العراق يلغي تأشيرة الدخول “الفيزا” للإيرانيين وبعض الدول التي يتواجد فيها الشيعة ,عربية وغير ذلك منذ فترة ليست بالبعيدة, والسلطات العراقية فتحت الحدود البرية مع ايران وقامت بإلغاء تأشيرة دخول الزوار بشكل رسمي ،ومن المفترض أن تكون قوافل الزوار الايرانيين من قبل منظمة الحج والزيارة الايرانية بصفتها المعنية لتسيير الرحلات البرية للزيارات .
من العلامات الايجابية لجودة العلاقة بين الدول هو رفع تأشيرة الدخول او اعتمادها في المنافذ الرسمية .. ولكن سؤالي الى حكومتنا الموقرة ماهي الاستفادة العراقية من ذلك ؟
وهل جرى الكلام حول موضوع المياه ومحاولة ادخال ملف المياه بين البلدين ضمن نفس الملف خصوصا وان هناك انهارا قد جرى تغيير مجراها او سدها بسواتر ترابيه ومنعها من دخول الاراضي العراقية ؟.
في عالم اليوم السياسة تعتمد اسلوب المقايضة .. فما هو المثيل وما هو البديل الذي سيستفاد منه العراق وشعب العراق ؟ خصوصا ونحن نتعامل بميزان تجاري مع ايران يقدر بأكثر من 20 مليار دولار كلها لصالح ايران , ناهيك عن تهريب الدولار الذي أصبح الكلام عنه من المحرمات وليس المستحبات .
أعداد الزائرين:
تشير المعلومات الى ان عدد الزائرين لهذه العام / 2023 للعتبات المقدسة الى انها ستتجاوز 20 مليون سائح ديني من جميع أنحاء العالم يتوجهون باتجاه العتبات المقدسة في العراق .. السؤال كيف نجعل من هذه الزيارات مردوداً اقتصاديا ينعش السوق العراقية ويحرر اقتصاده ؟.
الاجابة ببساطة ……. في الفكر الاقتصادي الغير ريعي يمكن للعراق ان يضيف ما لا يقل عن واحد مليار دولار يومياً للناتج القومي الاجمالي من خلال القطاع الخاص في آليات مدروسة وبعيداً عن تدخلات خارجية .. ماذا نحتاج لتحقيق هكذا هدف؟ : –
1- قرار شجاع ، المطالبة بفرض حجز فندقي لكل سائح بفترة الاقامة وهذا معمول فيه بجميع دول العالم
2- عدم السماح لدخول العراق اي شخص لا يمتلك حجز فندقي مؤكد وهذا ضمن البروتوكول الدولي للسياحة
3- تفعيل الامن السياحي والاتمتة الفندقية وربطها مع الامن السياحي للمتابعة.
4- فك ارتباط العتبات الدينية المقدسة من سطوة رجال الدين المتنفذين وربطها بوزارة الثقافة والسياحة.
بكل بساطة هذه الادوات تنتج ضخ اموال تتجاوز واحد مليار دولار لكل يوم مضروبة في عدد الايام التي يبقى فيها السائح داخل العراق ، يعني الارقام تتجاوز 20 مليار دولار سنوياً الى حساب القطاع الاقتصادي.
هل تعلم ان 20 مليار دولار اذا ما ضخ على القطاع الخاص وخاصة الفندقي خلال سنة واحدة ماذا يحدث :-
1- ثورة بناء في القطاع الخدمي لم يشهدها العراق منذ تأسيسه المستفيد من هذه المبالغ البنى التحتية من طرق وجسور واعادة بناء القطاع الفندقي .
2- تطوير جمع الاعمال المتعلقة في القطاع الفندقي من مطاعم وشركات تغذية وشركات سياحية ومرشدين وغيرها الكثير .
3- توفير ما لا يقل عن 500 الف فرصة عمل دائميه جديدة .
4- تطوير كامل لقطاع النقل ودخول خطوط المترو والترام وغيرها من وسائل النقل الحديثة .
5- امنياً تأشير كامل لتحركات الضيوف داخل العراق.
6- تقوية الدينار العراقي بنسبة 8,7 بالمائة من المعدلات الطبيعية خلال سنة واحدة والكثير من الفوائد التي ستكون لخدمة الوطن والشعب.
الضغوط المطلوبة:
أن تقليل حصة العراق المائية أو ألغاها تماماً من قبل الجانب الإيراني والتركي يقود لكوارث اقتصادية وبيئية وسياسية على النحو الاتي :-
1- ازدياد حجم التبادل التجاري العراقي بين العراق وتركيا ليصل الى 20 مليار دولار ، وربما يتضاعف خلال سنوات قادمة .
2- ازدياد حجم التبادل التجاري العراقي الايراني ليتجاوز 12 مليار دولار, كذلك ربما يتضاعف خلال سنوات قادمة.
3- اغلب علاقاتنا التجارية والاقتصادية مع ايران وتركيا ذات ميزان مدفوعات مختل ، أذ ان نسبة الاستيراد من هذه الدول الى العراق بين 90 الى 95 بالمائة , بينما نسبة التصدير من العراق الى هذه الدول ما بين 5 الى 10 بالمائة , معنى ذلك ان هناك مليارات الدولارات تخرج من العراق بدون عودة لهذه الدول لكي تعمل مصانعها ومزارعها وتنعش صناعتها وتجارتها ويحصل شبابها على فرص عمل , وتبنى هذه البلدان على حساب بلدنا او بالأحرى بسبب من يحكمنا , بمعنى اخر ان هذه المليارات لو تم انفاقها لأنشاء مشاريع عملاقة تتعلق بحصاد المياه وبناء السدود وتحسين الزراعة والصناعة لأصبح بلدنا قطب اقليمي تزحف هذه الدول وراءه لتنال رضاه .
4- خروج العراقيين الى أيران وتركيا كسياح في فصل الصيف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانقطاعات التيار الكهربائي والعواصف الترابية وصرفهم مئات الملايين من الدولات في البلدين المذكورين , حتى المحطات الكهربائية العراقية الغازية تعمل بالغاز الايراني الذي سدد العراق أخر قسط منه البالغ مليار وستمائة وتسعون مليون دولار لعام/ 2020.
نتائج قطع المياه:
اليك تحليل مختصر لما يحدث بسبب تقليل وقطع المياه عن العراق:-
1- اضعاف زراعة البلد : مما سيقود الى اضطرار العراق الى استيراد محاصيله الزراعية من الدول المجاورة.
2- ضعف الزراعة يعني ضعف الصناعة : ونعني كمثال لذلك اننا حينما لا نزرع الطماطم سنضطر لاستيراد معجون الطماطم من تركيا او ايران وهذا يعني اننا سنغلق مصنعاً لصناعة المعجون في العراق وسيتم فتح مصنع في تركيا او ايران وسيكون هناك بطالة في العراق ويكون هناك عمل وتحريك للاقتصاد في تركيا او ايران . وهكذا مع باقي الخضراوات والاغذية الاستهلاكية الاخرى التي تدخل في مجال الصناعة.
3- تراجع كبير في قطاع تربية الحيوانات (الدواجن والابقار والاغنام مثلاً ): ولان المزارع سيتم غلقها ، سيتم غلق مزارع الابقاء والاغنام ومشاريع الدواجن ،وهذا يعني اننا سنستورد اغلب مشتقات الحليب من الالبان والاجبان من هذه الدول .
4- ارتفاع في درجات الحرارة وكثرة العواصف الترابية : حيث تسهم المياه الوفيرة في الحفاظ على عدم انجراف التربة عبر مسكها من خلال الغطاء النباتي مما سيقلل من حدة هذه العواصف . لا بل ان هذه العواصف ستدمر جزء مهم مما تبقى من زراعة وصناعة في البلاد.
5- كثرة السفر لأغراض سياحية : بحثاً عن اجواء معتدلة الحرارة, حيث سيضطر المواطن الميسور لقضاء اوقات العطلة والراحة في هذه الدول كونها تتمتع بأجواء مريحة في فصل الصيف وهذا يعني كذلك ان هناك قطاع كبير سينشط وهو قطاع السياحة وملحقاته ويعمل لديهم وان هناك مئات الملايين من الدولارات ستخرج خارج البلاد دون عودة .
في وقت يمتلك العراق بيئة مناسبة للسياحة (الدينية مثلاً) لو تم تطويرها لأصبح يستقبل سياح اجانب كما يذهب ابناءه للسياحة في الدول الاخرى.
6-المقايضة والمساومة بين الماء وموارد اخرى كالنفط والغاز والكهرباء: وهنا يدخل العامل الاهم وهو مساومة البلاد ما بين الماء ونفط العراق ، حيث اننا لم نصل حتى الان الى هذا النوع من المساومة لكننا على بعد خطوات قليلة منها ! .
7- ولكي اكون دقيق اكثر ، السبب ليس بهذه الدول وهذا الموضوع لا يعتبر دعوة للحقد عليهم بل ان السبب بمن يقود دولتنا واضعافها بهذا الشكل التبعي المؤسف, أذ ان السياسة تتطلب جلب المصالح باي طريقة وهذه الدول تقوم بذلك لصالح شعوبها واقتصادها على اتم وجه .
كاتب وأعلامي