23 ديسمبر، 2024 5:41 م

السلطان سعدون المعظم !!

السلطان سعدون المعظم !!

يبدو ان المسلسل التركي ” حريم السلطان ” الذي عرض ولازال يعرض باجزائه الكثيرة والتي اعتقدت بانها لن تنتهي ابدا !! قد اثر بشكل كبير في نفوس العراقيين وبمختلف طبقاتهم سوى كانوا مثقفين او بسطاء , فسعدون بائع الخضروات القريب من محل سكناي متابع دقيق لاحداث هذا المسلسل الرائع , فعند شرائي بعض الخضار والفواكه من سعدون اسمعه كثيار وهو يصف لاصدقائه عشقه لهذا المسلسل وهو يعيش في منزله بطريقة السلطان سليمان القانوني قائد الامبراطورية العثمانية قديما وبطل المسلسل فسعدون متزوج من امراتان يطلق عليهما اسم  ” الجواري ” !! فيقول انها نساء يعملن قصار جهدن لاسعادي تماما كسلطان !! وهو يملك المال الكثير فهو سيد بيته اذن !! انها فلسفة سعدون بائع الخضروات في العراق وانا أكن له كل الاحترام ولعمله ايضا الذي يدر عليه المال الحلال فهو افضل بكثير ممن يكسبون اليوم في العراق المال بطرق متعددة وكثيرة تحمل في مصادرها علامة الاستفهام ؟؟ سعدون لم يقف طموحه حول بيته فقط ولكنه استمر بلحديث في كل مرة اشتري منه ,  فحدثني قبل ايام انه يتمنى ويحلم ان يكون ملك وسلطان حقيقي يحكم العراق ويخلصه من براثن اللصوص على حد تعبيرسعدون ! فقلت له هل تريد ان تحكم البلاد لكي تتمتع بثروة البلاد في حياتك الشخصية فقط ؟ فاجابني بجواب لم اكن اتوقعه منه مطلقا فقال لي : لا يااستاذ اني اريد ان احكم البلاد لانني عادل ! قلت له متعجبا : كيف علمت انك عادل قبل ان تخوض غمار الحكم ؟ قال : انني لاافرق بين احد من زبائني  عند اقبالهم على الشراء مني فانا لأسمح لهم بتقليب بضاعتي بايديهم على عكس غيري من الباعة الذين يسحون بذلك والسبب هو ليس الخوف على بضاعتي من التلف ولكن هو الخوف على زبائني من تناقل الامراض عن طريق اللمس المتكرر !!!! وكذلك اني لااتعامل مع زبائني بمنظور طائفي على عكس البعض الذين يقاطعون البيع مع من ليسوا من طائفتهم ؟؟ توقفت لحظات وزاد اهتمامي لحديثه المشوق , وقلت له استمر بلحديث ياسلطان .. ضحك وقال اني اغسل فواكهي وخضاري بلتساوي ولاانسى احد منها مطلقا وبشكل عادل , كما اني فتحت صندوق خاص بلوقف لسيد الشهداء الامام الحسين ( عليه السلام)  انفقها في اتجاهين الاول في خدمة المواكب والزوار والنصف الثاني لمساعدة امراة مسنة لاتمتلك في هذه الحياة غير الله من معين وكذلك على بنت صغيرة تعاني من اعاقة ولادية  , كما انني اوزع الحلوى في المناسبات الدينية والاجتماعية لدعم الفرحة والابتسامة لابنائي واهلي واصدقائي , واقدم الحاجة لمن يحتاجها مطلقا في حالات الفرح كالاعراس والحزن كالفواتح .. وان الجميع يحترمني ويهابني لكرم اخلاقي وبشاشة وجهي التي استقبل فيها زبائني دائما !! تأملت كثيرا فيما قاله  سعدون بائع الخضروات البسيط بعد مغادرتي محله الكبير المشبع بالانارة والتي كان سببها حسب لسان سعدون انني اوفر الكهرباء القوية التي يحتاجها زبائني عند الشراء مني !   تأكدت وانا اتذكر كلامته ان الجهور الثقافي العراقي بدء بلصعود والانتشار عن السنوات المظلمة الماضية كثيرا فنفس سعدون العادلة كانت حاضرة مع حبه وتأثره بسلطان سليمان الذي حكم بلاد العثمانين قبل حقبة من الزمان , فقلت لنفسي لماذا لايتعلم السياسي العراقي من اخلاق سعدون وتعامله مع زبائنه , فتخيلوا ان المسؤول العراقي اليوم يحمل في ثناياه روح البائع سعدون البريئة والخفيفة الظل على الرغم من انه بلكاد يجيد القراءة والكتابة يعامل فئات شعبه المتعددة كما يتعامل سعدون مع زبائنه ويوفر لنا صندوق للحاجة ينفقه في سد احتياجات الناس بدلا من يسرق ذلك الصندوق ولانعلم الا اين ذهب !! ويوفر الكهرباء اللازمة لحياتنا , اذن مايحصل اليوم في العراق هو تنافر ثقافي خلقي ليس الا يحدث بين السياسين العراقيين الذين فقدوا حب الوطن للاسف وابتعدوا بعيدا عن واجبات كراسيهم متناسين حكم وعاقبة الله سبحانة وتعالى عما يقدمون للشعب العراقي.. ان معظمهم لايفكرون بهذا الشعب مطلقا والبعض الاخر يظن انه ليس من واجبه سد احتياجات الناس او حمايتهم من مخاطر الحياة !! فهم سياسيون عجباء ومحيرين جدا , ان الروح العراقية البسيطة  قد ظهرت بوجه السلطان سعدون المعظم !! ذلك المواطن العراقي الرائع الذي لايحلم الا بتحقيق سعادة شعبه المفقودة مع الاسف , ان تحليل الشخصي لنفسية سعدون المواطن العراقي البسيط هي ليس الا قرائه واضحة لمامر به العراق من ويلات وانتكاسات منذ قديم الزمان ولغاية الان على الرغم من قيام اعظم الحضارات فيه  التي دفعت  الى تراكم انواع الاحتلال على ارض هذا الشعب  فكانت حافزا لانفتاح احلام الناس بوطن امن وقائد مثالي  فظهرت الحاجة من شرحية البسطاء الى رجل الدولة المثاليو ورجل التاريخ من الذين حكموا ارض ما وارسوا تاريخا عريقا فيه لامتهم ولشعبهم اصبحت في ايامنا هذه من اجمل الروايات والقصص..