23 نوفمبر، 2024 6:43 ص
Search
Close this search box.

السلطة والمعارضة العراقيتان طلاق المواقف والخطاب في الأزمات

السلطة والمعارضة العراقيتان طلاق المواقف والخطاب في الأزمات

لم تَدَعِ الحكومةٌ  فرصة للقوى السياسية خارج الحكومة لتوحيد الخطاب معها خلال الأزمات . في العادة ، تتظافر المواقف والجهود ، كعرف سياسي اخلاقي وتقليد يرقيان الى مستوى القانون ، لتجاوز هكذا أوضاع . إختلال هذه المعادلة في القضايا المصيرية ، ناتج عن ان تلاحق الازمات واندماجها عبر ثمان سنوات ، وجلها من صنع الحكومة ، يجعل تناغم الخطاب المعارض مع الحكومي خيانة اخلاقية وشرعنة لتلك الأزمات وتعميقها لاينبغي الانجرار اليها .
في الملف الأمني ، الأكثر تهديدا ، يتوافق الفريقان على معاداة الإرهاب ومجابهته ، ويفترقان عند توصيفاته وتداخلاته السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، وآليات الحرب عليه ، فتتفرع عن ذلك تفاصيل خلافية إضافية في مقدمتها المصالحة والإجتثاث والمؤسسات المنحلة والتهميش والفساد . التوظيف السياسي لهذه القضايا من قبل السلطة يجعلها محاور لأزمات مستدامة ، تستحيل معها وحدة الخطاب السياسي  .
 في الشأن الداخلي  ، يتجذر صراع الهويات ليزيد في الإنقسام العام ، فإنحشار الدولة في شرنقة الطائفة ، بعد الإحتلال ، ضاءل فرص العدالة والوحدة والسلام والتنمية ، وتكريسُ تقاسم السلطة بمقاسات الطائفية السياسية عزز المسار نحو دولة المكونات ونسفَ مرتكزات دولة المواطنة ، هدف ائتلاف الوطنية ، ورئيسه الدكتور اياد علاوي أبرز الوجوه غير المشاركة في الحكومة . ممارسة السلطة للتحريض ضد معارضيها ، زاد من التعبئة ضد الهويات الفرعية والقضايا المشروعة كما الحال مع اقليم كردستان العراق ، وإعتصام المحافظات الغربية ، والمظاهرات المطلبية في سائر ارجاء العراق ، وباينَ الخطاب إزاءها  .
وعلى صعيد العلاقات الخارجية ، تقليديا تمثل السياسة الخارجية للدول مصالحها الوطنية ، وتمارس عبر المؤسسات الرسمية المتخصصة . في العراق ، تماهي الدولة مع ايديولوجيا الحزب او الجماعة في إعتماد الرؤى التاريخية المأزومة تخرج الأمور عن سياقاتها الطبيعية . غياب منطق الدولة عن السياسة الخارجية يحفز المعارضة لملأ الفراغ الناشيء ، فالدور البديل تفرضه الاوضاع الشاذة لتقطيع نسيج العلاقة بين المجتمع العراقي وعمقه ، العربي خصوصا ، وهي واحدة من اسباب تنافر الخطابين الرسمي والمعارض ازاء الازمات في علاقات العراق العربية .
الطلاق في الخطاب السياسي اثناء الازمات يعبر عن سعة الهوة القيمية والمعرفية بين أطراف متباينة الرؤى والاهداف : حكومة تعمل على استمرار قبضها على السلطة بأي ثمن ، وقوى وطنية تكافح للإطاحة بمشروع فاسد ، وإقامة دولة مدنية متسامحة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات