18 ديسمبر، 2024 7:49 م

السلوك العاصف والقرار القاصف!!

السلوك العاصف والقرار القاصف!!

السيد الجديد في البيت العتيد أصدر قرارا تنفيذيا غير مسبوق , يتعارض وما دعى إليه في حملته الإنتخابية الحامية , التي أكد فيها على إخراج المهاجرين الغير شرعيين حال تسنمه زمام الحكم , لكنه بدلا من إصدار قرار تنفيذي بذلك الخصوص , أصدره ضد المهاجرين الشرعيين بذريعة لا تصمد أمام الأدلة والبراهين والحقائق والدراسات والقوانين.
ويبدو أن الجميع قد تناسى الدعوة لإخراج المهاجرين الغير شرعيين , وأصبحوا منشغلين بموضوع دخول أو عدم دخول المهاجرين الشرعيين للبلاد.
ذلك أن القرار يضرب على أوتار عاطفية وقيمية ذات صلة بالمواد الدستورية , التي قامت عليها الأمة وتواصلت في تقدمها وإزدهارها.
القرار يتسم بدرجة عالية من الشك في أبناء دول معينة ودين بعينه , ولا يستند على مسوغات ذات قيمة عملية , بقدر ما يساهم في تعقيد الأمور ومنح الأشرار مادة يستثمرون فيها لتحشيد الآخرين ضد الخير والألفة الإنسانية.
فلماذا هذا القرار المنحرف مئة وثمانين درجة عما يمكن توقعه من صاحبه , الذي حسبناه سيأمر بإجلاء المهاجرين الغير شرعيين المرتكبين للجرائم والمآثم من البلاد بأسرع ما يمكن , إن في الأمر لمكيدة ولعبة ستكشفها الأسابيع القادمة , فالغاية تبرر الوسيلة في الفكر البرغماتي , وهذه الوسيلة تسعى لغاية في نفس يعقوب.
القرار أثار الكثيرين في الداخل والخارج , وطغى على وسائل الإعلام وأحدث إضطرابات في المطارات العالمية , التي مُنع فيها أي مسافر يحمل تأشيرة قانونية بسبب القرار , لكن المهاجرين الغير شرعيين يتواصلون في تدفقهم المتزايد في الوقت الذي يتم فيه منع المهاجرين الشرعيين, وفي هذا تناقض غريب , ومثار لأسئلة كثيرة.
فهل أن القرار للتغطية على عدم القدرة على إخراج المهاجرين الغير شرعيين , وهل أنه لإبعاد الأنظار عن مشروع بناء الجدار الذي لا يُعرف كيف سيتم سداد كلفته , أم أن القرار خطوة أولى في مسيرة عدوانية مرسومة , ومحكومة بآليات إنفعالية تتطلب تأليب الرأي وحشد القوى الكفيلة بتأييد الإقدام على قرارات غير مسبوقة في التأريخ؟!!
إنها تساؤلات يثيرها هذا القرار الغريب الذي يتناقض مع ما تم طرحه والمناداة به , فاللاشرعي يصول ويجول والشرعي ممنوع من الدخول!!
ترى هل أن في هذا سعي لشرعنة ما هو غير شرعي , وإسقاط الشرعية عما هو شرعي؟!!
إن القرار يقول الكثير مما لم تقله الكلمات , فما بين سطوره زوابع ورعود وعواصف وأعاصير لا قِبَل للبشرية بها!!
ولننتظر فإن غدا لناظره قريب!!