صرح أحد أعضاء مجلس محافظة بغداد عن كتلة الأحرار؛ عن وجود نوايا لإستجواب وإقالة محافظي البصرة وكربلاء، ووزراء التربية والزراعة والصحة؛ في إشارة الى ردود فعل وإستجوابات متبادلة وثارات سياسية، وتعبير عن صراعات تشهدها القوى السياسية عامة والتحالف الوطني خاصة، وأن الخطابات والشعارات تختلف عن الأفعال وردودها.
جاء التصريح بعد إقالة محافظ بغداد؛ على خلفية إستجوابه من كتلة دولة القانون، وتحالف الأخير مع إتحاد القوى للتصويت على الإقالة. لا يعلم أحد؛ في أي باب وتحت أيّ عنوان يمكن إيجاد علاقة إدارية؛ بين إدارات المحافظات التي تسعى لتطبيق القانون 21 لمجالسها، والذي يعطيها الحرية بإدارة نفسها بممثليها، وأن كانت بغداد عاصمة للعراق؛ فلا يوجد ربط إداري مع كربلاء والبصرة، ولا إرتباط إداري مباشر مع الوزارات، ولكن معظم الكتل لم تدع شاردة وواردة؛ إلاّ وإستغلتها للمحاصة؛ ومنها جاء الحكم المسبق على إقالة المحافظ قبل الإستجواب، والرد من كتلة المستجوب؛ بالثأر وإستخدام أعضائها النواب والمحليين للإنتقام ضد مخالفهم.
الإتهام والتبرير جاهز من كلا الطرفين؛ المستوجب يقول إستجواب سياسي، والمُستوجب يقول فساد، والسلطة الرقابية كأنها تحتاج الى رقابة، ولا أحد يقبل الخروج المُشرف والإستقالة، ولا مَنْ يفعل الإستجواب لغرض الإصلاح، والكل يتحدث عن الفساد والفشل والصراعات السياسية والمحاصصة، وكل يتهم الكل بشتى الإتهامات وعرقلة بناء الدولة إلاّ هو، وقبب البرلمان والمحافظات بدل الدور التشريعي الى ساحة تصفيات سياسية ومناكفات.
إن مجالس المحافظات والبرلمان؛ ما هي إلاّ سلطات تشريعية رقابية؛ من واجباتها خدمة المحافظة في الأولى والثاني للدولة بمختلف مكوناتها؛ دون الإنحياز لجمهور الناخبين ورقعتهم الجغرافية، ومثالنا واحد من عدة شواهد للأفعال السياسية، التي لا تترك مجالاً إلا وتحركت بدوافع سياسية، ومعظم الجهات تدافع عن فاسدها وأن غرق بالفساد، وبالمقابل جهات تتهتم الآخر وأن كان مثالاً للنزاهة والإخلاص والعقلية والإستراتيجية، وما الإصلاح والإستجاوبات؛ إلا كمقدمة لصراع إنتخابات سياسية؛ يعملون عليها ليل نهار من يوم رفع صندوق الإقتراع الى وضع ما يليه. كل الافعال السياسية والتشريعية والخدمية خضعت للحسابات السياسية والانتخابية، وتعاونت بعض الأحزاب والكتل على فسادها وأنصر أخاك ظالماً، ولا تُناصر مظلوماً!!
الإستجوبات والرقابة والإقالات؛ أفعال دستورية لا نقاش فيها؛ إلاّ أنها أنحرفت عن سياقتها الدستورية والوطنية، وما زاد طينها بلة سوى ذلك الإعلام والساسة السطحين، الّذين إعتقدوا أن الخلافات وصلت الى كسر العظم عندما بلغت الى مجالس المحافظات بين كتل بعينها، وهذا ما ولد ردود فعل معاكسة لأطراف بنفس التفكير، وبدأت الأطراف السياسية تحصد أخضر غيرها، ولا تشعر بقيمة الواجبات الرقابية والتشريعية، وتخدم مواطنيها بتجردها من الحزبية، وها هي بعضها تبحث في بعض عن مناطق رخوة للإطاحة بالآخر، ولكن الغرابة أن تجد عضو في مجلس محافظة او مجلس نواب متورط بفساد ومهمته رقابتة، وجعل من واجبه أداة للإبتزاز كما فعلها بعض البرلمانيين، وبهذا نقول أن السلطة الرقابية تحتاج الى رقابة والرقابة الى رقابة والى ما لا نهاية…!!