سواء صح ام لا خبر انسحاب القوات العسكرية التركية الغازية من بعشيقة واغلب الظن ان الخبر عار عن الصحة فقد يكون مجرد اعلانه من قبل الاتراك وحلفائهم في حكومة الاقليم البرزاني هو محاولة لامتصاص زخم السخط الحكومي والشعبي الذي تجلى في بعض القرارات التي صدرت عن الحكومات المركزية والمحلية في محافظات الجنوب والوسط بالإضافة الى سيل المظاهرات الشعبية التي انطلقت للاحتجاج على الغزو التركي والتي ماجت بجموعها ساحة التحرير في بغداد وباقي المحافظات .
لا يمكن ان نلوم السلطان العثماني على رعونته لأن ليس على السفيه من حرج ، السلطان العثماني وحريمه في حزبه السلفي الارهابي عندما يقدم على غزو الاراضي العراقية فهو يحاول ايصال رسالة او مجموعة من الرسائل الى خصومه وحلفائه العرب والاخرين بأنه فرس الرهان في الحضيرة الامريكية في المنطقة وانه عريف حفلتها التنكرية استعداد لكرنفالها الشيطاني (مشروع الشرق الاوسط الكبير).
اردوغان ليس بحاجة الى ابراز عضلاته على العراق حكومة وشعب لأنه يدرك جيداً ان ذئابه وثعالبه وكلابه وجرائه في الشمال والغرب في داخل العراق ومن يشاركه في طائفيته المتطرفة من دول البترول كافية لأشغال العراقيين في أتون الحرب الاستنزافية التي لا زالت نيرانها المستعرة تهلك الحرث والنسل في جمهورية الموت والفساد ، وسلطان ال عثمان بحاجة ليس فقط الى قرصة اذن من العراقيين وانما الى جزمة متهرئة يابسة تليق بوجهه الصلف ورشات بصاق من افواه ارامل واطفال العراق الذين تعرضوا لليتم بسبب مرتزقة اردوغان وامريكا والسعودية وقطر عسى ان تغسل دماغه العثماني .
الحراك الاردوغاني العثماني العسكري الاخير في الموصل جاء ليؤكد أن نظرية المؤامرة لما حصل ويحصل في العراق ليست محض اوهام وخيالات المفجوعين والمستلبين فقط وانما هي مشروع ومخطط شيطاني جاري على قدم وساق لتحقيق مشروع تقسيم العراق ولا يوجد ارضا خصبة لهذا المشروع افضل من شمال العراق الضائع بين الاستبداد البرزاني والاحتلال الداعشي ولا يوجد أفضل من الاجندة الحاكمة في كردستان لتسهيل تحقيق مشروع التقسيم وليس هناك افضل من استثمار هذه الفرصة الزمنية التاريخية لوضع اللبنة الاساسية لدويلات مشروع الشرق الاوسط الكبير القومية والطائفية .
وفي العراق كانت ردود افعال المكونات والكتل السياسية يعكس توجهاتها اولا من مشروع تقسيم العراق وثانيا من التبعية للسلطان اردوغان ، لذلك شهد الموقف الكردي والسني انقساما واضحا في التعامل مع التدخل التركي ، فعلى صعيد الموقف الكردي فأن الشركاء (المهمشين) في سلطة كردستان بالاتحاد الكردستاني والتغيير عبروا عن رفضهم القاطع وتنديدهم الشديد له وذلك لانهم يدركون جيداً مغزى التحالف ( الاردوغاني- البرزاني) والذي هو موجه بالأصل لترسيخ تسلط العائلة الحاكمة للإقليم والمتحكمة عمليا بقدراته وسياساته الداخلية والخارجية، اما المكون السني فان الانقسام الحاد بالمواقف بدا واضحا بين النواب الذين يمثلون الاجندة السعودية والتركية وبين النواب الوطنيين والذي يعبر عن التقاطع في الرؤى للعملية السياسية برمتها والولاء للوطن ثانيا .
يجب ان يكون رد الفعل الحكومي ازاء التوغل التركي أكبر من رفع القضية الى مجلس الامن او الشجب والاستنكار فأن مثل هذه الاعتداءات سوف تتكرر من جيران السوء وربما يتجرأ رعاة البعران في دول البترول غداً على التوغل أيضا في الاراضي العراقية وقضم بعض المناطق الحدودية تحت حجج وذرائع لا تقل قبحاً عن مبررات حاكم تركيا ولذلك على الحكومة العراقية ان لا تكون ضعيفة ومترددة في قراراتها وإجراءاتها إزاء التدخلات والاحتلالات (العثمانية الاخوانية ) ، ويجب مواجهة التزمت التركي واستهتاره من خلال إيجاد وسائل ضغط ناجعة وفاعلة ضد تصرفات حكومة أردوغان الصبيانية ومن تلك الإجراءات على سبيل المثال هي إيقاف تصدير النفط إلى تركيا وسحب السفير من أنقرة ومنع دخول البضائع التركية إلى العراق وطرد الشركات العاملة في الأراضي العراقية لكي لا يتجرأ السلطاني اردوغان العثماني على شفط واستباحة البلاد .