قال الكاتب الأمريكي جاكسون براون: لا تخش العقبات الكبيرة, فخلفها تقع الفرص العظيمة.
عندما يريد الإنسان الوصول لهدفه, فعليه اغتنام الفرص لذلك, وإن كانت بنسبة ضئيلة, فالأمل والإرادة والإصرار تخلق المعجزات.
قبل الاِنتخابات البرلمانية اَلعراقية التي جرت, خلال الشهر الخامس من هذا العام 2018؛ التي كان من المؤمل, أن تكون ثورة شعبية للتغيير, وحاجز صَدٍ ضِدَّ الفاسدين, وعدم السماح لوصولهم مرة أخرى, إلى البرلمان أو تسنمهم لمناصب, تم تجربتهم فيها.
بعد ظهور النتائج وبمشاركة خجولة, لا ترتقي للوصول إلى الهدف, لم تحصل أي قائمة أو تحالف, لأغلبية كافية فتحرك الساسة, نحو التحالفات الثنائية والثلاثية, من أجل جلب أكثر عدد من الأصوات, وفي خضم ذلك الحراك, وسط تشكيك بعضهم بالنتائج, حصل مالم يكن بالحسبان, فقد انفجر كدس عتاد, تحت جامع في مدينة الصدر, تبعه حريقٌ في مخازن المفوضية بالرصافة, ما يوحي لمواطن أن الفاسدين, الذين خسروا أصواتهم السابقة, هم المسيطرون على العملية برمتها.
تشكلت اللجان وأوكلت عملية العد والفرز اليدوية, إلى القضاة لإزالة الإشكالات, لتندلع أزمة من رحم الأزمات المتراكمة, فانقطاع خط تجهيز الكهرباء, من الجارة إيران تزامنا مع, قطع المياه من الجارة تُركيا, خلقا حالة من الهيجان الشعبي, استغلها بعض المتصيدين بالماء العَكر, ليؤججوا الشارع ضد العملية السياسية برمتها, وهو الهدف الذي كانوا يعملون عليه, قبل الانتخابات بالتشكيك, وإحباط المعنويات, بحملة طالت حتى المرجعية المباركة في النجف الأشرف.
نتيجة لما تقدم من ظروف, اندلعت تظاهرات بدأت شرارتها, من البصرة الفيحاء المحافظة الأكثر تضرراً, والأكثر سخاءً بثرواتها, لتعم محافظات الجنوب والفرات الوسط, لتصل إلى بغداد حامية الوطيس, كلهيب هواء تموز, ما جَعَلَ من الحكومة الاتحادية, التحرك على الجانب الإيراني, ففشلت بذلك لعدم دفعها, المستحقات المتراكمة, بسبب الحصار الأمريكي على الجارة إيران, وعدم التعامل بالدولار الأمريكي, فتدخلت دولة الكويت, لإرسال محطات توليد كهربائية, لإحساسها بالخطر الذي قد يطالها.
العراق كدولة خرجت من كابوس الديكتاتورية, فقد كانت جُرعة الديموقراطية المفاجئة, كبيرة على ما اعتاد عليه العراقيون, حيث أنهم قد جُبلوا عبر العصور, على تكوين الحكومات الجاهزة, سواءً بعد كل احتلال مروا به, أو عن طريق الاِنقلابات, ألتي عادة ما يقوم بها الجيش, عن طريق حركة أو حزب سياسي, ولا دخل للمواطن فيها.
الفرصة التي لم يغتنمها ساسة العراق, من أجل التغيير وتقديم الخدمات, والإحباط الذي أصاب المواطن, جراء الحملات ألتسقيطية الاِنتقامية, من أعداء الديموقراطية, وضعف القانون العراقي, لقبول ترشيح كثير من الفاسدين, والمتهمين بالإرهاب, أسباب جعلت من المواطن العراقي, لا يصدق بأي وَعدٍ يقطعه أي سياسي.
جُهود سوءٍ تظافرت لتخلط الحابل بالنابل, ما سَمح لبعض المرضى نفسياً, بمهاجمة المكاتب الحزبية, وبعض دور المسؤولين والدوائر الحكومية, ومع أن المرجعية أيدت التظاهرات كَحَق للمواطن, إلا أن ذلك لم يشفع لها, من أصحاب العقول المريضة.
قال عالم الفيزيولوجيا العصبي, الإنكليزي تشارلز كاليب: أصحاب العقول العظيمة, يجب أن تكون مستعدة دائماً, ليس لاِغتنام الفرص, ولكن لصنعها أيضاً.
فمتى يتعاضد الساسة والمواطن, ليكونوا عقولاً عظيمة, ليصل لحالة السمو ودحر الفاسدين, ولا تسمح بالعودة لنقطة الصفر؟