ليس غريباً أن نسمع أصواتاً اعتادت توجيه سهامها الى الداخل بدلاً من العدو الحقيقي، إذ تعمل على تأجيج الفتن الطائفية وتغذية الأحقاد. وفي هذا السياق، يبرز السليمان كنموذج واضح للاضطراب السياسي والتناقضات المستمرة.
ففي صيف عام 2022، وبعد عودته من أربيل، خرج علينا السليمان مصرحاً: “ساسة السنة لم ينضجوا سياسياً، ولم يتعلموا ويستوعبوا الدرس، ولم يدركوا أسس التعامل السياسي في العراق” واليوم ، يعود مجدداً ليؤكد “أن سياسيي السنة الذين يتصدرون المشهد السياسي “ولاؤهم خارجي، وهم مجرد أدوات لتنفيذ أجندات خارجية”.
لا غرابة في هذه التصريحات المتخبطة، التي تتزامن مع احتدام المشهد الانتخابي وتصاعد الصراع السياسي، مما يشير إلى محاولات إعادة تشكيل المشهد السياسي عبر إثارة الجدل وخلط الأوراق…ويبدو أن السليمان أحد الأدوات تحريك هذا الجمود السياسي وإثارة الجدل ضمن الواقع الطائفي المستحكم، لا سيما في ظل غياب أحد أقطاب العملية السياسية التيار الصدري ، والزعيم السيد “مقتدى الصدر” (دام عزه).
المتابع الذكي يدرك أن السليمان لطالما كان من أشد خصوم السيد نوري المالكي منذ زمن بعيد، ولم يتردد يوماً في مهاجمته وتوجيه الاتهامات إليه، تارة بوصفه بالطائفية، وتارة أخرى بالعمالة لإيران. لكن ما غاب عنه اليوم هو اختفاء المالكي وإيران عن سموم خطابه الطائفي، الأمر الذي يعكس حقيقة انتماءاته وتوجهاته السياسية الخفية. فهو الصديق القديم في الخفاء رغم العداء المستحكم ظاهرياً، وطالما حظي بتزكية العدو والصديق على حد سواء.
هذه التصريحات المشوشة، وما تحمله معها من ردود، ليست مجرد موقف سياسي عابر، بل إعلان واضح عن توجهات مستقبلية تعكس معطيات جيوسياسية للمرحلة القادمة، والتي ستعيد ترتيب ورسم المشهد السياسي الجديد بشكل مختلف، خصوصاً في العراق والمنطقة .