23 ديسمبر، 2024 6:31 ص

السلم المجتمعي تحديات ما بعد الغطرسة-كركوك نموذجا

السلم المجتمعي تحديات ما بعد الغطرسة-كركوك نموذجا

السـّلام هو حالة الهدوء والسكينة، يُستخدم مصطلح السلام كمعاكس ومنافي للحرب وأعمال العنف الحاصل بين الشعوب المختلفة أو طبقات المجتمع المتباينة أو الدّول المتنافسة، فحتى في وقت السلم يدخل الناس في الصراعات كالحملات الانتخابية والسجالات وتعارض الآراء وغيرها.
مما يتبين من التاريخ جنوح الغالبية إلى صنع السلام ومحاولة إحلاله كحالة طبيعية وعادية يجب أن تكون مستمرة في مسار التطور والنّماء الإنساني، منافية للحرب والعنف كحالة شاذة معاكسة للحالة الطبيعية وهي السلام، الأمر الذي لا يتماشى والازدهار والرقي الإنساني. السلام لا يشعر به ولا يعرف قيمته النفسية والروحية والاجتماعية والمادية إلا من عاش ويلات الحرب وقذاراتها. والسلم والسلام هو شرط وضرورة قصوى وركيزة أساسية لأي تطور وازدهار ونماء ورقي إنساني في جميع جوانبه المادية والأخلاقية. ومن أفصح ما جاء في وصف أهمية السلام وحالة الحرب الشاعر امرؤ القيس:

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً *** تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ

حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا *** عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ

شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ *** مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ ً
للحصول على حياة يسودها الأمن ، والاستقرار ، والطمأنينة لابد من وجود مقومات التعايش بين المجتمع وقبول الآخر “بروح رياضية” بعيداً عن الأنا وحب الذات ، وأيضاً الابتعاد عن الانتماءات القومية ، والطائفية ،والحزبية.لكن من الصعوبة التي تصل إلى درجة الاستحالة عدم هجرة السلم المجتمعي في مدينة كركوك بوجود تلك الصراعات السياسية، والصدامات العسكرية،ومن يقف خلفها من القوى ذات الإيديولوجيات المختلفة،والتبعيات الخارجية،وبالأخص مليشيات الأحزاب والحركات الكردية لما تتمتع به محافظة “كركوك” من موقع ستراتيجي يربط جنوب ووسط العراق بالمنطقة الشمالية ،مع ثروة نفطية كبير تقدر بحوالي 13 مليار برميل أي يشكل حوالي 12% من إجمالي الاحتياطي من النفط العراقي.
بعد عملية “فرض القانون” واستعادة السيطرة على محافظة “كركوك” من قبل السلطة الاتحادية، فقد وقعت مسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة المحلية، والمركزية إلا هو “السلم المجتمعي” ، حيث يتكون مجتمع “كركوك” من 3 قوميات “العربية، الكردية، التركمانية” وهذه القوميات لديها طموحات،ومشاريع لتنفيذها على ارض الواقع ومن هذه المشاريع ما هي مشروعة وأخرى غير مشروعة -مثال على الطموحات المشروعة-: هو عمل القومية العربية والتركمانية جاهدين وسلك جميع الطرق القانونية، والسلمية لنيل حقوقهم وتمثيلهم العادل في دوائر الدولة وفي المناصب الحكومية في المحافظة بعد عملية الاحتكار من قبل حكومة إقليم الشمال على إدارة المحافظة، -ومثال على الطموحات غير المشروعة-:هو عمل الاكراد وبالأخص حكومة الإقليم للاستيلاء على محافظة “كركوك” وضمها إلى الإقليم، فهذه الصراعات وأن كانت بعضها “خلف الكواليس” لكن الأغلبية طفت على السطح وبعد عملية “فرض القانون” قد صرح عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني”هوشير زيباري” :أن على الحكومة الاتحادية الاستعداد لحرب أهلية في كركوك ومناطق أخرى، مما يدل على النية المبيتة للاكراد ، وما تبع ذلك من أعمال إرهابية وخطف لمواطنين من قوميات آخر.
لذلك على الحكومة تعزيز الجهد الأمني ومنع الخروقات التي تقوم بها بعض الجهات لزعزعة الاستقرار، وتهجير “السلم المجتمعي” لخلق مناخ مضطرب أمنياً، وسياسياً ،وأيضاً عليها أن تجعل من يملك زمام الأمور سوى في الجهات الأمنية أو الإدارة المحلية في المحافظة من يمتلك وعي وثقافة على كيفية التعامل مع المجتمع ومواجهة التحديات والمشاكل بكل مسؤولية بعيداً عن الانتماءات، والتخندقات القومية والطائفية.
شعور المواطن بالأمن ومعاملة السلطة له على أنه مواطن لايختلف عن باقي المواطنين وبث روح المواطنة والانتماء إلى الوطن “يثبط فايروس الحرب الأهلية” ويجعل من السلم المجتمعي مستوطن ولا يمكن ان يهاجر. ً