18 ديسمبر، 2024 7:45 م

السلطة العراقية الرابعة الفاسدة !

السلطة العراقية الرابعة الفاسدة !

يُصنف الإعلام على أنه السلطة الرابعة في الدولة بعد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وذلك لما له من أهمية وتأثير كبيرين على المجتمع والدولة. فهو يراقب السلطات الأخرى بحرية كاملة. وبإمكانه أن يتحكم في الرأي العام، ويوجه بوصلته نحو الإتجاه الذي يريده. ويلعب دورا مهما في توعية وتنوير وتحفيز المجتمع. وفي هذا الصدد يقول الداعية الأميركي مالكوم إكس: إن “وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوّة، لأنها تتحكّم في عقول الجماهير”.

ومع التطور التكنولوجي الحديث، ظهرت وسائل جديدة مكملة للإعلام التقليدي ، إذ لم تعد السلطة الرابعة مقتصرة على الإذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات، بل أضيف لها الأنترنت ومشتقاتها من مواقع التواصل الإجتماعي ك(الفيسبوك والتويتر و الإنستغرام واليوتيوب…إلخ) والمواقع الإخبارية الإلكترونية، فأصبحت فضاء مفتوحا أمام الجميع. وساهمت في إسقاط بعض الأنظمة والحكومات، و في تنصيب رؤساء دول أيضا ..

إن السلطة الرابعة في العراق ليست أفضل حالا من السلطات الثلاث الأخرى التي نخرها الفساد نخرا، ويتجلى ذلك في الطرح الهزيل والهابط وغير الخلاق الذي تقدمه للمتلقي. والأخطر من كل ذلك بات خطابها الشعبوي يشكل خطرا على السلم الاجتماعي.
لقد لعب المال السياسي(المحلي والإقليمي) الذي ضخ في مضمار الإعلام العراقي (الحزبي والتجاري) دورا محوريا في تأجيج الخطاب التحريضي والمتطرف، الذي انعكس سلبا على حياة المواطنين، والذي ساهم وبشكل كبير في إشعال الحرب الأهلية العراقية المدمرة، التي أحرقت الأخضر واليابس، وراح ضحيتها آلاف الأبرياء.إنه الإعلام البائس الذي وصف الشيعي بالإيراني، والسني بالإرهابي، والكردي بالصهيوني. عمق هذا الخطاب المبتذل، الذي يتميز بالكذب والتدليس، الشرخ بين المكونات العراقية.
وكذلك استطاع المال السياسي شراء ذمم الكثير من الصحفيين العراقيين، الذين يتنقلون بكل رشاقة من مؤسسة لأخرى، وفق مبدأ (نميل حيث رياح المال مالت) ، لاسيما الصحفيين الذين يشرفون على إدارة الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، والجيوش الإلكترونية المتخفية تحت اسماء وهمية أو ما يسمى بالذباب الإلكتروني . هؤلاء لعبوا دورا سلبيا في إشاعة الفوضى والانقسام في المجتمع . وضربوا المبادئ الصحفية والأخلاقية التي يتشدقون بها عرض الحائط.
إن المتابع لبعض نشاطات الإذاعات والصحف والقنوات العراقية؛ سيكتشف أن الخطاب الإعلامي في هذا البلد وصل الى قمة التفاهة، وأصبح أداة لإبتزاز وتسسقيط و تلميع الشخصيات العامة والمؤسسات، وهذا الخطاب يزداد ضراوة كلما اقتربنا من موعد الانتخابات النيابية أو مجالس المحافظات وقبل تشكيل الحكومة.

لقد ابتعدت هذه السلطة عن الموضوعية والمهنية في طرح وتناول القضايا المصيرية التي تمس حياة وأمن المواطن، وتميزت بالفوضى والعشوائية، وهي بحاجة إلى أن توضع لها قوانين رادعة تضبط عملها ودورها وتمنعها من التمادي في التشهير والتحريض والقذف والسب والاهانة وإشاعة الفوضى والكراهية في المجتمع. وتضعها على السكة الصحيحة .
إن هذه السلطة سلاح ذو حدين، إما أن ترفع المجتمع إلى قمة المجد والرقي أو تدفنه تحت الرذيلة والاسفاف . عندما تتخلى هذه السلطة عن دورها الأخلاقي في التعبير عن تطلعات و رأي الجماهير، في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية والثقافية، تصبح أداة فاسدة لتدمير المجتمع. وهذا ما حدث في العراق .