قال السيد السوداني في بداية استيزاره ” لن ننشغل في محاسبة صغار الفاسدين لكن كبار المسؤولين الفاسدين لنا وقفة معهم” ..
وقال أيضاً ” إن “مطلب حصر السلاح بيد الدولة مطلبي الشخصي”
وكلا الشعارين أو التعهدين اصبحا خلف اهتمامات السوداني أو انه اكتشف ، كما الذين سبقوه من رؤساء الوزراء ، ان مواجهة هاذين الملفين بجدية وشجاعة ببرنامج واضح قد يوديان به وبحكومته الى الانتحار السياسي ففضل نوعا من التراجع التكتيكي ، ليتحول شعار محاربة كبار الفاسدين الى ايقاف الفساد المالي في تراجع خطير ونكث فاضح للوعود واذعان لتروستات الفساد السياسية المهيمنة على مقاليد السلطة والسلاح! وكانت مؤشرات التراجع بملف الفساد ومحاربة كباره وحيتانه ، هي تسويات منهبة القرن باطلاق سراح كل من نور زهير وهيثم الجبوري بمسرحية قضائية كانت مكان تندر الشارع العراقي الذي وجد في اطلاق سراح اللصوص الكبار بحجة استرداد الاموال طوق نجاة لهم للإفلات من العقاب وتشجيعاً لعصابات النهب المنظم بالمضي قدماً في منهج سرقة المال العام !!
ويبدو ان السوداني تحمل الضغط الحاصل بسبب هذه الجريمة بحق الشعب العراقي وامواله حتى خيّم الصمت عليها واصبحت حكاية من حكايات الف ليلة وليلة والتي لم تنته فصولها بعد ! وعلى مايبدو ان بقية ملفات الفساد الكبرى سائرة في طريق السلامة ذاته مثل مزاد العملة وعقارات الدولة والفاو والقائمة طويلة وعريضة ايضا ، عرض وطول محنتنا بجوقة اللصوص!!
وما القرارات التي نسمعها يوميا عن مذكرات توقيف بحق فاسدين ، على اهميتها ، الا انها كمن يغرف الماء بمنخل ، ليبقى كبار الفاسدين بمنآى عن المراقبة والعقاب بحماية قوى سياسية بيدها صولجان النفوذ والتأثير وقلب الطاولات على السوداني وغيره رغم انه اتى بمركبهم وتحت حمايتهم !
وقال السوداني “بيدنا خيوط جريمة مقتل المواطن الاميركي وسنكشفها قريباً” وعلى مايبدو ان الخيوط اوصلته الى المغارة فصمت عن الكلام المباح وقوانين السلاح المنفلت ، وقبله قال عبد المهدي عرفنا الطرف الثالث الذي قتل المحتجين ، ولم نر لاثالث ولا رابع ، وبعده قال الكاظمي القينا القبض على قاتل هشام الهاشمي وبقي القضاة ينتظرون قدومه امامهم قبل اخراج مسرحية ” في انتظار جودو ” الذي لن يأتي !
وما حدث في ديالى مؤخرا يرسم صورة كارثية عن السلاح المنفلت ودوره وقدرته على ان يفعل مايشاء تحت مسميات لااتفاق وطني ولا رسمي عليها !، وآخر ماقاله السوداني ” قلت لقوى سياسية لها اذرعاً مسلحة ان لاسلاح خارج سطوة الدولة ” ، وهكذا هو الرجل يقول لهم ولم يقل لنا ماذا قالوا له !!
هل قالوا له سمعاً وطاعة أم نصحوه بترك هذا الملف حتى يتبين الخيط الابيض من الاسود !!
ولا اشك لحظة واحدة ان السيد السوداني يدرك تماما ان كل مايقوم به على وجه النيات الحسنة ومحاولات التغيير والاصلاح ، سيكتب لها الفشل الآن او فيما بعد بوجود هاذين الملفين المسلطين على رقاب ملايين العراقيين ، وان برنامجه الحكومي سيبقى تحت رحمة السلاح والفساد ، فلا اعمار ولا خدمات بوجود الفساد المالي ولا استقراراً أمنياً واجتماعياً بوجود وهيمنة السلاح المنفلت المتخادم منطقياً مع سلاح الجريمة المنظمة وعصابات المخدرات والتهريب التي تودي مجتمعة الى غياب الدولة على هشاشتها !!