مجانا الا العراق , بل ويقدم تسهيلات مدعومة , تقتضي مصلحة البلد اعادة النظر في هذه السياسات وايلاء الجانب الاقتصادي اهتماما وجعله يستوعب اعداد غفيرة من العاطلين والاهتمام بالصناعة المرتبطة بها ودعمها , الى جانب دراسة تجارب البلدان الاوربية والصديقة التي سبقتنا في هذا المجال بما فيها ايران والسعودية ليكون هذا القطاع معظما للموارد ورفد الموازنة بالرسوم …