ربما تكون اللحظات الحالية لحكم السيد السوداني أكثرها حراجة وحيرة منذ توليه منصب رئاسة مجلس الوزراء قبل عام من الآن ، فتبدو سياسة مسك العصا من الوسط محفوفة بمخاطر المواجهة مع الفصائل المسلحة على ايقاعات تداعيات الحرب في غزة .
فالرجل بين مطرقة الاميركان وسندان الفصائل وغالبيتها من الإطار التنسيقي الذي أتى بالسوداني الى سدّة الرئاسة ، فالخلاف على توصيف القوات الاميركية يضع الجانبين على مفترق طرق بين عناق وحدة الهدف وفراق الاختلاف على من يقود البلاد، سياسة ومناهج الدولة أم راديكالية الفصائل المسلحة أو المقاومة الاسلامية في العراق كما تطلق على نفسها.
ففيما يعتبرها السوداني قوات صديقة ، بحسب بياناته الرسمية ينبغي حمايتها، تعتبرها الفصائل قوات احتلال عدوة ينبغي توجيه الصواريخ والمسيّرات نحوها .
وفيما يؤكد السوداني ، بحسب مستشاريه ، ان القوات الاميركية والتحالف الدولي ضيوفا على قواعد عراقية وليست اميركية ، تعتبر الفصائل قواعد تواجدها قواعد أميركية ينبغي استهدافها .
مستشارون أم قوات مقاتلة هي نقطة الافتراق الخرى بين توصيفات الفصائل وحكومة السوداني .
يقول وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن لصحيفة الدايلي جورنال عن زيارته المدرعة الاخيرة للعراق” حصلت على ضمانات من السوداني بحماية القوات الاميركية في العراق كما عبّر لي السوداني عن اصراره الشخصي على ايقاف ضربات الفصائل المسلحة ” . وفي مواجهة تعهدات السوداني ، يقول بلينكن “وضحت بشكل لا يقبل الشك للسوداني ان الهجمات على قواتنا غيرمقبولة نهائيا وسيكون هناك رد “..!
وقراءة الوضع السياسي واقعياً فان السيد السوداني ليس بوارد القدرة على ايقاف نشاط الفصائل ، التي تعترف بعمليات عسكرية داخل وخارج العراق وسوريا ، أي ان مواجهتها عسكرياً شبه مستحيلة لان مخاطر المواجهة كارثية قد تقود الى فوضى تسقط حتى العملية السياسية !
والطريق الآخر هو الاستناد الى طهران لتوجيه الفصائل بعدم احراج السوداني في هذه المرحلة ، لكن النتائج كانت مخيبة لآماله بعد زيارته لطهران بعد لقائه بلنكين !
ليس أمام السوداني غير طرق أبواب ” الإطار التنسيقي ” لأن الفصائل جميعها من رحم الإطار ، وبالتالي هناك ” امكانية ” لـ ” هدنة ” فتح الأبواب لحلول الخروج من مازق عنق الزجاجة ، الحلول التي قد تأتي من مجريات وتطورات الحرب في غزة أو تفاهمات داخلية لاتحرج السوداني ولا ترفع الاصبع عن زناد الفصائل !